كشف وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس، أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد ثلاث مرات منذ بدء الأزمة السورية، وحذّره من أنه يسير في الطريق الخطأ. وقال الفيصل إن من حق السوريين الدفاع عن أنفسهم. وأضاف: «نعتز بالجيش السوري، لكن ما يفعله في شعبه أمر مؤلم». وأوضح وزير الخارجية السعودي، في مؤتمر صحافي عقده في ختام مؤتمر لمجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض أمس: «اننا سنواصل الحوار مع روسيا، ونصحنا الروس بأن يكون اجتماعهم مع الجامعة العربية، وليس مع مجلس التعاون فقط». وأضاف: «اننا نريد حماية السوريين واستقرار سورية»، مؤكداً أنه إذا وقف نزف الدم، وتم الإفراج عن المعتقلين السوريين «سيكون هناك حوار». وناشد أصدقاء سورية مناصحة نظامها بالكف عن «قتل البشر». وأكد الأمير سعود الفيصل أن خادم الحرمين الشريفين أبلغ الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «يسير في الطريق الخطأ، وعليه تصحيح مساره أو ترك الأمور ليقوم بالواجب». وقال: «ثبت أن الإصلاحات التي تجريها الحكومة السورية ليست ذات صدقية، حتى أصبح الشعب السوري لا يصدق ما تقوله الحكومة». ورداً على سؤال عن مطالبته أخيراً بأن يتخلى الأسد عن الحكم طوعاً أو كرهاً، قال سعود الفيصل: «السوريون لا يريدون النظام، وهو يصر على أن يبقى عبئاً على الشعب، ما السبب الذي يفرض عليه أن يقتل الشعب، حتى يبقى في السلطة، هل السلطة لها قيمة أن تضحي بشعبك من أجل البقاء؟». وأضاف: «إذا كانت رغبة السوريين في التسلح للدفاع عن انفسهم، فليس هناك حق أقوى من دفاع الشخص عن عرضه وأملاكه، وهذا ما يطلبه السوريون. ومن الصعب أن تمنع أحداً من الدفاع عن نفسه أمام جور القوات السورية، ومن أبناء جلدتهم، ونحن نرى ما يحدث في حمص وحماة وغيرهما، فالمدن دكت كاملاً». وعما إذا كان الحل السلمي للأزمة السورية لا يزال مطروحاً قال: «إذا أوقف القتل ورُفع العدوان وتم الإفراج عن المحتجزين، هناك إمكانات كبيرة لإجراء حل سياسي، وقد يحدث ما حدث في اليمن». وأضاف: «الجيش السوري من الجيوش التي نفتخر بها، وأن تكون مهمته الدفاع عن العرب، وبالتالي شيء مؤلم أن نرى المدفع السوري موجهاً إلى صدر المواطن السوري». وحول ربط المسؤولين السوريين ما يجري في بلادهم بأحداث القطيف والبحرين، قال الأمير سعود الفيصل رداً على سؤال من «الحياة»: «هل سمعتم بمذابح تجري في القطيف؟ هناك مشاغبون أخذتهم العزة بالإثم وتعاونوا مع إيران، والمملكة لا تفرّق بين أبنائها، فالمواطن مواطن مهما كانت عقيدته، والمطالب طريقها معروف، والدولة لم تقصّر في مشاريع البنى التحتية التي تحتاجها القطيف أو غيرها». وعن القمة العربية المقرر عقدها في بغداد قال وزير الخارجية: «الحضور من عدمه ليست له قيمة، وعلى كل حال لن نقاطعها، والقضايا الرئيسية هي العلاقة مع إيران وتدخلها في شؤون العراق والخليج، وموقف السلاح النووي الإيراني، ومشكلة البحرين والإمارات وما هو موقفهم من سورية. وقبل أن تعقد القمة نأمل أن يكون هناك عراق مؤحد بكل طوائفه». وبشأن إن كان هناك موقف خليجي موحد تجاه إيران يصل إلى قطع العلاقات معها قال: «لست مؤمناً بأن قطع العلاقات عمل إيجابي لصالح القضايا، ولا أعتقد أن الذي بيننا وبين إيران شيء تقوم به إيران نفسها، ونريد أن نفهمهم أن دول الخليج لا تضمر إلا كل خير لها، وأننا تفاءلنا عندما جاءت الثورة الإيرانية، ولكن سرعان ما تبدد هذا الأمل، والآن أصبحت التهجمات على دول الخليج في الإعلام الإيراني وتشويه صورة أبناء المنطقة أمام الرأي العام الإيراني، كيف سيقنعون الشعب الإيراني بأن هذه الدول صديقة؟». وكان سعود الفيصل أكد أن الاتحاد المنشود بين دول مجلس التعاون الخليجي «لن يمس من بعيد أو قريب سيادة أي من الدول الأعضاء، أو يكون مطية للتدخل في شؤونها الداخلية». وقال – في كلمة أمام اجتماع مجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون في الرياض أمس – إن دول المجلس حريصة على تجنيب الدول العربية مغبة الوقوع في أتون الصراعات ومخاطر التمزق والانقسامات الفئوية والجغرافية، واستيعاب مطامح الشعوب بعيداً عن سياسات القهر والتنكيل. ونوّه الأمير سعود الفيصل بالدور الفاعل الذي لعبه مجلس التعاون في سياق تعاطيه مع الأحداث والمستجدات التي عصفت بالعالم العربي منذ مطلع العام الماضي، إذ تعاملت دول المجلس مع هذه الأحداث «بروح المسؤولية والإرادة المخلصة للإسهام في أمن واستقرار الدول العربية التي كانت عرضة لهذه المتغيرات ومن منطلق تفهمها». وأكد حرص دول المجلس دائماً على تجنيب الدول العربية مغبة الوقوع في أتون الصراعات الداخلية ومخاطر التمزق والانقسامات الفئوية والجغرافية، والتأكيد على أهمية استيعاب مطامح وتطلعات الشعوب في العيش بعزة وحرية وكرامة بعيداً عن سياسات القهر والتنكيل. وأوضح الأمير سعود الفيصل أن «مقترح الاتحاد المشار إليه ينطلق من قناعة راسخة بأن التحديات الماثلة أمامنا تستدعي مثل هذه النقلة النوعية، لكي نكون أكثر تأهيلاً ومقدرة لمواجهتها ككتلة موحدة، مع إدراك ما يتطلبه هذا الأمر من استكمال لعدد من جوانب التعاون والتنسيق في ما بيننا، وبذل كل جهد ممكن لإزالة ما يعترض هذا التوجه من عقبات ومعوقات». سعود الفيصل: الاتحاد الخليجي ليس مطية للتدخل في شؤون الدول الأعضاء