سيطرت الحيرة على ذهن منيرة (36 سنة)، وهي تفتح خزانة ملابسها، صارت تقلب الفستان، تلو الفستان، ولكنها رفضت كل ما لديها من فساتين، فمناسبة زفاف أحد أقاربها التي ستحضرها بعد أشهر في مدينة الرياض، تضم شخصيات نسائية «متميزة وراقية». وعلى رغم أنها لا تعرف معظم الحاضرات في حفلة الزفاف، إلا أنها تخشى أن «ترتدي إحدى الحاضرات ملابس شبيهة لملابسها». وبعد زيارات متكررة لأسواق المنامة، قررت شد رحالها إلى عاصمة الموضة، بيروت، علها تجد هناك فستاناً، لا تشك، ولو بنسبة واحد في المئة، أن سيدة أخرى سترتدي شبيهاً له، في حفلة قريبها. وتنفي منيرة، تهمة توجه إلى النساء، بأنهن لا يعجبهن ما يُعرض في الأسواق المحلية، ويفضلن التبضع من الخارج من أجل التباهي. وتقول: «تضم أسواق مدينة الخبر أرقى المحال التجارية، التي تبيع ماركات عالمية، حتى إن بعض ما يباع هنا يتزامن عرضه مع نزول البضاعة في أسواق أوروبية وعربية بارزة»، مستدركة «أخشى أن ترتدي سيدة أخرى فستاناً شبيهاً بما أرتديه، وحينها سأضطر إلى الانسحاب من المناسبة بهدوء». واعتبرت ما يعرض في مجمعات البحرين، «في متناول نساء المنطقة الشرقية، بحكم قرب المسافة، لذا فضلت السفر إلى بيروت، لجلب فستان لن ترتديه غيرها في الحفلة». وتعترف إحدى سيدات الأعمال، أن لديها الاستعداد لتذهب إلى دولة أوروبية، أو عربية، «لأشتري فستاناً، أو قطعة ملابس مميزة، لمناسبة مميزة أيضاً، مهما بلغ سعرها، فهذا أفضل من أتعرض لإحراج نتيجة تشابه فستاني مع مدعوة أخرى، ما يسبب لي توتراً يفسد فرحة المناسبة»، مبينة أن هذا الأمر «وارد، وغير مستبعد، خصوصاً أن السعوديات، بطبعهن، يبحثن عن كل ما هو متميز، والأقوى تبحث عن الأميز والفريد، فربما لا يعني لي قيمة التصميم أو موديل الفستان، بقدر ما أشعر بالسعادة عندما أرتدي شيئاً لا يشبه ملابس سيدة أخرى». «رب ضارة نافعة»، بهذه العبارة بدأت مصممة الأزياء السعودية حنان العبد القادر، حديثها، قائلة: «بدأت السعوديات البحث عن قطعة فريدة وحيدة، حتى لو كانت عادية، وذات تصميم بسيط، ولكن خوفهن من تشابه الأزياء في المناسبات تحول إلى هاجس يؤرقهن»، مبينة أن هذا الشعور «متوافق مع طبيعة المرأة، التي تبحث عن الانفراد، لتكون مميزة دوماً، خصوصاً النساء اللائي يتابعن عالم الأزياء والجمال، ويتعطشن لكل ما هو جديد». وأشارت حنان، إلى أن «نساء كثيرات يدفعن مبالغ مضاعفة لسعر الفستان الواحد، مقابل ألا أقوم بتصميمه لزبونة أخرى. وهذا أصبح ضمن الاشتراطات في عملية التفصيل والتصميم. وأنا كمصممة أحترم رغبات الزبائن، وألتزم بالشرط، بمقابل، ما يقلل من عناء السفر إلى الخارج، ويقلص حجم المصاريف في حال طلب فستان من مصمم خارج السعودية». وأشارت العبد القادر، إلى أن «جنون التميز وخوف التشابه من الملابس في المناسبة، خصوصاً في المناسبات ذات الطابع الراقي، قد يصل إلى ما هو أبعد من هذا التفكير، فإحدى السيدات، طلبت مني أن أدلها على مصممة مجوهرات تقوم بتصميم قطع فريدة، لا تتوافر في السوق المحلية، خوفاً من ارتداء سيدة أخرى قطعاً شبيهة بالقطع التي سترتديها في المناسبة»، مضيفة أن «هذا الهوس وصل إلى حد المجوهرات، فما بالكم في الملابس؟». وأشارت إلى أن «المرأة تشعر بالقهر في حال رأت امرأة أخرى ترتدي عباءة تشبه عباءتها، على سبيل المثال».