كان بودي أن أهنئ المرأة بيومها العالمي، كان بودي أن أفرح وأسعد وأهلل، ولكن الأخبار التي لا تسرّ تبعد عنا مظاهر الفرح والسعادة، وأولها وقبل كل شيء عودة أم محمد إلى السجن بتهمة العقوق. ولمن لا يعرف من هي أم محمد فهي امرأة سعودية تعمل مساعدة طبيبة أسنان مطلقة ولها ابنة كانت تعيش مع والدتها، ونظراً إلى رغبتها في الزواج اقترحت عليها والدتها إقناع والدها عن طريق العيش معه في منزله الذي يحوي زوجات وأطفالاً عوملت أسوأ معاملة وهددت وطردت، وعندما عادت لوالدتها اتهمها والدها بالهروب على رغم أنه هو من طردها من منزله وهددها بآلة حادة، وعندما رفضت العودة إلى منزله سجنت لمدة ثلاثة أشهر وخرجت قبل شهر أو أقل وصرحت بما حدث لها أمام وسائل الإعلام، فوجئنا قبل أيام بخبر عودتها للسجن وهذه المرة بتهمة عقوق والدها! قبل سنوات عدة وفي بداياتي كتبت مقالة طويلة تحت اسم رسالة لمن يهمه الأمر عن موضوع العقوق، وقلت فيها إنها التهمة السهلة التي يمكن للوالدين وخصوصاً الوالد (في مجتمعنا الذكوري الخالص) أن يلبسها لأي من أبنائه ذكوراً وإناثاً في أي وقت وتحت أي كيفية، وطالبت بوضع معايير خاصة موحَّدة توضح معنى كلمة أو تهمة عقوق، وطالبت بالنظر في كل القضايا التي تتصل بهذا النوع حتى لا تكون تهمة سهلة وسلاحاً حاداً يستخدمه الآباء ضد أبنائهم. اليوم أعيد رسالتي نفسها مطالبة بوجود معايير تشرح معنى هذه الكلمة المطاطة التي أسهمت في تصدع كثير من القلوب وألقت بالكثيرين وبالكثيرات خلف السجون ودور الرعاية والملاحظة وغيرها. فهل يعقل أن يكون رفض ابنة الرجوع إلى والدها ورفضها العيش في منزل يهينها ويهين كرامتها أمام ابنتها عقوقاً؟!... هل رغبتها في العيش مع والدتها المطلَّقة العجوز التي تحتاج لرعايتها وخدمتها عقوق؟!... بأي حق تفقد وظيفتها مصدر دخلها وتحرم من ابنتها منتظرة رضا والدها الذي أرجع لأخيها غير الشقيق موضوعها، والذي رفض وساطات عدة منها وساطة جمعية حقوق الإنسان. إلى متى تظل الأنثى في مجتمعي رهينة مزاج الذكور؟... إلى متى تهرب المرأة بأطفالها وتعرّض حياتها وحياتهم للخطر خوفاً من حكم قاضٍ يحرمها من أبنائها ويعيدهم إلى حضن أب مدمن فقط لأنه ذكر حتى لو كان بلا مؤهلات أخلاقية! لن نحتفل هذا العام ب8 مارس، فعلى رغم النجاحات الرائعة التي تحققها السعوديات في الجامعات العالمية تبقى السعادة منقوصة والنجاح مرهوناً بمزاج الذكر. [email protected] @s_almashhady