أثارت قضية قتل العشرات من الشباب المقلدين لظاهرة الإيمو في بغداد رد فعل كبيراً بين المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في العراق، ودفعت شباب الإيمو إلى الابتعاد عن التجمعات التي كانوا يقومون بها في بعض المقاهي العامة في شكل يومي. الإحصاءات التي أعلنتها وزارة الداخلية العراقية أكدت مقتل مجموعة من الشباب لكنها تضاربت مع إحصاءات أخرى من حيث العدد. ذلك أن إحصاءات الداخلية أشارت إلى مقتل 56 شاباً من مختلف مناطق العراق، وأن محافظتي بغداد وبابل تصدرتا قائمة المحافظات في عدد الضحايا فيما أكدت إحصاءات أخرى ارتفاع العدد إلى 90 شخصاً. طريقة قتل الشباب استفزت كثيرين من أقرانهم والمنظمات الحقوقية ودفعت مقلدي الظاهرة إلى تقليل ساعات التقائهم في المقاهي العامة. وأشارت غالبية الروايات إلى أن قتل هؤلاء تم عن طريق ضربهم بصخور صلبة مصنوعة من الإسمنت والحصى على رؤوسهم مرات عدة حتى فارقوا الحياة. عبد الرحيم الركابي ممثل المرجع الديني علي السيستاني في بغداد سارع إلى إعلان موقف المرجعية الدينية من القضية بعد يوم واحد من انتشار الخبر في وسائل الإعلام، وقال إن «قتل هؤلاء له تأثيرات سيئة على التعايش السلمي في البلاد». ووصف السيستاني منفذي تلك العمليات ب «المجاميع الإرهابية التي تتصرف بشكل فردي تحت غطاء الدين». أصابع الاتهام في القضية أشارت إلى عصائب أهل الحق الشيعية المتشددة المنشقة عن التيار الصدري والممولة من إيران والتي بدأت تنشط في الشارع العراقي في الشهور الأخيرة وتتصرف وكأنها الوصي المُكلف الحفاظ على التقاليد الاجتماعية والدينية. قوة العصائب في الشارع بدأت تنمو منذ أن سمح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لها بإقامة استعراض علني في كانون الثاني (يناير) الماضي، وإعلانها الرغبة في الاشتراك بالعملية السياسية في البلاد. لكن أصابع الاتهام تلك لم تستثن بعض الضباط العاملين في وزارة الداخلية العراقية من أنصار التيار الصدري والعصائب، إذ أكدت بعض المعلومات وجود تعاون بين مجموعة من ضباط الداخلية في تنفيذ عمليات القتل، ولا سيما أن الشرطة المجتمعية في الوزارة سبق وتحركت ضد ظاهرة الإيمو في بغداد وكانت تدرس الخروج بقرار يُجرم الشباب المقلدين لتلك الموضة. تأكيد التهمة على وزارة الداخلية جاء بعد مطالبة النائب صفية السهيل وزارة الداخلية العراقية بالكشف عن التحقيقات في جرائم قتل شباب الإيمو في بغداد، وتقديم تبريرات حول أسباب اعتقال مجموعة من المقلدين لتلك الظاهرة من أمام أبواب الجامعات العراقية. هذه الاتهامات وغيرها الموجهة لوزارة الداخلية دفعتها إلى إصدار بيان في نهاية الأسبوع الماضي حذرت فيه مَن وصفتهم بالمتطرفين وجهات أخرى لم تسمها من التجاوز على الحريات العامة سواء في قمع ظاهرة الإيمو أم الترويج لها من ناحية أخرى. وذكرت في بيانها أنها «لم تسجل أي حالات قتل لمقلدي ظاهرة الإيمو في المدة الماضية، مؤكدة أن جميع حالات القتل التي أُشيع عنها في وسائل الإعلام كانت لأسباب ثأرية أو اجتماعية أو إجرامية تحدث دائماً». واعتبرت الوزارة جميع القصص التي دارت حول ضرب الإيمو على رؤوسهم بقطعة من الإسمنت والحصى أمراً مفبركاً ولا علاقة له بالواقع، لكن بعض عائلات الضحايا الذين التقتهم «الحياة» أكدوا مقتل أولادهم بالطريقة المذكورة وأن كثيرين منهم تهشمت أجزاء من جماجمهم نتيجة الضرب. تهديد الصحافيين واعتبرت الداخلية أن قضية الإيمو تم تضخيمها من قِبل بعض الجهات وأخذت حجماً أكبر من طبيعتها، على رغم أنها ظاهرة محدودة لدى بعض الشباب الذين وَقعوا تحت تأثير الموضة لكنها بعيدة عن أي تحركات أيديولوجية أو عقائدية. ولم يقتصر التحذير من تسليط الضوء على ظاهرة قتل الإيمو على جهات محددة بل امتد إلى الصحافيين أنفسهم، إذ تلقت مجموعة منهم كتبت عن الظاهرة وتابعتها في وسائل الإعلام، رسائل تهديد مباشرة على الهواتف النقالة وأُخرى شفوية من قبل عصائب أهل الحق ومتشددين في البرلمان العراقي. وأكد صحافيون أنهم تلقوا رسائل تهديد تطالبهم بالكف عن تناول الظاهرة في وسائل الإعلام كي لا يدفعوا ثمن ذلك لاحقاً.