التأمت الحكومة الأمنية المصغرة في إسرائيل مساء أمس لبحث التطورات الحاصلة في الحرب على قطاع غزة والاتصالات الدولية المكثفة للتوصل إلى وقف للنار، وليس آخرها الاجتماعات التي عقدها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مع وزيري الخارجية الأميركية جون كيري والبريطانية فيليب هاموند مع وصولهما إلى تل أبيب أمس. واستبعدت أوساط سياسية رفيعة أن تثمر الجهود اتفاقاً قبل نهاية الأسبوع، فيما رأى معلقون أن سدنة الحكومة والجيش لن يوقفوا الحرب قبل الحصول على «إنجاز عسكري ملموس» يقدمونه للإسرائيليين في وقت تسجل «حماس» إنجازات، آخرها نجاحها في إغلاق سماء إسرائيل أمام الطيران، ما اعتبرته الإذاعة العامة «ذا بعد استراتيجي كبير». وكان كيري قال مع بداية لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن ثمة خطوات تحققت نحو وقف النار، لكن تبقى لنا عمل كثير». وهددت وزيرة القضاء تسيبي ليفني حركة «حماس» وسائر الفصائل الفلسطينية بأنها في حال لم تتوقف عن إمطار إسرائيل بالصواريخ، «يمكن أن نبدأ بعملية عسكرية متدحرجة تهدف إلى تجريد هذه الفصائل من سلاحها». وأضافت للإذاعة العامة أن العملية العسكرية تتمحور الآن في معالجة «التهديد الفوري الحقيقي» المتمثل في الأنفاق الهجومية. وأردفت أن ثمة تفهماً دولياً بوجوب إضعاف «حماس» عسكرياً وسياسياً. ورفضت الاتهامات لإسرائيل بارتكابها جرائم حرب في القطاع، وقالت إن إسرائيل «تتصرف طبقاً للقانون الدولي ومبادئ الأخلاق، ولن تمنعها مداولات المؤسسة الأممية لحقوق الإنسان في جنيف من أن تواصل معركتها». وحذرت دول العالم من أن أي تعاون مع هذه «الهيئة المعادية لإسرائيل» سيمس باحتمالات التوصل إلى وقف للنار. كما أبدت تحفظها عن قرار سلطات الطيران الأميركية والأوروبية وقف رحلات طائراتها إلى المطار الدولي في اللد، شرق تل أبيب ووصفت القرار ب «غير المعقول». وكانت شركة الخطوط الجوية التركية والخطوط الجوية الأردنية قررتا أمس تعليق رحلاتهما من إسرائيل وإليها غداة إعلان مماثل من كبريات الشركات الأميركية الشمالية والأوروبية. كما أعلنت كل من شركة «لوفتهانزا» الألمانية وشركة «إيزي جيت» البريطانية تعليق رحلاتهما لمدة 24 ساعة، علماً أن شركة «بريتيش آرويز» رفضت وقف طيرانها إلى إسرائيل. ولمواجهة ذلك، أعلنت إسرائيل فتح مطار «عوفدا» جنوب البلاد، بينما زادت شركة «العال» الإسرائيلية عدد رحلاتها، علماً أن حوالى 80 رحلة ألغيت منذ مساء الثلثاء، في وقت أكدت الدولة العبرية أنها تستخدم «كل الوسائل لحماية أجوائها». ورأى المعلق العسكري في «هآرتس» عاموس هائيل إنه على رغم أن إسرائيل تجد في المبادرتين الأميركية والأممية ما يرضيها، إلا أنها لا تتسرع في الإعلان عن موافقتها بداعي أن على «حماس» أن تعلن هي أولاً قبولها، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي يعود إلى «الإشكالية السياسية» التي يواجهها نتانياهو على الصعيد الداخلي وهو يرى أن الجمهور الإسرائيلي، على رغم مقتل 29 جندياً، ما زال يؤيد مواصلة الحرب. وزاد أنه حيال موقف القيادة العسكرية التي ترى أنها في حاجة إلى أيام معدودة لضرب كل الأنفاق، أو لأسبوعين لمعالجتها جذرياً، فإن نتانياهو يخشى وقف الحرب «من دون أن يكون بين يديه إنجاز عسكري ملموس»، خصوصاً بعد أن نجحت حماس في التسلل إلى إسرائيل مرتين عبر الأنفاق، وحيال الخسائر في الأرواح التي تكبدها الجيش في مواجهة عناصرها وفي المعركة الشرسة في حي الشجاعية. وأشار المعلق إلى أن الحكومة «لا يمكنها أن تتجاهل الخسائر الأخرى في المعركة، مثل وقف الطيران الدولي إلى إسرائيل، ومواصلة تعرض وسط الدولة إلى قصف متتالٍ منذ أسبوعين». وتابع أن على القيادة العسكرية أن تقوم هي الأخرى بجهد مضاعف: «وأن تنتصر على حماس في المواجهة العسكرية، وأن تقنع الجمهور الإسرائيلي بأنها اتخذت كل القرارات الصحيحة». وكتب المعلق السياسي في «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر كلاماً مماثلاً وأضاف أن «لا حسم بلا حسم»، وأن أي نتيجة أخرى، وإنهاء أيام الحرب التي جبت من إسرائيل ثمناً دموياً، ستعني أنه لم يكن جديراً الانجرار وراءها. واعتبر أن «محاولات خطب ود حماس ولهاث زعماء العالم لإقناعها بوقف النار، سخيفة ومهينة لنا». وطغى قرار الشركات الأميركية والأوروبية وقف رحلاتها الجوية إلى تل أبيب على عناوين وسائل الإعلام أمس. وافتتحت الإذاعة الرسمية برنامجها الإخباري بهذه الكلمات: «كيري وصل إلى تل أبيب في محاولة لوقف النار، لكن لا يبدو أن ذلك سيتحقق في القريب... اليوم الأخير علامة فارقة جديدة وبالغة الأهمية والإشكال. السماء فوق إسرائيل أغلقت تماماً أمام الطائرات وبقيت مفتوحة للصواريخ... على مطار بن غوريون الدولي فُرض الإغلاق... وفضلاً عن البعد الاقتصادي والسياحي لهذا الحدث، هناك البعد الاستراتيجي الواضح: حماس نجحت في إغلاق سماء إسرائيل». واستبعدت وسائل الإعلام أن يتعافى المجال السياحي من آثار الحرب في الأشهر القريبة في أعقاب إلغاء آلاف الحجوزات في الفنادق الإسرائيلية. كما أشارت إلى تضرر عدد من المجالات الأخرى، مثل الصناعة والتجارة والإعلام وغيرها، بمئات ملايين الدولارات من نتائج الحرب.