تفتح مراكز الاقتراع في روسيا أبوابها اليوم أمام نحو 108 ملايين ناخب لاختيار رئيس جديد للبلاد، في انتخابات تبدو نتائجها محسومة سلفاً لمصلحة رئيس الوزراء فلاديمير بوتين على رغم تصاعد حدة الاعتراضات عليه من جانب المعارضة التي تستعد لحملات واسعة بصرف النظر عن النتائج المرتقبة. ويبدو السؤال الأساس المطروح في روسيا ليس عن هوية الرئيس الجديد التي حددت منذ أعلن بوتين والرئيس الحالي ديمتري مدفيديف عزمهما على تبادل الأدوار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، بل تتجه الأنظار داخل البلاد وخارجها بالدرجة الأولى إلى نسب الإقبال على الاقتراع، التي ستؤشر إلى مدى تجاوب الناخبين مع دعوات أطلقتها كل من السلطة والمعارضة لأنصارهما لضمان إقبال كثيف، يمكن أن يكون له تأثير واضح في حسم السباق إلى الكرملين من الجولة الأولى. ويُعدّ مطلب الحسم المباشر، أي تمكّن بوتين من الحصول على أكثر من 50 في المئة من الأصوات ملحاً بالنسبة إلى الزعيم الذي فقد كثيراً من شعبيته خلال الشهرين الأخيرين، وبات متهماً رئيساً بتزوير انتخابات مجلس الدوما والعمل على تزوير انتخابات الرئاسة الحالية. ووفق أطراف المعارضة التي ناشدت أنصارها الإقبال بكثافة لإظهار عدم الإجماع على بوتين رئيساً، فإن الذهاب إلى دورة انتخابية ثانية سيعكس قوة تأثير الحراك الاحتجاجي ومدى اتساعه وعمقه في الأقاليم الروسية، ما ينقل المواجهة مع الرئيس العتيد إلى مرحلة جديدة. واللافت أن عدداً من زعماء المعارضة، وبينهم الناشط ألكسي نافالني، الذي صعد نجمه بين المحتجين بقوة في الأسابيع الأخيرة يؤكد أن بوتين «لن يبقى على كرسيه لولاية رئاسية كاملة مدتها ست سنوات»، في إشارة إلى نيات تصعيد الحراك بقوة في الفترة المقبلة، حتى أن بعضهم حدد سقفاً زمنياً لبوتين في الكرملين لا يزيد على سنتين. في المقابل، يشير خبراء إلى أن حصول بوتين على أكثر من 55 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى، وهو الرقم الذي توقعته أحدث الاستطلاعات، سيمنحه قوة كافية لتجاوز الأزمة الداخلية مهما كانت الصعوبات التي ستواجهه وفق التوقعات في العام الأول لولايته الجديدة، وانتصاره اليوم سيعني من جانب آخر أن تستعد روسيا لسلطة قوية يديرها بوتين بقبضة من حديد وتستمر حتى عام 2024 في إشارة إلى احتمال بقائه ولايتين متتاليتين مدة كل منهما ست سنوات. اللافت أيضاً أنه وفي مقابل الاستحقاق الداخلي الصعب عند الرئيس القديم – الجديد، شرع بوتين حتى قبل دخوله الكرملين إلى تخفيف لهجته مع الغرب في مسائل عدة وأطلق رسائل «إيجابية» إلى الإدارة الأميركية حول ملفات خلافية. كما برز تحوّل في نبرة موسكو حيال الملف السوري الذي تسبب مع موضوع «الدرع» الصاروخية بأسوأ تراجع للعلاقات بين البلدين طوال العام الماضي. وتعمّد بوتين أن يبلغ وسائل إعلام غربية عشية الانتخابات أن بلاده ليست حليفة للرئيس السوري بشار الأسد. كما أعلن مسؤول بارز عن تجميد تطبيق عدد كبير من العقود الموقعة مع دمشق. ورأى معلقون في وسائل الإعلام الروسية أن بوتين تعمّد إرسال إشارات واضحة بأنه سيكون «شريكاً وليس عدواً ومنافساً» للسياسة الغربية بعد إعادة انتخابه.