تسارعت الجهود الدولية والعربية أمس لإنجاز وقف لإطلاق النار في قطاع غزة الذي واصلت الطائرات والمدفعية والزوارق الحربية الإسرائيلية دكه بالحمم المتفجرة، فيما ردت فصائل المقاومة بقصف المستوطنات الإسرائيلية القريبة بالصواريخ التي وصل بعضها إلى مناطق بعيدة في جنوب الدولة العبرية والى مقربة من مطار تل ابيب. (للمزيد) وكان واضحاً منذ الصباح أن الإسرائيليين لا يبدون راغبين في إنجاز وقف فوري للنار بعد الخسائر الكبيرة التي مُنيوا بها وتمثلت بمقتل 27 من ضباطهم وجنودهم. إذ أفيد أن تل أبيب تريد تأجيل وقف الحرب ل «يومين أو ثلاثة» في انتظار تمكّن جيشها من تدمير أنفاق يستخدمها الفلسطينيون لشن هجمات وعمليات تسلل تستهدف مستوطنات قريبة من الحدود مع قطاع غزة. وعبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نفسه عن موقف متشدد حيال وقف النار، إذ قارن خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بين حركة «حماس» وتنظيم «القاعدة» قائلاً إن الأولى «تشبه» الثاني ويجب أن تُعامل على هذا الأساس، بوصفها جماعة إرهابية، مشيراً إلى أن «حماس» هي من رفض في البداية مبادرة وقف النار التي قدمها الجانب المصري. وشهدت القاهرة بدورها أمس نشاطاً مكثفاً تمحور حول مبادرتها في شأن غزة. إذ أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي محادثات مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي جدد عقب المحادثات تأييد بلاده للمبادرة المصرية، داعياً «حماس» إلى السير بها. وقال: «على رغم انه لا يزال أمامنا عمل يتعين القيام به، إلا أن من الواضح لكل طرف أن هناك إطاراً متاحاً لإنهاء العنف، وهذا الإطار هو المبادرة المصرية». وقال قيادي بارز في «حماس» ل «الحياة» أمس إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طرح، من خلال الصليب الأحمر، «تهدئة إنسانية» لمدة 5 ساعات تم التوافق عليها بين قوى المقاومة في غزة، موضحاً أنه «تم القبول بها فقط من أجل إسعاف الجرحى وانتشال جثامين الشهداء وتسهيل حركة السكان في القطاع، لكن إسرائيل رفضتها». وأقر بأن إسرائيل «سبق أن طرحت الأسبوع الماضي من خلال الصليب الأحمر تهدئة لمدة خمسة أيام كمخرج لها ومقدمة لوقف إطلاق النار، لكننا رفضناها». وأضاف: «نحن نصر على مطالبنا وطرحناها على المصريين كرزمة واحدة مقابل وقف إطلاق النار، لكنهم أبلغونا: وافقوا أولاً على وقف النار وبعد ذلك نبحث في مطالبكم»، معرباً عن أسفه لأن «جوهر التحركات الدوليه الراهنة تصب لمصلحة إسرائيل». لكنه قال: «لا توجد هدايا مجانية... نتوقع أن تبادر إسرائيل قريباً إلى طلب تهدئة تستجيب مطالب المقاومة». وفيما نقلت وكالة «رويترز» عن عزام الأحمد القيادي في حركة «فتح» قوله للصحافيين في القاهرة إن «القيادة الفلسطينية برئاسة محود عباس قدمت اقتراحاً جديداً في إطار المبادرة المصرية بأن يتم وقف إطلاق النار وفور تنفيذه تبدأ مفاوضات تستمر خمسة أيام.» كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية أن وفداً يضم رئيس جهاز الاستخبارات «شاباك» وضباط إسرائيليين يستعد للتوجه إلى مصر للبحث في وقف النار، مشيرة إلى أن إسرائيل مستعدة لتقديم تسهيلات في شأن المعابر. وفي نيويورك، أبلغ الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون مجلس الأمن في لقاء بالفيديو من رام الله التي وصلها للقاء الرئيس محمود عباس أمس، إنه «يأمل ويعتقد» أن مهمته في الشرق الأوسط ستؤدي إلى وقف القتال بين «حماس» وإسرائيل «في المستقبل القريب