تحزم فتاة سعودية، حقائبها للسفر إلى عاصمة الموضة (باريس)، ومنها إلى ميلانو، لتعرض في معارض أزياء تقام هناك رؤيتها «الحداثية» للثوب السعودي الرجالي، وسبق لمنى الحداد، أن شاركت في ثمانية معارض أقيمت في مناطق المملكة، إضافة إلى معرض في دبي. واتجهت منى نحو تصميم الثياب الرجالية بعد تخرجها من الجامعة مباشرة، بعد أن فكرت مع زوجها في القيام بعمل مشترك، بشرط أن يكون فيه «طابع التجديد والتغيير». ولرغبة زوجها الشديدة في تغيير نمط الثوب، ولدت فكرة المشروع، وهي عبارة عن «شركة متخصصة في تصميم وصناعة الثياب الرجالية»، أطلقا عليها «شركة لومار المتخصصة بالثياب الرجالية». وقالت الحداد، خلال مشاركتها أخيراً في برنامج «رواد»، أحد برامج «مجلس شابات الأعمال» في المنطقة الشرقية: «لاحظت توجهاً لافتاً من الشبان السعوديين أخيراً، نحو الزي الغربي، وسط انتقادات للمحلي، لأنه «من وجهة نظرهم» غير متجدد، ويضفي على لابسه الملل، وأنه ثوب صامت غير متغير لسنوات. فعزمت على إرجاع الشبان نحو اللبس الرسمي. ولكن بطابع مختلف، ومتجدد، لا يفقد هويته». مستعينة بهذه المعادلة الثلاثية، بدأت منى خطوتها الأولى، بالاستعانة بخياط لتنفيذ التصاميم، ثم عرضها في محيط الأهل والأصدقاء. «ولاقت استحسان الكثيرين. بيد أنها واجهت معارضة واستهجاناً في البداية، كونه تغيراً يطرأ على اللبس الرسمي للرجل» بحسب قولها، مبينة أن «أي تغير لا بد أن يصطدم بداية في صعوبات وعراقيل، كي يحظى بالقبول. وهو ما حدث معي». وبدأت الحداد مشروعها من ملحق منزلها، بعد الاستعانة بأكثر من خياط، تحت شعار «إعادة تعريف الثوب، وخلق ثقافة أن يكون هناك ثوب معين لكل مناسبة اجتماعية». وعن أبرز التحديات التي واجهتها، ذكرت أن «عدم تقبل الرجال دخول المرأة السعودية في مجال تصميم ثياب خاصة بهم، كان أبرز التحديات، علاوة على صعوبة التعامل مع الأيدي العاملة الأجنبية، بسبب عوائق اللغة والجنس والثقافة، إلى جانب كثرة تفاصيل مراحل خياطة الثوب، وصعوبة الحصول على المواد الخام (قماش، وإكسسوارات)، والبحث عنها في الخارج، بهدف التميز». ولا تقف الصعوبات عند الجانب اللوجستي، فهي تواجه «نظرات استهجان»، كونها امرأة تصمم للرجال. وتقول «أواجه بنظرات الاستغراب حين أكون في محل رجالي، واختار من بين الأقمشة المعروضة، ويصل الأمر إلى حد الرفض في التعاطي معي أحياناً». بيد أن كل ذلك لم يعرقلها عن تحقيق طموحها، لأنها تعتقد أن «الإبداع في التفاصيل كافة، من تصاميم، ومنتجات، وأسلوب عرض، وطرق إعلان، علاوة على أسلوب البيع، والتعاطي مع العميل، كانت مفتاح النجاح الذي تحقق لي. وأسفر عنه افتتاح مصنع تصل طاقته الإنتاجية إلى 120 ألف ثوب في السنة». وتتسلح منى، ب «الإصرار والصبر»، اللذين ترى أنهما «يسهمان في تحقيق النجاح لأي مشروع»، مضيفة أن «الكثيرين يتوجهون نحو تأسيس مشاريع. بيد أن ما يستمر منها قليل جداً»، لافتة في هذا الصدد إلى «دراسة أوضحت أن 8 من كل 10 مشاريع تفشل في أول خمس سنوات. والسبب تخلي أصحابها عن أحلامهم»، مشددة على أهمية «تسلح الفتيات بسلاح الصبر والإصرار، علاوة على التوازن بين الأسرة والعمل، من طريق ترتيب الأولويات، وتنظيم الوقت». وأبانت الحداد، أن المعارضة التي واجهتها في بداية المشوار «أسفر عنها رضا تام، بعد خروجي بنماذج مُبتكرة للثوب الرجالي»، مشيرة إلى منهجيتها في وضع التسعيرة على المنتجات، ترجع إلى «الارتكاز على كلفة الثوب ذاته، وعلى نوعية القماش المستخدم»، لافتة إلى أنها تستهدف «شريحة معينة من المجتمع»، مستعينة بمشاهير المذيعين، مثل أحمد الشقيري، وتركي الدخيل، ما أسهم في رفع المبيعات وزيادة الانتشار.