ليس كتاب الإعلامي عبدالهادي السعدي «شهود المرحلة» كتاباً عادياً، بل يتخطى ذلك إلى أن يكون سجلاً يوثق لحظات ومقولات تدلي بها شخصيات ممن تركوا بصمة، ولا يزالون يتركون، سواء في مجال عملهم أو غير ذلك من مجالات الحياة. في هذا الكتاب شخصيات قلما تلتقي في كتاب، ونادراً ما يجمعها سياق أو مكان. حوارات مع أسماء من السعودية والخليج واليمن ومختلف البلدان العربية. يقول السعدي في مقدمة كتابه: «في زمن عربي غريب.. أمواجه متلاطمة، وأزماته متشابهة، وأحوال أهله متذبذبة فوق وتحت خط الفقر. في هذا الزمن العربي بالتحديد قدر لي أن أكون كاتباً صحافياً وناشطاً اجتماعياً، أحمل شعاراً قرأته قديماً في مجلة اليمامة وهو «الحقيقة مهما كلف الأمر». قرأت هذا الشعار مرتين، مرة في مجلة «اليمامة» ومرة في صحيفة «الوطن». قرأته في بداياتي الأولى وتشبعت به وصدقته وعملت على تحقيقه بتحريض من الدكتور فهد العرابي الحارثي وجمال خاشقجي باعتبارهما ترأسا تحرير هاتين المطبوعتين في فترتين متفاوتتين، لكنني نسيت أنني من العالم الثالث وأن شعاراً كهذا يعتبر شعاراً مدمراً يستحيل تحقيقه، ومع ذلك لم أيأس على رغم قساوة المرحلة ونديتها فكتبت وناقشت وحاورت». ويقول أيضاً: «حاورت سياسييها وجادلت مثقفيها واختلفت مع مفكريها، حتى اختزن داخلي يقين راسخ أن البحث عن الحقيقة يجب أن يكون خياري، وخيار كل إعلامي يقدس الكلمة ويحمل شرف المهنة. هذه المرة أزعم أنني أوجدت مصطلحاً جديداً وهو الحوار بالهاتف، الذي سأحلق بكم من خلاله عبر البلاد العربية انطلاقاً من العاصمة الرياض في نقاشات ساخنة، أجريتها مع عدد من النخب العربية مثقفين ومفكرين وسياسيين. فهاتفت الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وهو يمارس رياضة المشي في منزله بالإمارات، فامتد حوارنا لأكثر من ثلاثين دقيقة، كان صريحاً وشفافاً، وباغتُّ دولة الرئيس عبدالكريم الأرياني، وهو في مكتبه بصنعاء، ثم اتصلت بالأمير سيف الإسلام بن سعود قبل دخوله المحاضرة، وكذلك بأمين الجامعة العربية عمرو موسى في شرم الشيخ، وهاتفت أدونيس في فرنسا، وتركي السديري، الذي تحدث عن طفولته في حي دخنة بالرياض، وتركي الحمد وعبدالله الغذامي وخالد الدخيل ومحمد العلي وإيراهيم البليهي وعبده خال ويوسف المحيميد ونوال السعداوي، من دون أن تحدد لي مكان وجودها، ومحمد دحلان، والبرغوثي، وحسن نافعة، وعمرو خالد، وابنة الرئيس جمال عبدالناصر الدكتورة هدى، والأبنودي، وحسن الترابي الذي أودع السجن في اليوم الثاني من حوارنا معه، وحاورت الفريق ضاحي خلفان، باعتبار أن دبي صاحبة السبق العربي في اكتشاف قتل من قبل الموساد الإسرائيلي، وحاولت أن أحاور الراحل أحمد الربعي لكنه اعتذر بسبب عجزه عن الكلام بعد أن أشتد به المرض. أما النقاشات التي احتلت جدلاً واسعاً فهي: حديث الشيخ عبدالله بن زايد وعبدالله الغذامي، وتركي الحمد، ونوال السعداوي.. هؤلاء أثارت نقاشاتهم جدلاً واسعاً لدى الرأي العام امتد حتى قناتي «الجزيرة» و«العربية» وفضائيات أخرى». ويعبّر عبد الهادي السعدي عن سروره بهذه النخب الثقافية والسياسية التي ناقشها بشفافية عالية، «واستمتعت بالحديث معها وتعلمت منها أشياء لم أكن أعرفها من قبل، وهي تمثل الشريحة الثقافية والفكرية والسياسية في العالم العربي، باعتبارهم شهوداً على المرحلة». ويقول وزير التربية والتعليم السابق محمد بن أحمد الرشيد عن كتاب السعدي: «وجدت متعة في الأسئلة التي وجهتها لهذه النخب، وقد عرفتني الأجوبة في مجملها على وجهات نظرهم حول قضايا بالغة الأهمية، فبارك الله فيك ووفقك وبلغك مناك». فيما يشير الدكتور فهد العرابي الحارثي إلى أن «أكثر ما يهم زميلنا عبدالهادي هو لعبة السيف والوردة.. لعبة الموجز.. لعبة المختزل.. لعبة الأسئلة التي لا تدعك تفكر». ويقول الشاعر إبراهيم مفتاح: «شهود المرحلة استطاع أن ينتزعني من جزيرتي (فرسان). ويبحر بي في محيط الوطن». ويرى الإعلامي جمال خاشقجي أن «الحوارات على الهاتف صعبة، تحتاج إلى صحافي سريع البديهة يعرف كيف يسأل.. وهذه الميزة جعلتني أعطي الزميل عبدالهادي زاوية أسبوعية في «الوطن» نجحت بتفوق». أما الروائي يوسف المحيميد فيقول في مقدمة كتبها وضمها الكتاب: «كنت أتابع حواراته المشوقة في زاويته «على الهاتف» بصحيفة «الوطن»، وتلفت نظري تلقائية الحوار وانسيابه، ورسم البورتريه الكاريكاتوري للضيف، وكأنما هو يعتني بكل شيء كي يكون مختلفاً... عند العمل المكتبي على الحوار يتحول إلى فنان مسرحي، يضع نفسه وضيفه على خشبة المسرح، ثم يبدأ بتحريكهما بخفة».