لا يوجد موسم ك«رمضان» في العام يقلب مواجع الغربة للجاليات العربية أو الإسلامية المقيمة في السعودية، لكن كما أن هناك غصة في الحلق لفقدان وجود الأحباب حول مائدة الإفطار هناك ثمار يشعرون بها، ولتخفيف أثر تلك الغصة والعبرة يجرون مكالمات هاتفية أو عبر برامج الإنترنت الاتصالية بواسطة الفيديو، عندما يشتاقون لسحنات وجوه أحبائهم الذين يفتقدونهم. إبراهيم عزت يعمل إدارياً في شركة مقاولات كبرى في جدة (مقيم منذ 36 عاماً)، وإسماعيل البيداوي يعمل بائع عطور (مقيم منذ 27 عاماً)، وهما من الجالية المصرية المقيمة بالسعودية، كلاهما من القاهرة لا تعيش معه عائلته لظروف دراسة الأولاد، وتأتي عوائلهم على فترات متباعدة لعمل زيارة أو عمرة. يتشارك إبراهيم وإسماعيل، نفس الهموم لافتقاد اجتماع العائلة حول مائدة الإفطار والسحور، وسماع ضحكات ومشاكسات الأبناء ومزاحهم، وأما الطقوس الرمضانية المفتقدة لديهما، فبعد صلاة العشاء الخيارات مفتوحة للقيام بزيارات عائلية لتفقد أحوالهم، أو التنزه في الحدائق والمقاهي والأماكن الشعبية مثل حي الحسين والعتبة وما فيهما من تجمعات عائلية وأجواء روحانية، وهذا ما يفعلانه من طقوس شائعة عندما يسعفهما الحظ بإجازة في الموسم الرمضاني. وفي ما يتعلق بالمأكولات والمشروبات الرمضانية فهي لا تشغل بالهما كثيراً، إذ إن ما تعرف مكوناته يقومان بتنفيذه وما لا يعرفانه يشترى، ولكن النفس كما يقولان «مسدودة!»، وما يقومان به في جدة بعد أداء صلاة التراويح هو الالتقاء بالأصدقاء على المقاهي ولعب «الضومنة أو طاولة الزهر»، والجلوس على طاولة المقهى حتى موعد السحور. ويمتدح إبراهيم استعداد المساجد في السعودية للشهر الكريم بتبخيرها، وبمستوى الأئمة وأدائهم الرائع، إذ يرى أن المساجد في القاهرة تفتقد ذلك المستوى لصغر حجمها وعدم تهيئتها بأئمة على مستوى عالٍ من الأداء، ولذا لا يشعر بنفس الروحانية، ويضيف «مبتسماً» أنه لا يشعر بأن وضعه كمغترب غير مريح، كما يتبادر للذهن، فهو في مقابل غربته تمكن من تعليم أولاده على أفضل مستوى، وتمكن من فك كرب الأقرباء، فهو يرى أن أجمل مكافأة لغربته تعليم أولاده وسماع دعاء امتنان لمن تمكن من فك كربته، إذ يؤكد أن هذه الأفعال هي ثمار الغربة، وهو يأمل في تحسن الأوضاع بمصر، لكي يتمكن من العودة لبلده الأم ولم شمل العائلة.