في رمضان «أشعر بورع ديني سواء على الصعيد الفردي أم الجماعي ومجهود روحي في الصوم خلال النهار»، هذا ما قاله السفير الفرنسي برتران بزانسنو عن رمضان من خلال الأعوام التي يقضيها في الرياض سفيراً لبلاده، مشيراً إلى أنه لم يجرب الصيام. وأكد بزانسنو في حوار أجرته «الحياة» معه في موقع السفارة الفرنسية بالرياض «أنه يحترم الأنظمة السعودية التي تمنع غير المسلمين من زيارة المواقع المقدسة»، ويقر بأنه يرغب في زيارتها لاسيما وأنه لا يتسنى له معرفة الأماكن المقدسة إلا من خلال التقارير أو أصدقائه المسلمين، منوهاً بأن السلطات السعودية ستجد حلاً في هذا الشأن يحترم معتقدات الجميع. وقال إنه «في كافّة العصور، قام البعض باستخدام الدين لصالح غايات أخرى غير خدمة الله، أو للاستيلاء على السلطة مثلاً»، لافتاً إلى أن الدين عندما يقترن بالعقل، ينير الشعوب، بينما يظلم عقول البشر ويجرّ إلى التعصّب عندما يستخدم لخدمة الجهل والخرافات. وإلى نص الحوار: رمضان مناسبة مميزة لدى المسلمين... ما الذي لفت نظرك فيها؟ - أشعر أوّلاً بورع ديني سواء على الصعيد الفردي أم الجماعي، إضافة إلى تشارك روحي في مجهود الصوم خلال النهار ومشاركة احتفالية في وجبات الطعام خلال الليل. الصيام موجود في ثقافات شعوب كثيرة، فهل تحدثونا عن طقوس الصيام في فرنسا، سواء لدى المسلمين أم غيرهم من الديانات الأخرى؟ - إن صيام المسلمين في فرنسا مماثل لصيامهم في السعودية، فهو يتكوّن من الفرح والتقوى، ويمثّل كل عام أيضاً فرصة لغير المسلمين لاكتشاف هذا الركن من الإسلام، فيما يصوم المسيحيّون أيضاً قبل عيد الفصح. يصف بعض المنظرين العصر الراهن، بأنه عصر «الرجعية الدينية»، فمتى يكون التدين عامل إشراق للبشرية، ومتى العكس في اعتقادكم؟ - في العصور كافّة، قام البعض باستخدام الدين لصالح غايات أخرى في غير خدمة الله، للاستيلاء على السلطة مثلاً، إلا أنه عندما يقترن بالعقل، ينير الشعوب، بينما يظلم عقول البشر ويجرّ إلى التعصّب عندما يستخدم لخدمة الجهل والخرافات. في بعض الدول هنالك ما يسمى الدبلوماسية الثقافية... فكيف ترون أهمية رمضان في هذا الجانب كسياسيين؟ - أشارك يومياً في ولائم إفطار، وتشكّل فرصة للمشاركة في حدث رئيس في حياة السعوديين، كما هي فرصة للقاء العديد من الأشخاص، وهذا مهمّ جداً بالنسبة إلى سفير. بما أنك سفير لفرنسا في الدولة التي تضم «قبلة المسلمين» كافة، هل جربت أن تصوم مرة أو تنوي ذلك؟ - شخصياً، أنا مسيحي كاثوليكي وأحاول قدر الإمكان تطبيق تعاليم المسيحية والعمل على أن أكون مسيحياً مؤمناً بجدارة، ما يشكّل فعلاً برنامجاً طموحاً يشغلني بما فيه الكفاية. تمنع الأنظمة السعودية زيارة غير المسلمين البقاع المقدسة استناداً إلى نصوص دينية، فهل دعاك الفضول أو الشغف إلى زيارتها، وكيف يمكن تعويض ذلك؟ -إنني أحترم من دون أي شكّ الأنظمة السعودية في هذا المجال ومع ذلك، عليّ أن أقرّ بأنني أحببت زيارة هذه الأماكن التي لا يتسنّى لي معرفتها إلا من خلال التقارير أو ما يخبرني به أصدقائي المسلمين، ربما ستجد السلطات السعودية في يوم ما حلاً يحترم معتقدات الجميع. تضم السعودية كماً هائلاً من التنوع الثقافي والبشري، بسبب تعدد ثقافات مناطقها واستقطابها لملايين العمال من خارجها... ما الذي استوقفك في هذا المجال؟ - يستوقفني التنوع في حدّ ذاته سواء إن كان على الصعيد الثقافي، أم اللغوي أم الديني، إنه لثروة حقيقية بالنسبة إلى المملكة وإلى سكانها، وينمّ ذلك عن إثراء متبادل ويعزز التسامح. المرأة في السعودية تثير كثيراً من الجدل في الداخل والخارج... كيف وجدتها أنت مقارنة بما كنت تسمع في الخارج؟ - أبهرتني السعوديات اللاتي التقيتهن (مهما كان مجال نشاطهن الأبحاث، الأعمال...)، بديناميكيتهن، وذكائهن وانهماكهن في مهامهن، وأرحب أيضاً بالإصلاحات التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، والتي تتيح لهن فرصة كسب مكانة أكبر فأكبر في المجتمع، وأذكر هنا إمكان الوصول إلى سوق العمل أو المشاركة في مجلس الشورى مثلاً. لدى السعوديين رغبة كبيرة في السفر للخارج... حدثنا عن أطرف التجارب للباحثين عن التأشيرات لديكم؟ - تشكّل فرنسا إحدى الوجهات المفضّلة لدى السعوديين، فتكثر طلبات التأشيرات جراء ذلك في شكل ملاحظ، وأننا نحسّن في طريقة معالجة الطلبات التي يتزايد عددها في شكل مستمرّ، ويمكن اليوم تقديم الطلبات في الرياض وجدّة والخبر، وأني على يقين بأن السعوديين راضين في شكل عام عن ظروف وفترات الانتظار للحصول على التأشيرات. وجميع القصص الطريفة التي يمكن أن أرويها تتعلق بحالات «الطوارئ»، وبما أنه متعارف على أعياد التقويم الهجري وعلى فترات العطلة في الصيف، فمن السهل تقديم طلب التأشيرة بطريقة باكرة قليلاً، ما يجنب توتراً لا داعي له. كثير من القراء لا يعرفون ماذا يعني أن يكون المرء دبلوماسياً، ماذا تود أن تقول؟ - إنني موجود في السعودية منذ سبعة أعوام لخدمة التعاون بين فرنسا والمملكة، وهذا ما يشكّل مهامّ الدبلوماسي في المقام الأوّل هنا، ومن الواضح أنني أتمتّع بالحريّة الكاملة للقيام بمهامي، وسعيد جدّاً ببدء عامي الثامن كسفير لفرنسا في المملكة لخدمة الصداقة بين بلدينا. بعض المحافظين في السعودية يعاتبون الذين يزورون السفارات الأجنبية لأسباب مختلفة، فهل بالفعل يزوركم أناس يطلبون منكم أشياء غير تقليدية؟ - نحن نستقبل السعوديين بانتظام، واحتفلنا أخيراً بالعيد الوطني لفرنسا، واستضفنا خلال الاحتفالية العديد من السعوديين في مقرّ سكني، وتشكّل هذه اللقاءات الوسيلة الفضلى للتعارف وبالتالي محاربة الجهل والتطرّف. ويكليكس، نشرت بعض الفضائح السياسية، ماذا عن ويكليكس رمضان، هل لك أن تسرب لنا بعض الشيء ما يتناسب مع طبيعة رمضان؟ - لست على علم بأي سرّ خاص بشهر رمضان.