ينتظر أن يكون الأسبوع الجاري حاسماً في بلورة خريطة المنافسة في انتخابات مجلس النواب المصري المتوقعة في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، إذ تعكف القوى المشاركة في تحالف «الأمة المصرية» بقيادة عمرو موسى على تقسيم المقاعد وصوغ وثيقة اتفاقها. وكانت اللجنة القضائية المشرفة على التشريعيات أعلنت قبل يومين البدء في إجراءات الاستحقاق، فيما يتوقع إصدار الرئيس عبدالفتاح السيسي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية خلال أيام على أن يتبعه إعلان توقيتات فتح باب الترشح وأيام الاقتراع. وكان موسي أعلن الاثنين الماضي تشكيل تحالف «الأمة المصرية» الذي يضم أحزاب «الوفد»، و «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و «التجمع»، و «المؤتمر»، و «الإصلاح والتنمية»، و «المحافظين». وتعقد تلك الأحزاب اجتماعات خلال الأسبوع الجاري لاعتماد وثيقة التحالف. وأوضح عضو التحالف النائب السابق عمرو الشوبكي ل «الحياة» أن «قيادات التحالف تعكف الآن على صياغة عدد من المعايير التي سنختار بمقتضاها المرشحين، إضافة إلى مساعٍ لضم مزيد من الأحزاب المؤمنة بوثيقة التحالف، ونركز مع حزبي المصريين الأحرار والدستور، إذ أن هناك درجة كبيرة من التوافق على ضمهما». وأقر بأن معايير اختيار المرشحين «لا تنفذ دائماً على أرض الواقع، لكن هذا لا يمنع من أن نصيغ تلك المعايير ونجاهد من أجل إلزام الأحزاب بالاحتكام إليها». وأشار إلى أن «التحالف سيصيغ أيضاً برنامجاً انتخابياً موحداً فيه خطوط عريضة لرؤيته عندما يصل إلى البرلمان ومشاريع القوانين التي سيتبناها، على أن يخاطب المرشحون دوائرهم ويبحثون في المشاكل التي تعانيها». ويقوم التحالف على ثمانية مبادئ تتمثل في «الحفاظ على الدولة الوطنية وإصلاحها، والإيمان بأهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو، والالتزام بمبادئ الدستور والقانون وبناء ديموقراطية تعددية، والنظام الجمهوري أساس الشرعية السياسية والقانونية، والعلم والعمل أساس التقدم، وإقامة دولة تنموية ديموقراطية عادلة، ودعم المحليات، وتفعيل دور سياسة مصر الخارجية». وكان موسى أكد خلال حضوره مائدة إفطار جماهيرية عقدت في مدينة بنها (65 كلم شمال القاهرة) أن التحالف «يهدف إلى لم شمل الكتلة المدنية والمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة وبعدها الانتخابات المحلية لتحقيق ما ينشده المصريون بوجود برلمان قوي قادر على إصدار القوانين المكملة للدستور والتشريع ومراقبة أداء الحكومة والحفاظ على الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور والتأكيد على ما نص عليه من أن مصر دولة مدنية حكومتها مدنية وحكمها مدني... التحالف لكل المصريين ممن يؤمنون بمدنية الدولة ويسع الجميع وليست هناك تفرقة بين حزب أو آخر أو بين حركة وأخرى». غير أن حزب «المصريين الأحرار» أكد إصراره على خوض التشريعيات منفرداً. وقال الناطق باسم الحزب شهاب وجيه: «نرحب بضم شخصيات عامة ومستقلين إلى أي من قوائم مرشحينا، وكذلك التنسيق مع الأحزاب والتحالفات الأخرى»، مشيراً إلى أن «المصريين الأحرار بدأ إعداد قوائم مرشحيه». وتجتمع قيادات «الوفد» الثلثاء المقبل لعرض المناقشات التي جرت مع الأحزاب في شأن التحالف والتصويت عليها لتمريرها. وأكد عضو الهيئة العليا في الحزب عصام شيحة أن «الاتجاه الأقرب هو اعتماد خوض الانتخابات ضمن تحالف الأمة المصرية، سواء