لم تقتصر الجلسة التشريعية التي عقدها المجلس النيابي اللبناني أمس ويستكملها اليوم، بعدما رفعها رئيس المجلس نبيه بري قبل أن يتمّ بحث اقتراحي القانونين المقدّمين من النائبين نبيل دي فريج وإبراهيم كنعان حول قانون بدل النقل، على مناقشة المشاريع واقتراحات القوانين الواردة على الجدول، إذ انتقد نواب في 14 آذار لا سيما النائب مروان حمادة، إضافة إلى النائب أكرم شهيب، بعنف عمل الحكومة وسياسة النأي بالنفس في شأن سورية، داعين إلى عقد جلسة عامة عاجلة لمناقشة الحكومة في سياستها. وسبقت الجلسة التي استهلت بالوقوف دقيقة صمت حداداً على النائبين نسيب لحود وعلي حمد جعفر، خلوة بين بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ومشاورات جانبية جمعت الأخير والمعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل وعدداً من النواب على خلفية ملف بدل النقل. وانضم إليهم الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة لمناقشة مشروع القانون بتخصيص اعتماد 8900 بليون ليرة لتغطية الإنفاق. وتحدث في الأوراق الواردة النائب أنطوان زهرا ووصف الوضع السياسي الراهن ب «الفرجة وفخار يكسر بعضه»، وتمنى أن تبدأ الجلسة «بالاتفاق على ما هو في تفسير الدستور وفي توقيع المراسيم وإعطاء رئيس الجمهورية الوقت الكافي أسوة بالوزراء»، ورأى أن تفسير المادة 66 من الدستور «هو تفسير خاطئ فالرئيس سيد في موقعه ولا يجوز تقييده بالوقت». وانتقد النائب روبير غانم سياسة السلطة التنفيذية و «انتظارها ما يحدث خارج لبنان». ورأى أن «الفساد بات قاعدة والاستثناء هو مكافحته وبتنا أمام مرجعيات وولاءات لا تمت للوطن بصلة». ودعا «المؤسسة التشريعية إلى القيام بدورها كي لا نفاجأ يوماً بانتفاضة على الفوضى لأن الشعب اللبناني يريد ما تريده الشعوب العربية وآن الأوان أن تستفيق الحكومة لمعالجة هذا الوضع». وتناول النائب روبير فاضل الوضع الأمني، قائلاً: «على رغم انه ما زال ممسوكاً فان أحداث طرابلس جاءت لتذكرنا بضرورة التنبه أكثر والعمل على معالجة كل أسباب المشاكل». وسأل: «ما هو الحل في هذه الحكومة»، وقال: «هل هي حكومة واحدة أم حكومات عدة أم حكومة من؟». وعلق بري ممازحاً: «حكومة كل مين ايدو الو». وسأل النائب بطرس حرب: «ماذا حصل بوزير العمل؟». بري: «شو خصك انت؟». النائب سيرج طور سركيسيان: «هو وزير عمل سابق». بري: «لا تشاغب شو متروق سجق الصبح». حرب: «أريد أن أعرف ما إذا كانت الحكومة نقصت حكومة أم لا تزال 30 حكومة». بري: «شو ها الغيرة المفتعلة، شو بخصك انت؟». وسأل حرب: «ماذا فعلت الحكومة لحل مشاكل الناس؟ سبق وتقدمنا بعريضة للمطالبة بمناقشة الحكومة، وكنا نتمنى لو كانت هذه الجلسة جلسة مناقشة». وقال: «أين هي السياسة المالية والاقتصادية التي تنتهجها الحكومة لمعالجة الوضع المتأزم للتأسيس لمستقبل قريب؟ من المفترض أن نعرف حقوق العمال وهذا العامل الذي ينتظر بدل النقل، فالحكومة عجزت عن محاسبة هذا الوزير، هناك شيء غير طبيعي فالنظام ينهار والاستقالة لا تحل المشاكل إنما ستزيدها». وقال عدوان: «نحن أمام حكومة فاقدة لأدنى مقومات الحكم، إذ لا تضامن ولا تعاون حتى في القضايا البسيطة التي تتعلق بأمور الناس، وما يزيد القلق أن الدستور والقانون كأنهما أصبحا وجهة نظر، ووسيلة ممارسة السلطة قائمة على سياسة التعطيل، فأي بلد يتقدم يمثل هذه الممارسة؟». حمادة وقال النائب مروان حمادة: «أمام حجم المآسي التي يعيشها لبنان ومحيطه، وخصوصاً في سورية الثائرة الباسلة، تبدو الأوراق الواردة المحصورة بدقائق معدودة كأوراق الخريف المتناثرة». وشكر لرئيس الجمهورية «الإيجابية الوحيدة لأخذه علماً بالتمديد لعمل المحكمة الدولية في الوقت الذي ستكشف فيه فصول جديدة من مؤامرة القتل المبرمجة التي استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وكوكبة شهداء ثورة الأرز». وقال: «إنك يا فخامة رئيس بكلمة واحدة موفقة حسمت إشكالية مصطنعة جعل منها تحالف الجريمة قميص عثمان فعندما كان رئيس الجمهورية معطّلاً ومعطلاً اتخذت الحكومة عام 2007 قرارها بالترحيب بالمحكمة فقامت القيامة ضدها كما سمي آنذاك استغياب الرئيس». وقال: «باتت الحكومة اليوم معطلة ومعطلة، وها هو الرئيس يأخذ علماً بالتمديد تقوم القيامة، ونسأل أين هي الحكومة من كل صغيرة وكبيرة؟ فبنأيها عن الوطن والعمل خلافاً لشعارها المعهود تغيب الدولة بكاملها، وبعلاقاتها الخارجية إنها فعلاً غائبة عن لبنان وعن العرب وعن العالم. وأين هي من مؤتمر أصدقاء سورية؟ فهل بقي أصلاً صديق للبنان سوى بعض الدول المارقة في ما يسمى بمحور الممانعة؟ وأين الحكومة من حرية الإعلام ومن مخابرات الشمال التي تعتدي على الإعلام اللبناني والعربي والدولي فتفرض عليه تسليم نسخ أفلامها وتحقيقاتها؟ مركزا حلبا وأنفة وأحد الضباط في رتبة رائد يفرض على الصحافيين حتى المعتمدين لدى قيادة الجيش نسخاً عن الأفلام ستحال حتماً إلى شبيحة دمشق للثأر من عائلات الجرحى والنازحين البؤساء». وسأل: «أين الحكومة خصوصاً أدعياء الإصلاح والتغيير فيها من كل المشاكل الحياتية من المازوت السائب والهاتف المعطل ومن الكهرباء التي تحولت سلعة للحرمان والابتزاز؟ فالأوراق الواردة لا تفي أبداً بأقل واجبات المراقبة النيابية. ونناشد بري تحديد جلسة عاجلة للمناقشة العامة لعلنا ننقذ الحكومة من نفسها وننقذ لبنان منها». وقال النائب خضر حبيب: «هناك من أرسل السلاح وله مصلحة، إلى كلا الفريقين عبر باب التبانة وجبل محسن التي تشهد معاناة وبطالة وفقراً مستشرياً واستغلالاً من البلطجية». وطالب بجمع السلاح وجعل طرابلس خالية من السلاح «حتى الفردي». وعندما ذكر النائب علي عمار أنه خلال زيارته إلى الحج «والتوجه إلى ميقات الحج والجحفة تاه السائق المصري بالقافلة». قاطعه بري بالقول: «ميقات بلاد الشام الجحفة وميقاتنا في لبنان نجيب ميقاتي». ثم تحدث عمار عن «ممارسة الجيش الأميركي في أفغانستان من حرق للمصاحف، وفي القدس وفي جنوب لبنان من ممارسات واستفزاز الإسرائيلي ضد المقدسات المسيحية من دون أي