يختفي وراء ملامح سائقي الأجرة عبر الطرق البرية بين مدن المملكة المعروفون باسم «الكدادة»، النظاميون والمخالفون على حد سواء، قصص بطلها المشترك الظروف الصعبة التي فرضت عليهم العمل في مهنة تجسد كل التعب، وتستغل كل دقيقة من حواسه بشكل يؤدي إلى تناقص العمر الافتراضي لصحته في غضون سنوات معدودة. وبسبب تدني رواتبهم، وعدم استيفائها لالتزاماتهم، فهم يجدون في هذه المهنة وسيلة تعين على بعض حوائج الحياة المتعددة، ويطالبون بالسماح لهم بمزاولة عملهم بطريقة نظامية تكفيهم المخالفات التي تقتص نصف ما يحصدونه في يوم عمل طويل وشاق. ويأتي «الكدادة» من مستويات ومهن مختلفة، فبينهم إمام المسجد، والعسكري، والمعلم، والموظف المتقاعد، والعاطل عن العمل الذي لم يبحث عن «حافز». ومن أبرزهم عبدالرحمن عاطف (60 عاماً) الذي يقطع يومياً مسافة لا تقل عن 300 كيلو متر بين مدينته الأصلية المجاردة وجدة لنقل الركاب متحاملاً على الأمراض، للبحث عن كسب يومي. فيما يستهدف ماجد الحربي، وهو خطيب وإمام مسجد، والذي تبدو عليه مظاهر الالتزام والتحفظ فئة الراغبين في أداء العمرة وزيارة الحرم المكي لنصحهم وإرشادهم. ولكن من أغرب القصص التي رويت حكايتها إلى «الحياة» قصة أبي قاسم الذي خسر مفصل يده اليسرى في حادثة مرورية أليمة، واستبدل بهذا المفصل «قارورة» مياه بلاستيكية، متكابراً على الألم من أجل توفير مستقبل أفضل لأبنائه الذين يحرص على إكمال دراستهم.