سيطر الانفصاليون الموالون لموسكو في شرق أوكرانيا أمس، على جثث ضحايا تحطّم الطائرة الماليزية الخميس الماضي، فيما حض الغرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «إقناع» المتمردين بالسماح لمحققين دوليين بالوصول إلى موقع الكارثة، علماً أن سلطات كييف اتهمتهم بإخفاء أدلة تثبت استخدام صاروخ روسي لإسقاط الطائرة. وتبادلت كييف والانفصاليون اتهامات بإسقاط الطائرة التي كانت تحلّق على ارتفاع 10 آلاف متر، متوجّهة من أمستردام إلى كوالالمبور، وعلى متنها 298 شخصاً بينهم 192 هولندياً. وحض الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو خلال اتصال هاتفي بالمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، «المجتمع الدولي» على «التصدي بحسم للإرهاب الدولي ووقف كل من يديرون الإرهابيين ويزودونهم سلاحاً». وأعلن فولوديمير غرويسمان، نائب رئيس الوزراء الأوكراني، وضع 192 جثة عُثر عليها في موقع تحطّم الطائرة في منطقة شاختارسكي، في قطار مبرّد، قبل إعادتها إلى بلادها لدفنها. وذكر ناطق باسم أجهزة الطوارئ في أوكرانيا أن انفصاليين مسلحين أجبروا موظفين تابعين لها على تسليم الجثث، فيما أعدّ مسؤولون حكوميون مركز أزمة في مدينة خاركوف التي تسيطر عليها سلطات كييف. لكن ألكسندر بوروداي، رئيس وزراء «جمهورية دونيتسك الشعبية» في شرق أوكرانيا، أكد أن «الجثث لن تذهب إلى إي مكان، إلى أن يصل الخبراء» الدوليون. وأضاف إن الجثث ستبقى في القطار المبرّد في بلدة توريز التي يسيطر عليها المتمردون وتبعد 15 كيلومتراً عن موقع تحطّم الطائرة، علماً أن غضباً غربياً يتصاعد من المعاملة غير اللائقة للجثث من الانفصاليين. ونفى بوروداي اتهامات للانفصاليين ب»العبث» بمكان الحادث، معلناً «العثور على أشياء يُعتقد بأنهما الصندوقان الأسودان، نُقلا إلى دونيتسك» في انتظار تسليمهما لمنظمة الطيران المدني الدولية. أما أندري بورغين، نائب بوروداي، فأعلن أن الانفصاليين «سيضمنون أمن خبراء دوليين في الموقع، إذا أبرمت كييف اتفاقاً لوقف النار». وأضاف: «ندعو كييف إلى أن توقّع فوراً اتفاقاً مشابهاً مع جمهورية دونيتسك، على الأقل لفترة التحقيق في الموقع».واتهم أندري ليسينكو، الناطق باسم مجلس الأمن الأوكراني، الانفصاليين ب»بذل قصارى جهدهم لإخفاء أدلة ضلوع صواريخ روسية بإسقاط الطائرة». وأشار إلى نقلهم جثثاً وحطاماً من موقع الكارثة و»تلاعبهم» في المكان قبل وصول المحققين. وأكد أن موسكو تتابع «إمداد الانفصاليين بأسلحة ثقيلة». وكانت الحكومة الأوكرانية أعلنت أن صاروخاً روسياً موجّهاً بالرادار أسقط الطائرة الماليزية، متحدثة عن امتلاكها «أدلة دامغة» على أن بطارية الصواريخ لم تُجلب فقط من موسكو، بل شغّلها أيضاً ثلاثة روس وأعادوها إلى بلادهم. الترويكا الأوروبية وروسيا في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن بلاده تمتلك «أدلة وضعية واستثنائية» تثبت تورط الانفصاليين بإسقاط الطائرة. وأضاف: «حصلنا على صور لإطلاق (الصاروخ)، ونعلم مساره ومن أين أُطلق، ونعرف التوقيت، وهو الوقت ذاته الذي اختفت خلاله الطائرة عن الرادار. ونعلم أيضاً، عبر تسجيل صوتي، أن الانفصاليين كانوا يتفاخرون بإسقاطها». وأشار إلى أن نظام الصواريخ الذي استُخدم لإسقاط الطائرة هو من طراز «أس أي–11»، وزاد: «واضح جداً أن الأمر يتعلق بنظام نُقل من روسيا إلى الانفصاليين». وتحدث عن «تقارير تفيد بأن مسلحين انفصاليين سكارى يراكمون الجثث في الشاحنات وينقلونها والأدلة من الموقع». واعتبر أن «على روسيا أن تتحرك لإحداث تغيير» بعد الكارثة. إلى ذلك، أعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون انه اتفق مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ومركل، بعد اتصالات هاتفية، «وجوب أن يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في نهجه مع روسيا، وأن يكون وزراء الخارجية على استعداد لفرض مزيد من العقوبات على روسيا» لدى اجتماع مجلس العلاقات الخارجية التابع للاتحاد غداً. كما طالب القادة الثلاثة بوتين ب»إقناع الانفصاليين الأوكرانيين بأن يسمحوا لعناصر الإغاثة والمحققين، بحرية الوصول إلى كامل منطقة كارثة الطائرة، للقيام بمهماتهم». وكان كامرون حض في مقال نشرته صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، الغرب على «تغيير مقاربته مع موسكو»، مضيفاً: «نتصرّف أحياناً كما لو كنا نحتاج روسيا أكثر من احتياجها إلينا». ودعا إلى «تحرّك حازم» إذا «لم تستغل روسيا هذه الفرصة لتخرج من الأزمة الخطرة المتفاقمة». أما وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند فقال: «سنسعى إلى إقناع شركائنا الأوروبيين بالموافقة على مزيد من العقوبات، إذا لم تغيّر روسيا موقفها جذرياً». واعتبر أن روسيا «تواجه خطر أن تصبح دولة منعزلة، إذا لم تتصرف في شكل لائق». وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بعد اتصال هاتفي بين مركل وبوتين: «قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لموسكو لتوضيح أنها مهتمة بالتوصل إلى تسوية».