حراك عربي». واقترح «تبني توصية تدين ممارسات العدو الأميركي البغيض والعدوان الإسرائيلي»، متميناً «طرح هذه التوصية على الهيئة العامة لتحظى بترجمة أن المجلس النيابي سيد نفسه». شهيب وقال شهيب: «بعيداً من التوترات العالية وخطوطها التي لا تلتقي إلا لتكهرب، أما آن لنا أن نحترم حق بشر نزحوا إلى ديارنا هرباً من جور نظام وآلة قتل وأن نمد يداً ظاهرة غير جيبية لمساعدته وهم أهل لنا وأخوة كانوا يفتحوا القلب والديار لأهلنا كلما شردهم جور عدو محتل وآلة قتله؟». وأضاف: «أن ننأى فهذه رؤية ندرك أن النأي فيها غير ممكن، البلد يغوص في المأساة السورية وفي الانقسام والتمترس إزاء ما يحدث في سورية». وقال: «في ظل هذا الغوص لا بد من مساعدة هذا الشعب السوري. عار على لبنان أن ينأى عن معاناة إنسان شقيق والخطر على لبنان أن ينأى في نأيه السوري عن إجماع عربي وتعاطف دولي مع شعب يهتف للحرية ويطلق نداء الموت ولا المذلة»، لافتاً إلى أنه «عندما نقول سورية الشقيقة هذا ليس موقفاً سياسياً آنيا إنما تعبير عن موقع إنساني معاش ودائم. فالشعب السوري هو الثابت والنظام هو المتغير، الشعب السوري هو من وقف إلى جانب اللبنانيين أيام المحن ونحن نكافئ هذا الشعب بالنأي بالنفس». ورأى أن «الوقوف خلف النأي لا يحل المشكلة، المشكلة أننا لا نرى أن الوطن بمشكلة وأن سورية بثورة». وقال النائب محمد قباني: «مهمة هذا المجلس التشريع والرقابة، ولكن ماذا يحدث بعد ذلك؟ مهمتنا هي متابعة تنفيذ القوانين ومحاسبة المقصرين، وأعطي مثلاً، القانون رقم 181 والمتعلق بالهيئة الناظمة للكهرباء التي لم تؤلف لأن بعض الوزراء يضعون القوانين في الأدراج وكأن الوزارة ملك خاص لهم». وقال النائب زياد القادري: «معيب أن تساهم الحكومة في حصار مئات العائلات السورية في أكثر من منطقة لبنانية، وخصوصاً في البقاع. هناك أكثر من 500 عائلة سورية في البقاع، هم بأمس الحاجة إلى طمأنتهم في ظل بقاء أمنهم تحت رحمة الشبيحة. الواقع بقاعاً ينذر بكارثة، وقد أعذر من أنذر. متى يستيقظ ضمير الحكومة أو ما تبقى منه؟ أم أن لا حول لكم ولا قوة؟ أما أن تكونوا «شهود زور» على مأساة شعب يستصرخ كل ضمير حي في العالم... لا نريد أن نصدق أن لا حياة لمن ننادي، لكنكم لا تفعلون ما يغير في ذلك». واعتبر النائب نواف الموسوي» أن لبنان يعيش في أمان نسبي على رغم ما يحصل في المنطقة». وقال: «إذا كان من إيجابية لهذه الحكومة فهي سياسة النأي عن الفتن والرهانات القاتلة». واقترح النائب سامي الجميل على الرئيس بري إدراج اقتراحه لتعديل النظام الداخلي للمجلس من خلال التصويت الإلكتروني كي يتمكن الشعب اللبناني من محاسبة النواب، بري: «بدك رئيس المجلس يكون بيعرف إلكتروني». وسأل الجميل عن مصير تصويت المغتربين في الخارج، مطالباً بالتزام رئيس الحكومة ووزير الخارجية الموجودين في القاعة ب «إجراء الانتخابات في الخارج كي يذهب المواطنون إلى السفارات ويتسجلوا بحيث لا تحرمهم الاستمارة التي يوقعون عليها من حق الانتخاب». وانتقد