بويبلو غارثن (الأوروغواي) - أ ف ب - باتت بلدة بويبلو غارثن الصغيرة التي تقطنها 200 نسمة في ريف ساحل أوروغواي الشرقي، وجهة مفضلة لزبائن دوليين مترفين يبحثون عن الاصالة والهدوء وفن الطبخ الراقي. ما من شيء كان يؤهل هذه القرية الواقعة على مسافة 70 كيلومتراً من ضوضاء منطقة بونتا ديل ايستي الساحلية السياحية، لتكون المكان الجديد الذي تجب رؤيته، فوسطها عبارة عن ساحة صغيرة مشجّرة وشوارعها غير معبّدة وهندستها المعمارية شبه معدومة. اما اليوم، فتنتشر في بويبلو غارثون مطاعم يقصدها الناس ودارات فخمة ومتاجر لماركات شهيرة، وتسير على طرقها غير السوية سيارات فارهة ويقصدها مشاهير من العالم خلال فترة الصيف فيها، اي من كانون الاول (ديمسبر) الى شباط (فبراير). وينبغي العودة ثماني سنوات الى الوراء لمعرفة سر هذا التحول اللافت، فقد قرر الطاهي الارجنتيني الكبير فرناسيس مالمان آنذاك افتتاح فندق ومطعم في زاوية شارع، كانت تضم دكان سمانة في ما مضى. وتقول مديرة الفندق فيكتوريا اوبرتوني: « تقوم الفكرة على توفير إمكان الراحة للزبائن وأن يقوموا بنزهات على ظهور الجياد او على دراجات هوائية، وان يستفيدوا من الطبيعة والهدوء والطبخ الجيد (...) حتى يبتعدوا قليلا عن المدينة والشاطئ والحشود». لا يتردد الزبائن في دفع 170 دولارا لتناول الغداء و780 دولاراً لتمضية ليلة في واحدة من خمس غرف في الفندق الريفي الجذاب. وتقول السائحة الأرجنتينية مونيكا تيستوني: «الهدوء رائع، إنها بلدة من الداخل لكن مع جانب أنيق جداً ومترف». على الجانب الآخر من ساحة البلدة، فتح المطعم والمركز الثقافي «ديسيبا» ابوابه للتو ويديره الطاهي الارجنتيني الكبير ايستيبان اغويري الذي شجعه على هذه الخطوة مالمان وشريكه صاحب كروم العنب مانويل ماس. ويقول أوغويري: «مع وسيفير (مطعم آخر عند مدخل البلدة) نسعى الى ان يكمل واحدنا الآخر لتوفير مجموعة متنوعة من الخدمات السياحية حتى لا يدور كل النشاط حول الفندق». وصار تطور السياحة الراقية الذي ترافق مع انشاء وحدة للصناعات الغذائية العام 2000، نعمة فعلية لسكان البلدة التي كانت آيلة الى أفول مع إغلاق خط سكك الحديد والطاحونة اللذين كان يمنحانها بعض الحركة. ويقول رئيس البلدية فرناندو سواريث: «تغيرت آفاق المستقبل بالنسبة الى الناس (...) فالبلدة بدأت تأخذ منحى جديداً»، لافتاً إلى أن المالكين الجدد بنوا منازل «يقوم سكان البلدة بالاعتناء بها». ويفيد سكان البلدة بأن خياط المغني البريطاني ميك جاغر ومديرة في صحيفة «نيويورك تايمز» وتاجر الفن اللندني الشهير مارتن سامرز هم من بين المستثمرين. وأدى هذا الاهتمام بالبلدة الى ارتفاع صاروخي لأسعار العقارات، فقطعة أرض من 400 متر مربع كان سعرها سابقاً الف دولار، باتت تباع الآن باكثر من 30 الف دولار. ويعتبر رئيس البلدية ان هذه الفورة لا تترك آثاراً سلبية فعلاً «لأن الأشخاص الذين يأتون يحترمون جوهر البلدة».