قالت مصادر نيابية لبنانية إن تشكيل لجنة وزارية نيابية مشتركة لإيجاد مخارج للبنود العالقة على جدول أعمال البرلمان والتي كانت وراء قرار رئيسه نبيه بري تأجيل الجلسة التشريعية أول من أمس، يتوقف على الجهود المبذولة لدى رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» ميشال عون لإقناعه بسحب اعتراضه على تأليفها لا سيما أن الجلسة التشريعية في الخامس من الشهر المقبل ستنظر فيها. وأكدت المصادر النيابية أن تشكيل اللجنة سيتصدر الاجتماع المشترك لهيئة مكتب المجلس النيابي ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها الذي يرأسه بري ظهر الاثنين المقبل بعدما تقرر تقديم موعده لوجود الأخير في قبرص الأربعاء المقبل في زيارة رسمية يلتقي خلالها نظيره القبرصي وكبار المسؤولين للبحث معهم في ترسيم الحدود البحرية المشتركة بين البلدين باعتبار أن هذه المسألة ضرورية لبدء التنقيب عن النفط والغاز. ولفتت المصادر نفسها إلى أن عون كان رفض طلب بري تشكيل لجنة مشتركة لإيجاد تسويات للبنود العالقة وأبرزها الموافقة على إعطاء سلفة خزينة للحكومة مقدارها 8900 بليون ليرة لتغطية الإنفاق للعام الفائت بسبب تعذر إقرار الموازنة في مقابل إصرار النواب المنتمين إلى 14 آذار على أن تقر متلازمة مع إيحاد تسوية لإنفاق الحكومات السابقة البالغة حوالى 11 بليون دولار. وأضافت أن عون يرفض دمج هاتين التسويتين في مشروع واحد ويصر على أن تبقى قضية ال11 بليون دولار عالقة ليكون في مقدوره استخدامها ورقة ضد المعارضة واتهامها بهدر المال العام. واعتبرت أن لا مفر من الوصول إلى توافق، وعزت السبب إلى أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستواجه عاجلاً أو آجلاً مشكلة جديدة تتعلق بعدم إقرار الموازنة للعام الحالي على رغم انقضاء المهلة القانونية لدرسها والتصديق عليها وهذا ما يفتح الباب أمام البحث عن مخارج لتأمين الإنفاق لأن الصرف على أساس القاعدة الاثني العشرية يبقى في حدود معينة لا تسمح بتوفير الغطاء المالي للإنفاق على المشاريع. ورأت المصادر عينها أن المشكلة أمام حكومة ميقاتي ستتفاقم مع حلول العام المقبل بسبب عدم قدرتها على إعداد مشروع الموازنة والتصديق عليه نظراً إلى دخول مرحلة التحضير للانتخابات النيابية في ربيع 2013، مع أن هناك من يستبعد حصولها في حال بقيت الأجواء السياسية الراهنة على حالها، لأن من غير الجائز في ظل الاحتقان المذهبي في البلد والتطورات المتلاحقة في المنطقة وارتداداتها على الداخل إجراء هذه الانتخابات إضافة إلى تعذر وضع قانون انتخاب جديد. وقالت إن عون يأخذ على حلفائه في الأكثرية عجزهم عن توفير النصاب القانوني للجلسة الماضية، حتى لو انسحب نواب المعارضة منها، وبالتالي فهو يعد العدة لتنظيم هجوم مضاد يحقق من خلال الجلسة التشريعية المقبلة ما تعهد به لجهة رفضه الربط بين الإنفاق السابق والحالي بغية أن يتمكن من توجيه ضربة للمعارضة للتعويض عن الانتكاسة السياسية التي لحقت به باستقالة وزير العمل شربل نحاس. وبكلام آخر، لا يتردد عون، كما تقول المصادر، عن الدخول في اشتباك سياسي مع المعارضة وهذا ما لا يحبذه بري ولا يؤيده رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط الذي شدد في الجلسة التشريعية المؤجلة على ضرورة الوصول إلى تسوية سياسية. ورأت أن عون لا يستطيع أن يوظف الأكثرية لخدمة معاركه السياسية المفتوحة، وقالت إنه يدرك أن جنبلاط لا يتناغم معه في المطلق، وهو يشكل بيضة القبان في تحديد المسار العام للجلسة المقبلة ولا يبدو أنه ينتهج سياسته هذه بمنأى عن التناغم مع بري وميقاتي الذي لم يكن بعيداً من المشاورات التي أجريت على هامش تأجيل الجلسة، وضغط في اتجاه الوصول إلى تسوية لطي صفحة الماضي. وأكدت أن قوى في الأكثرية ليست في وارد أن تضع قوتها النيابية بتصرف عون من دون أن تقيده بضوابط لأنها تتطلع إلى المستقبل وترفض العودة إلى الماضي. وقالت إن بري قرّر تأجيل الجلسة لأنه لا يريد إقحام البرلمان في اشتباك سياسي جديد يمكن أن يؤدي إلى تكريس شرخ في البلد في غنى عنه ولا مصلحة له فيه، خصوصاً إذا ما قررت غالبية النواب من السنّة الخروج من الجلسة أو مقاطعتها. وكان بري علق على الموقف الذي أدلى به رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو عن لبنان، معتبراً ان «موشي دايان سبقه الى ذلك ذات يوم عندما قال ان لبنان على عيني السوداء، وطبعاً لبنان يشكل عقدة اسرائيل في هذا العالم، وليس العربي فحسب، بانتصاره وانتصار مقاومته على آلة الدمار وعلى الأفكار الإجرامية، لكن ما علاقة السؤال بخط القطار العملاق الذي يُلحق أكبر الأضرار بالاقتصاد المصري وبقناة السويس». وأضاف بري في تصريح، أن «القطار الإسرائيلي من الواضح أنه لا يؤتي ثماره إلا إذا اندحر لبنان واندحرت سورية، كي يصبح الخط الدائري سالكاً وسالماً، وإلا فإنه لن ينافس قناة السويس، ولبنان كان وسيبقى كما يريده اللبنانيون، لا كما تريدونه انتم، سيبقى دولة لن يطاولها احتلالكم». والتقى بري في مقره رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس امين الجميل، الذي شدد على «الحاجة الى توحيد الكلمة وإنهاء الخلافات الجانبية بسرعة لكي نتصدى للقضايا الاهم، ونأمل بالتوصل الى حل لموضوع ال8 وال11 بليون دولار بالتوافق بين جميع الاطراف»، مؤكداً ان «التحالف مع كتلة «نواب المستقبل» بألف خير، وليس هناك أي إشكال، ربما لم يكن هناك تنسيق مباشر، لأن الامور كانت مفاجئة (انسحاب نواب المستقبل من الجلسة التشريعية اول من امس). والتقى بري رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار، الذي قال إنه اقترح على بري «ضرورة صوغ هدنة إعلامية من كل الاطراف السياسيين».