مع بداية ونهاية شهر رمضان الكريم تتزاحم العائلات على موائد الرحمة في أجواء روحانية جميلة وتكثر زيارات صلة الرحم بين الأسر، لكن هذا ليس هو حال المبتعثين بالخارج، فبعضهم حاول التأقلم على هذا الوضع والبعض الاخر لا. "اليوم" أرادات تسليط الضوء على حال المبتعثين في الخارج في ظل أجواء شهر رمضان الكريم. رندا المداح 30 عاما، طالبة سعودية مبتعثة للدكتوراة بولاية فلوريدا بالولايات المتحدةالأمريكية، ومتخصصة بحل النزاعات وتحليلها. تقول رندا: منذ 8 سنوات وأنا بعيدة عن الوطن لإكمال دراستي، فشهر رمضان هنا صعب ولكن اعتدت على الوضع واستطعت أن أكون أسرة مع أصدقائي وكذلك مع الأجانب المقيمين معي في مدينتي "فلازلت"، وتضيف: أشعر ببعض من الأجواء الرمضانية والألفة في ظل الشعور بالغربة والعيش بعيدا عن الأهل والوطن، لكن وقت الدوام الطويل والإفطار في الجامعة في بعض أيام الاسبوع والاعتماد على النفس في كل شيء وبشكل أكبر في شهر رمضان، فأنا من يعد مائدة إفطاري وبدون أي مساعدة من أحد. وحول اللقاءات بين المبتعثين السعوديين بشهر رمضان قالت المداح: اللقاءات بين المبتعثين نادرة لانشغال الجميع بمحاضراتهم الجامعية والواجبات الدراسية وجدول الحياة اليومي والمزدحم. وأضافت: لا أخفي حقيقة صعوبة التعايش مع رمضان في هذه السنة تحديدا وذلك لمشاركتي في إعداد برنامج تلفزيوني يعرض هذه الأيام ،حيث تتطلب منا ظروف العمل السفر المتواصل والسهر على العمل لساعات طويلة جدا لذلك أعتقد أنه أصعب شهر رمضان بالنسبة لي شخصيا على الاطلاق. يوسف الذيابي، 28 عاما، طالب مبتعث للدكتوراه بجامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة، تخصص الإرشاد لذوي الاحتياجات الخاصة، يقول: أعيش في بريطانيا منذ 5 سنوات وهذا الرمضان الرابع الذي أصومه خارج الوطن، فالمشوار العلمي يتطلب التغلب على الصعوبات وقد يكون صيام رمضان خارج الوطن من أكبر الصعوبات وذلك لطول فترة الصيام التي تمتد إلى 19 ساعة، بالإضافة إلى ضرورة مواصلة الإنجاز في المشوار العلمي في نفس الوقت، فشهر رمضان في الوطن له طعم خاص ولا يقارن برمضان في بلد الغربة فوجود الأهل والأجواء العائلية وصلة الأرحام وسماع الاذان في كل مكان نفتقدها بكل صراحة في بريطانيا. وأضاف الذيابي قائلا: الأجواء الرمضانية بعيدا عن الوطن قد تكون متعبة ولكنها من وجهة نظري الشخصية أن رمضان خارج الوطن يساعدني كمبتعث على الإنجاز في بحثي بشكل مضاعف عن بقية الأشهر لأنني استغرق وقتا أطول في الدراسة والقراءة، فبرنامجي اليومي يتمثل في الدراسة من بعد صلاة الفجر إلى الساعة العاشرة صباحا ثم أخلد إلى النوم إلى الساعة السادسة مساء، بعد ذلك أقرأ ما تيسر من القرآن الكريم ثم أعود لمواصلة بحثي الأكاديمي إلى وقت الإفطار وبعد الإفطار أتوجه إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح ثم العودة الى مقر السكن والتحضير للسحور. وحول اللقاءات بين المبتعثين، أشار إلى أنه يوجد بعض اللقاءات بين المبتعثين وكان آخرها قبل يومين وهناك بعض الاجتماعات الخاصة في العطلة الأسبوعية، رغم هذه الاجتماعات لكني ما زلت أفتقد الوالد والوالدة وبقية الأهل على مائدة الإفطار. من جهتها قالت سمر آل ابراهيم (21 سنة): أدرس هندسة طبية حيوية بمدينة سان انتونيو بولاية تكساس ولي سنتان وأربعة اشهر، رمضان بالخارج لا يقارن برمضان في الوطن مع الأهل ولكن وجود الأصدقاء واللقاءات والتجمعات يخفف من الشعور بالاختلاف بين أجواء رمضان بالخارج وفي الوطن، ولكن ما زال فارقا من ناحية الالتزام بدوام جامعي وأحيانا الانشغال بالدراسة حتى لا يوجد وقت لعمل مائدة الإفطار، وبعض الأحيان العزلة للانتهاء من بعض الواجبات الدراسية. رمضان في أمريكا متعب نوعا ما، فموعد الإفطار يكون في الساعة الثامنة والنصف وهو وقت متأخر مقارنة بموعد الإفطار في الوطن، أيضا بعض أصناف الطعام التي تعد برمضان أحيانا لا تكون موجودة بسبب إما المقادير غير متوافرة في بلد الغربة أو بعض المأكولات صعب اتقانها، فالأوقات وأسلوب الحياة في بلد الغربة مختلف ولا يتناسب مع الاجواء الرمضانية. وأضافت آل إبراهيم، الأندية الطلابية السعودية تحرص على عمل لقاءات وإفطار جماعي، فمثلا النادي السعودي في هيوستن يتعاقد مع بعض المطاعم العربية لأجل خدمة المبتعثين، وفي كل رمضان تشرف القنصلية في هيوستن على إفطار رمضاني جماعي للسعوديين. وحول مائدة الافطار المنزلية، قالت: عادة انا من يعد مائدة إفطاري وأحرص على وجود الشوربة، وأحب دعوة صديقاتي إلى وجبة الإفطار وأيضا صديقاتي من الديانات الأخرى فهن الأكثر فضولا في معرفة رمضان والصيام ومائدة الإفطار.