شكّلت ال «درون»، وهي طائرة مؤتمتة لا يقودها بشر، سلاحاً جديداً في حرب غزّة 2014. ولم تكن استخدمت في المعارك التي اندلعت عامي 2009 و2012. واستخدمت المقاومة الفلسطينية طائرات «درون»، وتمكّنت إسرائيل من التصدي لها بصواريخ «باتريوت»، وهي مقذوفات ذكيّة صمّمت أصلاً لاعتراض الصواريخ الضخمة، وليس للتصدي لطائرات ال «درون» المؤتمتة. في ذلك السياق، ربما من المهم التذكير بأن الولاياتالمتحدة تملك سلاحاً متخصّصاً بالتصدي لل «درون»، يتمثّل في مدفع الليزر «أفنجر» Avenger، مع الإشارة إلى أنّه يستطيع التصدي لأنواع اخرى من الطائرات، إذ تمكّنت شركة «بوينغ» الأميركية، وهي من كبريات شركات صناعة مركبات الهواء عالمياً، من إسقاط طائرة من دون طيّار بواسطة جهاز ليزر مثبّت على متن سيارة رباعية الدفع من نوع «هامر». وأُنجِز هذا العمل المتقن عام 2013. وعلى رغم أن «أفنجر» لم يكن يعمل بطاقة عالية، إلا أنه استطاع أن يقضي على ال «درون» باستعمال شعاع ضعيف نسبياً، لم تزد طاقته على كيلوواط/ساعة من الكهرباء. وفي تجربة مماثلة، أسقط تقنيو شركة «بوينغ» طائرة من دون طيّار باستخدام شعاع ليزر منخفض الطاقة أيضاً، لكنه تميّز بأنه يعمل بالتكامل مع نظام مؤتمت يحمل اسم «وسيلة الاستهداف المتنقّل للاختبارات المتكاملة» (اختصاراً «ماتريكس»، وهي تسمية لا رابط لها مع الفيلم الشهير). وأُنجِز هذا الاختبار في صحراء «الرمال البيضاء» في نيومكسيكو عام 2013 أيضاً. في السياق عينه، تكرّس شركة «نورثروب غرومان» جهودها لاستحداث سلاح ليزر بقوّة 100 كيلوواط/ساعة، من شأنه إلحاق أضرار أكبر بكثير مما يفعل «أفنجر». لم يصبح هذا السلاح جاهزاً تماماً، خصوصاً من حيث الشكل. فعلى رغم أنه جاهز كسلاح، إلا أنه ما زال يشبه العلبة أو الثلاجة المنزلية، ما جعله موضع تندّر. وأعلنت شركة «بوينغ» في منتصف الخريف الماضي أنها استخدمت سلاح «أفنجر» لتدمير 50 عبوة ناسفة مختلفة، خلال مناورة جرت في ولاية ألاباما. «يوكلاس»: نقلة نوعيّة في الطيران الحربي المؤتمت لعلها مفارقة لم تكن لتخلو من بعض الدلالة أن إعلان الأسطول الحربي الأميركي عن صنع نموذج تجريبي أول للقاذفة - المقاتلة «يوكلاس» UCLASS قبل عام، جاء بالتزامن مع استعادة قصف طائرات بريطانيّة متطوّرة، سُميّت «صائدات السدود» Dam Busters على الموانع المائية في إقليم ال «رور» الألماني، قبيل نهاية الحرب ضد النازية. وحينها، نفّذ سرب من «سلاح الجو الملكي البريطاني» سلسلة غارات، مستخدماً قنابل عُرفِتْ بال «النطاطة»، وضربت سطح السدود بسرعة 370 كيلومتراً في الساعة، كما تقافزت على المياه حاملة معها قرابة 3 اطنان من متفجّرات ال «تروبكس» التي تزيد قوتها عن ال «تي آن تي» بقرابة 50 في المئة. انهارت سدود ضخمة جاورت مدن ألمانية كبرى. في ذلك الوقت، نظِرَ إلى الأمر على أنه ضربة موفقّة بقنابل ظهرت للمرّة الأولى وكانت من صنع مهندس الطيران البريطاني بارنز واليس، وحملتها أيضاً قاذفات مُعدّلة نوعيّاً من فئة «أفرو لانكستر»، لم تكن حلّقت في سماء تلك الحرب قبلاً. وفي الآونة الأخيرة، حضر شيء كثير من صورة هذا التآزر بين العلم والعمل العسكري في صنع متغيّرات أساسية في القوّة الاستراتيجية للدول الكبرى، في إنجاز الأسطول الأميركي، بيد شركة «نورثروب غرومان» Northrop Grumman، عن تحليق أول لطائرة «يوكلاس». ووصِفَت الطائرة بأنها أول قاذفة - مقاتلة يقودها الروبوت كليّاً، وتستطيع ملاحقة أكثر من هدف، بل الاشتباك أيضاً مع طائرات يقودها بشر. وتعتبر قفزة نوعيّة في تاريخ الطيران الحربي ل «مركبات الجو من دون طيّار»، اختصاراً «يو إيه في» UAV، لأنها تتجاوز ما حقّقته طائرات «درون» التي تندرج ضمن «يو إيه في». وبيّن الأسطول أن التحليق التجريبي لن يتضمن حمل قنابل، لكن «يوكلاس» (اسمها الكامل بالانكليزيةUnmanned Carrier Launched Airborne Surveillance & Strike System) تستطيع حمل قرابة طنين من المتفجرات. وبفضل كومبيوتر متقدّم ومجسّات استشعار إلكترونية دقيقة، يشمل عملها المراقبة وتحديد الأهداف والقصف. وصرّح الجنرال جايمي كروغروف، وهو ناطق بلسان الأسطول، أن «يوكلاس» تدخل الخدمة بداية من عام 2018. وتتصل بقيادة لعمليات الروبوت الجوي، عبر الأقمارالاصطناعيّة العسكرية.