استخدام عبارة «العدو الأميركي» من قبل بعض الوزراء في الحكومة، فيما رئيس الحكومة يجتمع مع مسؤولين أميركيين وفيما الجيش اللبناني يتلقى مساعدات أميركية. ورد النائب غازي زعيتر على منتقدي سياسة النأي بالنفس، بالقول إنّ «الحكومة تنصّلت في حرب تموز من المسؤولية ولم تنأ بنفسها عما جرى». وأقر النواب مشروع قانون يتعلق بتحويل سلاسل رواتب العسكريين وتعديل أسس احتساب التقاعد وتعويض الصرف من الخدمة. ووضع على جدول أعمال اليوم مشروع ال8900 بليون ليرة لبنانية لتغطية الإنفاق لغاية 31/12/2012. وأقر مشروع قانون يرمي إلى تحويل سلاسل رواتب أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية ومعاشات المتقاعدين لديها. واستفاض النواب في مناقشة مشروع القانون المتعلق بأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية، وقال حرب: «هذا مطلب حق يجب أن يقره المجلس». وطالب الرئيس فؤاد السنيورة «أن يكون من ضمن سياسة واضحة بالنسبة للأجور إذ سيليه مطالبات من الأساتذة الثانويين والإدارات كافة ومن العسكر أيضاً». وسأل: «هل نريد أن نتعامل مع أمور خطرة كهذه بطرق بسيطة؟ سيأتي الكثير غيرهم ويورطون المالية؟»، منبهاً من «الدومينو». الصفدي وأوضاع الخزينة وتمنى وزير المال محمد الصفدي «سحب المشروع لأن لدينا مشروعاً متكاملاً لزيادة الأجور سنعرضه عليكم ويشمل كل الفئات». بري: «هذا المشروع حصلت فيه مناقشات طويلة وعريضة». الصفدي: «أصبحنا في وضع صعب، إذ أن مدخول الأستاذ الجامعي أصبح أكبر من المدير العام وهذا غير مقبول». عمار: «صدقية الحكومة هي في إقرار هذا المشروع». وقال النائب علي بزي: «على الحكومة الالتزام بما تم التوافق عليه في اللجنة بين وزير التربية والأساتذة والتصويت عليه وإلا نحن سنشهد إضرابات متواصلة وهذا حقهم». وأيده في ذلك النائب علي فياض محذراً من «عواقب وخيمة ما لم يقر لأن وضع البلد لا يحتمل تراجع الحكومة عنه». بري: «من حق وزير المال التحفظ ودق جرس الإنذار. لكن هذا المشروع أشبع درساً والجامعة اللبنانية وضعت ساعات إضافية ونظمت وضعها على أساس أن هذا المشروع هو ثمرة إجماع وتوافق». السنيورة: «صحيح هناك صدقية للحكومة لكنني أحذر من هذه المسألة». ولفت الصفدي إلى أن «واردات 2012، 14200 بليون ليرة والفوائد 5350 بليوناً والرواتب 7250 بليوناً وفوائد الدين 3161 بليوناً والمجموع 15790 بليون ليرة وهذا من دون المشاريع». ولذلك نحن في وضع مالي صعب». بري: «الدولة راعية وليست تاجراً». حمادة: «أتخيل مجلسنا بعد حين أن يتحول إلى بركان يوناني تحيط به التظاهرات التي تحرق الأخضر واليابس احتجاجاً على خفض الرواتب والتعويضات». وطرح المشروع على التصويت فاقر اعتباراً من 1-11-2011. وناقش المجلس إعفاء مادة المازوت الأحمر المستورد من منشآت النفط في طرابلس والزهراني من الضريبة على القيمة المضافة، وطالب النائب غازي يوسف بتحرير منشآت النفط، فيما أثار حرب فضيحة المازوت. وشهد هذا الملف سجالاً لكن التصويت عليه أرجئ إلى اليوم.