طغى اقتراح القانون المقدم من النائب ميشال عون والمتعلق بإقرار قانون برنامج لأشغال كهربائية لإنتاج 700 ميغاوات بقيمة 1,2 بليون دولار على الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني أمس، وقرر المجلس بعد مناقشات وسجالات حادة دامت نحو ساعتين، إبقاءه على جدول الأعمال لدرسه في جلسة الأربعاء المقبل، على أن تزود الحكومة المجلس تفاصيل هذا الاقتراح خلال مهلة أسبوعين بعد موافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وقد عارضه نواب المعارضة، فيما أيده نواب «تكتل التغيير والإصلاح» و «الوفاء للمقاومة». ولم يكتف النواب والوزراء بمداخلاتهم داخل القاعة إذ نقلوا الجلسة الى رواق المجلس وراحوا يتبارزون في استعراضات إعلامية أمام الكاميرات تصفية للحسابات السياسية. وأقر المجلس في جلسته التشريعية برئاسة نبيه بري 4 اقتراحات قوانين، أبرزها إعطاء حوافز للضباط، وتمديد مفعول قانون الإيجارات، وفتح اعتماد في موازنة عام 2011 لبناء سجون في الشمال والجنوب، وأحيل الى لجنة المال والموازنة القانون المعجل المكرر الرامي الى إعفاء المهجرين من رسوم التأمين والرهن. وفي الأوراق الواردة أعطى بري الكلام لوزير الداخلية مروان شربل الذي قال: «مشكلة السجون من أكبر المشكلات الموجودة، وعندما يحكم القاضي 3 سنوات، لا يذهب ويرى إذا كان التنفيذ 3 سنوات، فضلاً عن أن الغرفة تضم 11 شخصاً وحماماً واحداً، ويأكلون بالدور والغرفة 4 أمتار ب4 أمتار، هناك حل إما أن نعدل قانون العقوبات أو نستحدث سجوناً جديدة كما كنت أعرفها... هناك حبوب مخدرة، ويدخلونها ليس لبيعها بل من أجل أن يغيبوا عن الوعي بسبب الوضع المزري الذي يعيشون، ودائماً نقول لا يوجد أموال، نحن نتمنى أن تحل القضية أو أن كرة النار التي بين يدي ستكب أمام 128 نائباً». ورفض نواب كلام وزير الداخلية. وخاطبه النائب محمد قباني بالقول: «عيب هذا الكلام، أنت لست ضابطاً هنا». وطلب بري شطب العبارة الأخيرة من المحضر. وزير الداخلية: «أعتذر عن ذلك، أنا قلت ذلك لتساعدونني». وهنا دعا النائب غازي زعيتر وزير الداخلية للاطلاع على التحقيق في موضوع مقتل السجين محمد زعيتر، الذي توفى منذ أيام، وطلب التحقيق «بصورة جدية وشفافة». بري: «الكلام هو صرخة، ولا نقف عند كلمة، نحن ناقشنا موضوع السنة السجنية، لجنة الإدارة والعدل تحاول أن تضع صيغة جديدة، وإن شاء الله تطرح قريباً على المجلس، ومسؤولية الحكومة الإسراع بتحسين موضوع السجون وهناك اقتراحات بهذا المضمار». وقال النائب بطرس حرب: «ما قاله الوزير حول موضوع المخدرات فضيحة». وقال النائب جورج عدوان: «هذه الصرخة مهمة، ونتمنى أن تجد حلولاً، وأياً كان المبرر للمخدرات لا يجوز أن نتكلم فيه بهذه الطريقة». ولفت النائب علي فياض الى «أهمية الاستقرار في هذه المرحلة لنحمي البلد». ورأى أن المعارضة فقدت رشدها وتمارس سياسة طائشة، فالجموح في استهداف الأكثرية يؤدي الى إضعاف الموقف الوطني العام. وأحد الزملاء لفت الى أنه سيرسل رسالة الى المجتمع الدولي لمقاطعة الحكومة، وهذا أمر غير دستوري وسمعنا كلاماً عن إمداد الثورة السورية بمقومات الصمود، وهذا أمر لا يصدق». ورأى أن «هذا الكلام يحفز مهربي السلاح الذين قبضت عليهم الأجهزة، ما يجري الأن هو لعب بالنار». واتهم المعارضة بأنها «تدفع البلاد الى الخراب، وأدعو الحكومة الى التنبه الى موضوع تهريب السلاح والى متابعة جدية». وعلق النائب مروان حمادة: «من يريد حماية واستقرار لبنان لا يحمي المتهمين». وقال النائب أحمد فتفت: «لا نستطيع أن نتكلم بالاستقرار مع تنزيل القمصان السود كما عندما نزل السلاح في برج أبي حيدر... هل الانقلاب الذي حصل في كانون الثاني (يناير) هو للاستيلاء على النفط؟». بري مقاطعاً: «ما دخل هذه القضية بالنفط؟ ما حصل عملية ديموقراطية، ولأول مرة في التاريخ تحصل». فتفت: «هذا رأيك، نحن دعاة الاستقرار، وضد استعمال السلاح والمقاومة الحقيقية هي ما يقوم به الجيش اللبناني، هكذا يكون لدينا مقاومة لا أحد يزايد علينا بالاستقرار، وأتمنى أن يرد علينا رئيس الحكومة بقصة لاسا والرويس وضرب المتظاهرين أمام السفارة السورية». اعترض النائب سيمون أبي رميا. وتابع فتفت: «وزير الداخلية هو المسؤول عن الملف، سمعت توصيفاً عن أموال السجون والمطلوب أن يعطيني ماذا حدث. هذه مسؤوليته، والنقطة الأخيرة بعد جوابه عن المحكمة الدولية، يهمنا أن نعرف هل لبنان قام بكل ما يجب أن يقوم به من إجراءات أم أن الحكومة ملتزمة بما قاله «حزب الله» بعدم تسليم المتهمين حتى بعد 300 سنة؟». وأثار النائب معين المرعبي موضوع الكهرباء ولا سيما في عكار، محذراً من «أن الثورة قد تخرج من عكار انطلاقاً من موضوع الكهرباء». مشادة حبيش ونقولا وسأل النائب هادي حبيش وزير العدل شكيب قرطباوي إذا كان يجاري كلام أحد النواب من الفريق الذي ينتمي إليه بأن القضاء سقط إثر جلسة محاكمة العميد فايز كرم. بري: «لماذا تقرأ عن الورقة؟». النائب نبيل نقولا: «كتبوا له». حبيش: «واحد مثلك يكتب له». وحصلت مشادة بين نقولا وحبيش. فتفت: «ميليشيا واضح إنها ميليشيا». وهنا تدخل بري وطلب شطب العبارات من المحضر. وقال النائب حسن فضل الله: «نحن في آب (أغسطس) لمن نسي ولتنشيط الذاكرة، بين صورة تضامن وتكافل الشعب والجيش والمقاومة وصورة طاولة الطعام الملطخ بدمنا، وصورة الشاي في ثكنة مرجعيون، اختار لبنان الصورة الأولى، ولم ينتظر تفويضاً من أحد لرسم صورته، وهل يحتاج اليوم الى تفويض للدفاع عن ثروته النفطية؟.. لا ندري كل هذه الممارسات بتفويض من مَن، ومن فوض الجهات الداعمة لتهريب السلاح وللتحريض عبر موانئ بحرية وبرية لزج لبنان في شأن داخلي سوري؟ هل الادعاء بدعم الشعب السوري يكون بإحداث الفتنة وتهريب السلاح والتحريض؟ وفي ما يتعلق بالمحكمة والمتهمين يحضرنا في هذا المجلس كتل ونواب تحدثوا عن القتلة والمجرمين، لم ينتظر البعض حكم محكمته، فصار المظلوم محكوماً عليه، هذا يثبت أن الحكم صدر في اليوم الأول لتشكيل المحكمة، هذا صدر منذ اليوم الأول الذي صنع فيه شهود الزور من تقارير ميليس الى ويكليكس، كنت أحب أن أسمع مواقف تتعلق بهذه الإشارات». ورد فتفت: «مرجعيون ليس لها أساس». وتمنى النائب عبد اللطيف الزين إلغاء الأوراق الواردة في جلسة مشاريع القوانين. وقال النائب غازي يوسف: «كنت تمنيت على الوزير الشاب (نقولا) صحناوي أن يراعي قوانين الاتصالات وأن يحترم قرارات مجلس الوزراء لجهة تحرير هذا القطاع بعدما كرس سلفه الاحتكار لهذا القطاع، وتمنيت أن تكون ممارساته مختلفة عن سلفه، بل اتضح أنها استمرار لسياسة الكيدية». «الضرب بالميت...» وقال النائب أنطوان زهرا: «لن آتي صوب الحكومة لأن الضرب بالميت حرام، لقد مررت على لجنة الإدارة والعدل، ربما يجب أن يصار الى تعديل النظام الداخلي، لأن هناك حيفاً على النواب، ويتركون انطباعاً لدى الإعلام بأن من يتكلم في الجلسات العامة هو من يعمل، وانطباعاً بأن رؤساء