ملاعب البرازيل الفاخرة لم تقم في مجملها على أراض خاوية كما يحدث في كل بقاع الأرض، تلك الحقيقة التي نتخيلها لكنها ليست واقعاً، هكذا يقول أغلب المشردين الذين وقفت «الحياة» على أحوالهم، بعضهم كان يقطن في عشوائيات تحولت اليوم إلى ملاعب، يقول أحدهم: «قررت الحكومة بناء ملعب حيث أسكن، لكنها في المقابل لم توفر لي المسكن، لا يمكنني أن أنام في الملعب، سأنام الليلة هنا، ليستمتع العالم بمراقبة من يركلون الكرة على كل ما كنت أنام عليه سابقاً». العشوائيات التي كان يقطنها أغلب المشردين لم تكن منازل الأحلام، ولم توفر حتى أقل متطلبات الحياة الكريمة، لكنها على أقل تقدير كانت تقيهم الشمس في النهار والبرودة في الليل، على رغم كل ما تحتضنه جدرانها من الحشرات والقوارض، لكنهم كانوا يقبلون بها قبل أن يتمنوها اليوم. تقول دراسات مختلفة أن 250 ألف برازيلي على أقل تقدير هجّروا من مساكنهم غير النظامية أو العشوائيات كما نعرفها، لأن الحكومة قررت تنظيم المونديال وبناء الملاعب وتوفير مساحة خالية حولها، تقارير أخرى تورد أرقاماً أكبر بكثير، وهو أمر وارد جداً، خصوصاً أن حجم العشوائيات في البرازيل يفوق منازل الأحياء المنظمة عشرات المرات، وجلها يقع حول الملاعب. اللافت في القضية هو طريقة تعاطي المشردين مع الموقف، بعضهم يبدو غاضباً جداً، خصوصاً حين تلتفي به ويكتشف أنك من غير أبناء جلدته، كونه يعتبرك ضيفاً على مونديال يستفزه، وبالتالي تخسر أي فرصة للحديث معه، إن لم يقده الغضب إلى توجيه سيل من الشتائم تجاهك، الموقف يختلف فور معرفتهم بأنك تعمل كصحافي، إذ يرحبون بك فوراً، ناقلين لك كل معاناتهم، قبل أن تحضر الجملة الثابتة مع كل من وقفت «الحياة» على أحوالهم: «أرجوك انقل للعالم ما لا يعرفون، سلط الضوء على الحقيقة، فيفا تحاول إخفاء معاناتنا، والعالم ما عاد يدرك أسباب رفضنا للمونديال». وفيما يلتزم البعض الصمت حيال كل ما يعانيه، ويبحث عن مأوى بين ليلة وأخرى، يصر البعض على المشاركة في كل فعالية معادية للمونديال، قبل أن تقوده الحماسة إلى المشاركة في أعمال شغب واسعة، قاد كثير منها إلى تكسير عدد من المحال التجارية، وواجهات شركات راعية للمونديال.