جداً». واعتبر أن التوصل إلى وقف إطلاق النار «أمر أساسي ولكن من دون معالجة القضايا الأعمق لن نحل المشكلة أبداً بل سنؤجلها إلى وقت لاحق». واضاف «إن تُرك الناس لليأس والاحتلال فإن المشكلات لن تختفي بل ستكبر». وأكد دعمه «المبادرة المصرية على أساس تفاهمات وقف إطلاق النار للعام 2012، وهي المبادرة التي يؤيدها الرئيس عباس والجامعة العربية». ودعا حركة «حماس» إلى الاستجابة للمبادرة المصرية «وكل من له تأثير عليها الى الحض على تحرّك بناء». ودان «إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل كما أعرب عن القلق البالغ من الرد الإسرائيلي الثقيل» على المناطق المدنية في غزة. وقال إن نحو 100 ألف فلسطيني لجأوا الى مراكز الأممالمتحدة في قطاع غزة وإن نحو 33 مركزاً لوكالة الأونروا أقفلت بسبب تعرضها للقصف فيما تضرر 77 مركزاً آخر. واعتبر أن بعض المنشآت التابعة للأونروا «يُستخدم لخزن الأسلحة وهو أمر غير مقبول». وقال بان إنه سيواصل جولته في المنطقة لتشمل الأردن والسعودية. واستعد الأردن، العضو العربي في مجلس الأمن، لتوزيع مشروع قرار أعدته البعثة الفلسطينية في الأممالمتحدة «يدين العنف والأعمال العسكرية التي تستهدف المدنيين وكل الأعمال الإرهابية». ويدعو مشروع القرار الى «وقف فوري لإطلاق النار ليكون دائماً ويحترم بالكامل بما في ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة»، كما «يرحب بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار ويحض كل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لدعم هذه الجهود نحو الوصول الى التهدئة». ودعا السفير الفلسطيني رياض منصور مجلس الأمن الى «تحمل مسؤولياته والضغط على إسرائيل لوقف عدوانها الهمجي ضد الشعب الفلسطيني». وأبلغ المجلس أن حصيلة الضحايا تجاوزت 600 قتيل بينهم أفراد عائلات بأكملها. واتهم نائب السفير الإسرائيلي دايفد روت «حماس» باستخدام المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية. وقال إن إسرائيل وافقت 3 مرات على وقف لإطلاق النار لكن حماس «هي من رفضه لأنها تريد مواصلة الحرب». وقالت السفيرة الأميركية سامنثا باور إن بلادها «تعمل على التوصل الى وقف لإطلاق النار بناء على تفاهمات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل لعام 2012». وقالت إن الولاياتالمتحدة «تدرك حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، مشيرة الى أن «2000 صاروخ أطلقت على إسرائيل منذ اندلاع النزاع الحالي». وأضافت أن «على كل الأطراف احترام القانون الدولي وعدم استهداف المنشآت المدنية أو استخدامها لأغراض عسكرية». وأكدت باور دعم الولاياتالمتحدة للمبادرة المصرية. ودعا الأردن مجلس الأمن الى «النهوض بمسؤولياته والعمل على وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم فوراً». وفي تطور لافت، أعلنت معظم شركات الطيران الأميركية وقف رحلاتها إلى إسرائيل أمس بعد سقوط صاروخ قرب مطار بن غوريون خارج تل أبيب. وقالت الشركات الأميركية الثلاث التي تسيّر رحلات إلى الدولة العبرية وهي «دلتا» و «يونايتد» و «يو أس إيروايز»، إنها أوقفت رحلاتها موقتاً. وجاء ذلك في أعقاب إبلاغ إدارة الطيران المدني الأميركية شركات الطيران بعدم السفر إلى تل أبيب لمدة 24 ساعة. ولاحظت صحيفة «نيويورك تايمز» أن تجميد الرحلات يعكس تأثير الحرب الدائرة في غزة على الاقتصاد الإسرائيلي في ذروة موسم السياحية الصيفية. وحذا بعض شركات الطيران الأوروبية حذو الأميركية، وعلّق رحلاته إلى إسرائيل.