اللجان هم الذين يعملون». جدول الأعمال ثم طرح مشروع القانون المتعلق بقانون الدفاع الوطني أو ترقيات الضباط. فأشار بري الى انه «تم التوافق على أساس أن يصار الى إصدار مرسوم تنظيمي جديد للملاك خلال 13 شهراً». فقال الرئيس فؤاد السنيورة: «بسبب عدم الالتزام بالملاك، يؤدي ذلك الى الزيادة غير الممكنة في الضباط»، مستغرباً الهرم المقلوب. بري: «التطبيق كان وفقاً لاتفاقنا، الآن هناك التزام». السنيورة: «هذه حصلت على أيامي». بري : «أنا أتذكر أيامك فقط». حرب: «كلنا نريد أن نعالج موضوع التخمة في الجيش، السؤال هل ذلك سيكون بعيداً من التوازنات الطائفية؟». وقال حمادة : «الملاك قصة تتعلق بالنظام الطائفي اللبناني. هناك أزمة حقيقية في الجيش، الملاك يجب أن يكون جديداً، أتمنى أن نسير بما وضعته دولة الرئيس (بري)». فقال بري: «تتعهد الحكومة بإصدار مرسوم تنظيمي جديد للملاك خلال 3 أشهر ويطبق بعد 3 سنوات من صدوره». وصدق مع الأخذ بالتعهد. وتم طرح اقتراح القانون الرامي الى إعفاء المهجرين الذين يستفيدون من القروض المصرفية لإعادة إعمار أو ترميم أو تحسين مساكنهم الموجودة في القرى التي تضررت نتيجة الحرب الأهلية. وطلب وزير المال محمد الصفدي إعادة الاقتراح الى اللجان لدرسه أو سحبه. وتمنى النائب ألان عون إقراره «لأنه تأخر أكثر من 20 سنة». وأكد النائب أيوب حميد تأييد كتلة «التنمية والتحرير» للاقتراح مع إضافة فقرة تتعلق باستفادة متضرري حرب تموز 2006 منه. وطلب النائب سامي الجميل الذهاب الى التصويت. وأكد النائب أكرم شهيب أن القروض «ليست هبة، بل محصورة بمن حصل على القرض». وسأله بري: «هل يشمل الجنوبيين؟». شهيب: «هذا الموضوع محصور بمهجري الجبل، وأخذوا قروضاً من المصارف السبعة. ومجلس الجنوب يمكنه أن يعمل اتفاق مع المصارف». وتمنى الرئيس ميقاتي «في كل أمر يتعلق بالمال أن لا يحمل صفة المعجل، لأننا لا نعرف حجم المبالغ وأتمنى إحالته الى اللجان». وقال النائب ياسين جابر: «القروض متاحة لكل الناس». وأحاله بري الى لجنة المال والموازنة طالباً الانتهاء منه قبل نهاية الشهر الجاري. وفي شأن تمديد مفعول قانون الإيجارات اقترح بري مهلة أقصاها 30/3/2012 وصدق. وطرح اقتراح القانون الرامي الى إقرار قانون برنامج لأشغال كهربائية لإنتاج 700 ميغاوات المقدم من النائب ميشال عون، فقال ميقاتي: «هذا المشروع وافقت عليه الحكومة، وكانت لدينا جلسة، وأذكر أن الرئيس (سعد) الحريري تطرق الى هذا المشروع أي الى خطة الكهرباء... وأي ملاحظات وضوابط نأخذها في الاعتبار». وانتقد السنيورة الاقتراح «بقوة، وهذا أمر مستغرب والصناديق العربية على استعداد لتمويل معمل لإنتاج في حدود ال500 ميغاوات». وقال: «رفض الوزير المعني آنذاك، وذكرت فخامة الرئيس منذ عشرة أيام، وتبين أن هناك إيغالاً بعدم اللجوء الى الصناديق العربية، هذه عملية تفتح المجال لكمية كبيرة لعدم الشفافية في التلزيم، نحن نريد وكل اللبنانيين يريدون الكهرباء، ولكن هذا الموضوع يجب إعادة النظر فيه». وتطرق الى مسألة شمولية الموازنة والاستدانة وإنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء، وقال: «معالجة الكهرباء لا تتم بورقتين مقدمتين لصرف بليون و200 مليون دولار. وأشير هنا الى أن الإجازة تعطى للحكومة، لا للوزير لإطلاق يده للإنفاق». وأوضح وزير الطاقة جبران باسيل أن «المشروع الذي أمامنا، مساره صحيح، وعملنا مع كل المعنيين وخرجنا بنتيجة، ووصلنا الى أن الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً باعتماد خطة الكهرباء، وأخذنا سلفة خزينة لنقوم بالدراسات، وأتينا باستشاريين، وأجريت جلسة في لجنة المال والموازنة في 5 ساعات». ولفت الى أن عجز الكهرباء في 2009 بلغ 4 بلايين دولار، «واللبنانيون يدفعون من جيوبهم لمولدات الكهرباء بليوني دولار، وإذا استمررنا في هذا النقاش الخسارة ستكون 12 بليون دولار. بليون و200 مليون دولار رقم كبير لإنتاج 700 ميغاوات، كل دقيقة يسجل علينا 12 ألف دولار، كل انتظار شهر يكلف 500 مليون دولار». وتحدث باسيل عما يوفره الاقتراح على اللبنانيين، «وهذا العمل حسب الأصول ولكل الناس وليس لفريق والأزمة مستفحلة وذاهبة نحو الأكبر». ورد عليه حمادة: «بعهدك رفض المجلس منح أي حكومة صلاحيات استثنائية والمطلوب أن نعطي وزيراً حلاً بالانطلاق من دون شفافية، 1200 مليون دولار». وطرح مسألة البواخر، «ونحن نعرف كيف توقفت موازنة ال2010»، واعتبر أن «هذا الأمر هو فضيحة متكاملة»، ودعا الى أن «تضع الحكومة يدها عليه لتعود إلينا بمشروع مفصل لأن إقراره مغامرة». وقال حرب: «لا أعرف علاقة هذا الاقتراح بالعماد عون، هل هي عائلية أم عاطفية، وهناك ذكر لوزارة الطاقة وكأن الحكومة غير موجودة. القضية هي إعطاء الحق لشخص بصرف 1,2 بليون دولار من دون رقابة. إن رئيس الحكومة وقف موقفين متناقضين». ثم خاطبه بحدة: «كيف تقول الحكومة إنها لا تريد أي اقتراح معجل مكرر يتعلق بالتمويل، ثم تريد إقرار اقتراح ب1,2 بليون دولار؟». بري: «لماذا هذه اللهجة في التخاطب؟». حرب: «هذه فضيحة مالية كبيرة مشبوهة». ورأى شهيب أن الاقتراح «كناية عن اتفاق من دون تحديد الموارد»، واعتبر أن «مشروعاً كهذا يجب أن يرتبط بتسعيرة الكهرباء، عدا عن كلفته، وهو بحاجة الى درس أكثر لنوافق عليه». وقال النائب علي عمار إن «هذا المجلس أعطى الحكومة كل ما يمكنها من معالجة القصة العظيمة التي اسمها الكهرباء. منذ 1992 وعد الشعب اللبناني بكل شرائحه ب24 على 24، وعلى رغم فتح الاعتمادات والبلد من مشرقه الى مغربه، أين هي كهرباؤكم وشفافيتكم؟ المصيبة العظمى هي أن هناك من يريد منا أن ننسى قضية المال العام. عندما كنا في تلك الحكومة كانت قمصاننا بيضاً، والآن أصبحت سوداً، مشكلة البلد لا تحل إلا بتبييض القلوب السود وتطهيرها. هذا الشعب يجب ألا يذبح بالكهرباء مرة ثانية بحجة أننا لا نريد أن نعطي جبران باسيل أو التيار الوطني الحر هذا الإنجاز». وقال قباني: «هذه المعادلة مضللة. المطلوب إحالة الاقتراح على لجنة نيابية أو لجنة أخرى، لأن الأمر خطير بإعطاء صلاحيات كهذه». وقال النائب سامي الجميل: «لا أستطيع أن أصوت على 1,2 بليون دولار من دون أن أعرف ما هي خطة الكهرباء. وأقترح أن يدرسه مجلس الوزراء أو لجنة نيابية كما تريد يا دولة الرئيس». واقترح النائب جورج عدوان أن «تأتي الحكومة ضمن مهلة أسبوع وتوزع خطتها الكاملة، ونحن على استعداد لإقرار الخطة في جلسة». بري: «ما رأيك يا دولة الرئيس؟». ميقاتي: «انطلاقاً من مبدأ التعاون بين المجلس والحكومة، لا أعتقد أن هناك مشكلة في تأجيل الموضوع أسبوعين لإعادة تقديمه كمشروع من الحكومة مع الضوابط المطلوبة». بري: «ليبق على الجدول ونبدأ بإقرار الاتفاقات». وأبقي الاقتراح على جدول الأعمال للإتيان بتفاصيل عنه خلال مهلة أسبوعين. وبعد إقرار عدد من الاقتراحات والمشاريع رفع بري الجلسة الى صباح الأربعاء المقبل لاستكمال مناقشة جدول الأعمال.