لم تكن آيات السعافين، الطالبة الجامعية الفلسطينية، تتوقع ان يحصل مشروع تخرجها «اعادة التدوير من اجل الرياضة» على المرتبة الاولى مناصفة مع مشروع اسباني، في مسابقة دولية نظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). السعافين التي حاولت الخروج عن المألوف في نمط مشاريع التخرج، ذهبت إلى أبعد ما يمكن أن يذهب إليه خيال المبدعين، لتحط يدها على وجع عالمي، وتخرج بفكرة تدوير النفايات، وخصوصاً اطارات السيارات، وتحولها إلى مكون أساسي في صناعة ارضيات المضامير الرياضية، ومن بينها ملاعب كرة القدم، وملاعب رياض الاطفال، وبعض الادوات الرياضية، وكذلك الحشيش الصناعي. ولشدة ما أبهر المشروع القائمين على المسابقة، تم اختياره من جانب الفيفا ل «روعة الابتكار». في البداية، اعتبر كثير من المقربين من آيات مشروع تخرجها «خيالياً، بل ومستحيلاً»، ونصحوها باختيار «مشروع سهل التطبيق»، أو «أقرب الى المنطق»، إلا انها صممت على تنفيذ هذه الفكرة. فهي تهوى، كما تقول «كل ما هو صعب وفيه قدر كبير من المجازفة» وهو ما نفذته بالفعل بمساندة وتشجيع من زوجها أول من دفعها لتمضي قدماً في مشروعها. وتقول السعافين ل «الحياة»: «فرحت جداً بفوز المشروع، فقد وصلت الليل بالنهار لإنجازه. مجرد التنافس باسم فلسطين مع مشاريع من دول كبرى، ولها باع طويل في المجال الرياضي، أمر ممتع وصعب في الوقت نفسه». وتتابع: «فوز فلسطين مناصفة مع اسبانيا أمر مشجع جداً، وإنجاز كبير، بخاصة أن اسبانيا متقدمة جداً في الرياضة، بل إن مشروعي تفوق على المشروع الاسباني، كما قيل لي، إلا انه تم إعلان تقاسم الجائزة لأسباب سياسية، لكون فلسطين ليست دولة بعد، وفق التصنيف الدولي». وعن فكرة المشروع تقول السعافين: «لفت انتباهي خبر على شاشة احدى القنوات الفضائية، مفاده ان العلماء يفكرون في تصدير أطنان من الكاوتشوك التالف الى سطح القمر للتخلص منه لما يسببه من تلوث بيئي لكوكب الارض، ومن هنا خطرت فكرة المشروع برأسي، وبدأت في البحث عن الموضوع وطبيعة الصناعات التي تدخل فيها اطارات السيارات، وقمت بدراسة جدوى كاملة للمشروع من حيث الآلات اللازمة، وغيرها من الموارد البشرية وتوصلت الى ان تكاليف المشروع كاملة لن تزيد عن 350 ألف دولار فقط». وتضيف: «اعادة تدوير الإطارات الى حبيبات صغيرة، بعد ضغطها ومطها، تمنحها إمكان تشكيلها وفق حاجاتنا من ملاعب رياضية أو عشب صناعي، اذ يحتاج اي ملعب رياضي ليكون جاهزاً الى 14 الف طن، في حين تضاف سبعة آلاف طن سنوياً للترميم، ولا توجد اية صناعات محلية من هذا النوع، والاهم أن هذا المنتج صديق للبيئة». ويبلغ ثمن الطن المستورد من الكاوتشوك ألف دولار تقريباً، في حين لو تم تصنيعه محلياً، لن تتجاوز تكلفته 300 دولار، اي انه الثلث تقريباً. ومعلوم أن اسرائيل أدخلت هذه الصناعة حديثاً، لكنها لم تخصصها للشؤون الرياضية. وتقول السعافين: «تحويل المشروع إلى حقيقة في فلسطين ليس بتلك الصعوبة التي قد يتخليها البعض. فيمكن استئجار قطعة أرض لبناء المصنع، ولا يحتاج إضافة إلى مساحة الأرض، إلا إلى سقف حديدي». وتتابع: «فوجئت الجهات الفلسطينية عندما اختير المشروع أفضل مشروع في العالم، وكنت أحبذ ان يكون الاهتمام بالمشروع، الذي ساعدني فيه فريق من الطلاب، اكثر من مجرد التعبير عن المفاجأة... حقيقة لم أجد والفريق المساعد اية جهة فلسطينية مهتمة او داعمة». وتشدد السعافين على أنها ستناضل حتى تحقق مشروعها، ولن تتخلى عنه أو تبقيه مجرد حبر على ورق. وتقول بحماسة: «فقط انتظر السفر في شهر نيسان (أبريل) المقبل الى سويسرا لألقي محاضرة في الفيفا حول المشروع». وأخيراً تتمنى السعافين ان يلقى المشروع دعماً في فلسطين، لكونها مهتمة ومعنية بتنمية الرياضة المحلية لأنها لا تفضل تبني جهات خارجية له، فهي تدرك تماماً اهمية المشروع من الناحيتين المعنوية والمادية، اذ انه سيكفي السوق المحلية، وسيكون مجدياً جداً لو تم في مرحلة لاحقاً الاتجاه نحو التصدير.