تتميّز أجواء هذه المجموعات الشبابية بروح غيرية Altruistic عالية، مع إنكار شديد للذات، ربما عزّ نظيرها حتى في المجموعات الحزبية الأشد إخلاصاً لمبادئها. على رغم أن ما تفعله أصابع هؤلاء الشباب تسمى «جرائم» في تقارير شركات المعلوماتية، إلا أن هذه التسمية لا تثير في هؤلاء سوى السخرية. فإضافة الى أن «قراصنة الكومبيوتر» Computer Pirates يعتبرون أنفسهم مناضلين من أجل حرية الإنترنت، فإن ما يفعلونه يصعب وضعه في خانة «الجريمة» قانونياً. إذ لا يستفيد المنخرط في ما يسمى ب «القرصنة الرقمية» مما يفعله، على عكس ما يحدث في الجرائم عادة، بل أن هؤلاء ال «هاكرز» Hackers يعانون دوماً من سطوة السلطة وشركات المعلوماتية. ويعكف هؤلاء على اختراق مواقع كثيرة، من أجل الحصول على محتوى رقمي Digital content (كأن يكون كتباً ومجلات وأفلاماً وأشرطة فيديو وألعاباً إلكترونية وتطبيقات كومبيوتر وبرامج رقمية وغيرها)، كي يوصلوها إلى الجمهور العام على الإنترنت. لندقق في الأمر مجدداً. يحصل ال «هاكر» على محتوى، لكنه لا يتاجر به، ولا يسعى للحصول على ربح منه، بل يضعه على «قارعة الطريق» في الفضاء الإفتراضي، كي يصل إلى ملايين الناس بصورة مجانية. إذاً، الأرجح أن هؤلاء الشباب يعملون على تلبية حاجة الجمهور العام، خصوصاً الأفراد الذين يرغبون في الحصول على المعلومات والبرامج والتطبيقات الأكثر جِدّة، من دون الإضطرار الى دفع أموال قد لا يمتلكونها. نموذج؟ يضع هؤلاء ال «هاكرز» على موقع مثل «تورنت» Torrent، ملفات وبرامج رقمية يستفيد منها الشباب الجامعيون، لأنها تعينهم في دراساتهم وبحوثهم. لا حدود للشغف في هذا الإطار، أجرت مجلة «وايرد ماغازين» العلمية الشهيرة، مقابلة مع مراهق «هاكر» دأب على العمل عبر تقنية «بت تورنت» Bit Torrent، كي يُمدّ موقع «تورنت» بما يحصل عليه من مواقع مختلفة. واعترف هذا الشاب بأنه كان محظوظاً لأنه استطاع تجنّب حكم قضائي بالسجن لمدة طويلة، بعد أن القي القبض عليه في إطار حملة شنت على الموقع الذي كان مرتبطاً به. وبدأت فصول روايته عندما أطلعه أحد الأصدقاء، وهو لا يزال في ال15 عاماً، على برنامج قرصنة معروف باسم «واريز» Warez. «لم يعد باستطاعتي الإكتفاء، بكل بساطة. فقد كنت أستمتع أكثر بتحميل الملفات الرقمية ومشاركتها مع أصدقائي، بل مع كل جمهور الإنترنت. بدا الأمر أقرب الى الشغف عاطفياً، بل كأنه حُبّ مكتوم». وسرعان ما أصبح الشاب عضواً بارزاً ضمن المساهمين في موقع «غريف يارد أف أكس بي واريز» Grave Yard FXP Warez، ثم صار مشرفاً على موقع «ديلوجينال أف أكس بي» Delusional FXP. وانطلاقاً من هذا الموقع، وبفضل اتقانه السيطرة على تقنية «التراسل الفوري» («أي أر سي» RSS)، التقى أشخاصاً يشاركونه شغفه. وعُرِف في أوساط ال «هاكرز» باسم «ستوني فيجون» StonyVision. ودُعي إلى الإنضمام إلى مشروع جديد أنشأه «هاكرز» آخرون. والجدير ذكره أن موقعاً يستخدم تقنية «تورنت.بت» ومعروف باسم «إيليت تورنتس» Elite Torrents، كان في طور التكوّن، قبل أن يضمّ الى عضويته قرابة 13 ألف شاب من ال «هاكرز». وسرعان ما أصبح هذا الموقع مركزاً رقمياً لتبادل الملفات. وعُرِف باسم «تراكر بت تورنت»، ومقره الولاياتالمتحدة الأميركية. وبجهد مشترك بين «مكتب التحقيقات الفيدرالي» («أف بي آي» FBI) و «مكتب تطبيق قوانين الهجرة والجمارك» في أميركا، جرى اختراق هذا الموقع. وبعدها، عُثِر على اسم هذا الشاب في قوائم ناشطي ال «هاكرز» واعتُقِل.