على المقاعد المخصصة لنظام الفردي أو القوائم». وأوضح ل «الحياة» أن «معايير اختيار المرشحين ستضع الوفد في صدارة الأحزاب التي ستحصل على الحصة الأكبر»، مشيراً إلى أن «تلك المعايير ستعتمد على حصص الأحزاب في البرلمان الماضي الذي حصل فيه الوفد على المركز الثالث بعد الإخوان وحزب النور السلفي، إضافة إلى المواءمات المالية والعصبيات العائلية والقبلية في المحافظات». وأكد أن «لا خلاف على تقسيم المقاعد، لا سيما أن التحالف لا يزال محصوراً في نطاق عدد ضيق من الأحزاب، أما الشخصيات العامة فمعظمها سيخوض الانتخابات على المقاعد المخصصة للقوائم». ويعقد حزب «المؤتمر» الذي أسسه موسى اجتماعاً اليوم لمكتبه الرئاسي لحسم موقفه من التحالفات الانتخابية، سواء بالاستمرار داخل تحالف موسى أو الانضمام إلى تحالف «الحركة الوطنية» الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، ويضم جبهة «مصر بلدي» بقيادة وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين. لكن نائب رئيس الحزب صلاح حسب الله رجح ألا يتم حسم الأمر في اجتماع اليوم، موضحاً ل «الحياة» أن حزبه أطلع على وثيقة تحالف موسى، «وهي جيدة لكنها نظرية. نريد القواعد العملية للتحالف والتي تتضمن آلية اختيار المرشحين وحصص الأحزاب. هذه أمور ليست واضحة، والحديث داخل الاجتماعات لم يتطرق إلى ذلك ويقتصر على أن توزيعات الحصص سترضي الجميع». وأضاف: «سنناقش الأمر ونعرض تفاصيل ما جرى، إضافة إلى حديثنا مع حزب الحركة الوطنية الذي طالبنا بالانضمام إلى تحالفه». وكان «الحركة الوطنية» أعلن رفضه الدخول في التحالف الانتخابي الذي دعا إليه موسى، ورأى أن أحزاباً مشاركة فيه «لها علاقات مع جماعة الإخوان». وقال عضو الهيئة العليا للحزب ياسر قورة في بيان إن «تحالف موسى تُقسّمه وتتقاذفه الزعامات، إذ تتنافس الأحزاب المُشكلة له على الريادة والقيادة، ومحاصصة المقاعد والمناصب، منصبين أعينهم على المصالح الذاتية بغض النظر عن مصلحة البلد العليا، بما يجعله تحالفاً هشاً لا يعبر عن مصلحة الوطن». وشكا «مؤامرة يقودها عمرو موسى و(رئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي) محمد أبو الغار و(رئيس حزب الوفد) السيد البدوي ضد مؤسس الحزب الفريق أحمد شفيق، تهدف إلى إقصائه وحزبه من المشهد السياسي خلال الفترة المقبلة بصورة نهائية، وهو ما اتضح جلياً من خلال العديد من الدلائل والمؤشرات العملية». ورأى أن «الحركة الوطنية حزب قوي ومهم وله تواجد واضح على الساحة المصرية وفي شتي الفعاليات والتحركات ولعب أدواراً بارزة في إطار الجماعة الوطنية المصرية عموماً لإحداث تغيرات ملموسة، وبالتالي فإنه يرفض أن يكون جزءاً من مؤامرة رخيصة هدفها اقتسام المناصب والمقاعد بقيادة موسى». وأعرب عن ثقته في قدرة حزبه على المنافسة على الغالبية البرلمانية وتشكيل الحكومة، «نظراً إلى ما يتمتع به من قوة وشعبية هائلة في الشارع المصري ناتجة من شعبية مؤسسه الفريق أحمد شفيق». ورداً على البيان، أكد مقرر «الأمة المصرية» أن «التحالف لا يسعى إلى إقصاء أي طرف سياسي سواء من المؤيدين أو الخصوم، كما لا يسعى إلى تبادل الاتهامات أو الاسترسال في المناكفات السياسية». وقال الشوبكي ل «الحياة» إن «التحالف يحاول تقديم رؤية وبرنامج ووثيقة سياسية تجمع القوى المدنية للتحالف الانتخابي والتوافق السياسي... الاختلاف في الرؤى والتوجهات أمر طبيعي ما لم يشبه التخوين والاتهامات».