تراوحت المواقف السياسية الصادرة أمس، بين استعجال تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وبين التروي في إنجازها، وانتقد مسؤولون في الأكثرية تمسك رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون بالتمثيل النسبي في الحكومة، وذكّر البعض الآخر بدور رئيس الجمهورية في تعيين الوزراء. الجميل: نتسلى بالقشور وأكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل بعد استقباله وفداً برلمانياً بريطانياً ان لبنان «في أمس الحاجة الى وجود محاور شرعي يدافع عن حقوقه، ولا نزال نتسلى بالقشور»، معتبراً ان «الوضع خطر بعد التهديدات الإسرائيلية المباشرة للبنان ولغيره، وتقتضي هذه المرحلة رص الصفوف، فلا نستخفن أبداً بهذه المحاذير والمفروض ان تؤلف الحكومة في أسرع وقت وفق أصول معينة يجب احترامها، فلا أحد يريد تجاهل الآخرين، ونحن نقول بالتعاون من خلال حكومة وحدة وطنية، وباحترام النظام الديموقراطي، وإيجاد حل لتعزيز المؤسسات وعمل الحكومة بعيداً من تعطيلها». ونبه الى ان «للمماطلة تأثير سلبي، وضعنا أنفسنا بتصرف الرئيس المكلف لتسهيل الأمور، والمطلوب من كل الأطراف السير بهذا الخط». وعن العقدة الحاصلة، اعتبر ان «طرح (رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي) ميشال عون للنسبية يتنافى مع كل الأصول الديموقراطية في كل الأنظمة في العالم. ممكن أن تعتمد النسبية من ضمن الأكثرية، إنما النسبية على صعيد الوطن هي إلغاء كامل للنظام الديموقراطي ولمنطق الانتخابات ولمصلحة البلد وطريقة إدارته، وهي بدعة من شأنها إلغاء التمثيل الصحيح للشعب، ومبدأ الرقابة والثواب والعقاب، وعندما تكون النسبية في قلب الحكومة فهذا يعني أننا ألغينا المجلس النيابي، فتطمئن الحكومة لأربع سنوات ولا تخضع للمحاسبة». وعما اذا كان حزب الكتائب يقوم بمصالحة بين تيار «المردة» و «القوات اللبنانية»، رأى ان «تيار المردة ليس في حاجة الى وساطة كتائبية ليتصالح مع «القوات». نعلم أن هناك حواراً قام بين «القوات» و«المردة» خلال الانتخابات، ويمكن أن يكون قائماً الى اليوم، لا شك في أن الحوار بيننا وبين «المردة» يسهل الحوارات الأخرى، ولنتفاهم مع بعضنا بدءاً بالوسط المسيحي تعزيزاً للوحدة الوطنية ونكون بالتالي نعزز مصالحنا ومصالح كل فريق، فكلنا على مركب واحد». وعن اتصال ب «التيار الوطني الحر»، لفت الى حصول «بعض الاتصالات الخجولة، ونتمنى أن تتطور أكثر». سلام: معارضة ضمن الحكومة أمر سيء وأكد وزير الثقافة تمام سلام في حوار تلفزيوني ان «موضوع تأليف الحكومات ليس بالعملية السهلة لتداخل القوى السياسية والمرجعيات مع بعضها بعضاً». واعرب عن اعتقاده بان «من المعطيات التي بين أيدينا ان الأمر لن يكون سريعاً وسيأخذ وقته ولكن في رأيي ليس الوقت هو العامل والعنصر الأساسي». وقال ان «سبب تكتم الرئيس المكلف حول نتائج اتصالاته ومشاوراته يعود الى انه يريد ان ينجح في تأليف الحكومة، وفي رأيي ان جدية الرئيس الحريري في التعاطي ملموسة وتكمن في ان يحتفظ لنفسه بمداولاته مع كل الأفرقاء». وأكد ان «ليس لدينا أي معطيات تشير الى ان موضوع اعتذار الرئيس المكلف وارد، وللرئيس المكلف مروحة استشارات جديدة وموسعة خرجت عن نطاق الكتل النيابية والمرجعيات السياسية الى قطاعات أخرى لأنه يريد ان يؤسس عملياً لحكومة وحدة وطنية ائتلافية تأخذ في الاعتبار كل هموم البلد والناس». ورأى ان «موضوع الثلث الضامن بدعة مئة في المئة أتت في مرحلة انتقالية بعد اتفاق الدوحة وهي أصبحت من الماضي»، مؤكداً في الوقت نفسه «ان موضوع حكومة اللون الواحد ليس مطروحاً حالياً كما ان خلق معارضة داخل الحكومة المقبلة أمر سيء ولا يتماشى مع ما اعلنه الرئيس المكلف عن سياسة اليد الممدودة». جعجع وعزا رئيس الهيئة التنفيذية ل«القوات اللبنانية» سمير جعجع تفاؤله في تشكيل الحكومة قريباً الى «معطيات إقليمية ودولية من جهة والوضع الداخلي من جهة أخرى»، وقال بعد لقائه الوفد البرلماني البريطاني: «إذ ان كلّ هذه العوامل ولو رافقتها بعض «المفرقعات» من هنا وبعض «الدخان» من هناك، تدعو الى التفاؤل بإمكانية فعلية لتأليف الحكومة في شكل مناسب ووقت مقبول ولا سيما أننا خرجنا من انتخابات نيابية ناجحة». وعن الثلث المعطّل، جدد جعجع التأكيد على «ان الثلث المعطّل لا يساعد في وجود حكومة فعّالة تهتم بأمور المواطنين»، وقال: «اتفقنا على وضع مسألة الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار ولكن من سيهتم بأمور الناس في حال لم يكن هناك حكومة تتمتع بحرية التصرف»؟ ودعا الفريق الآخر «الى التصرّف في شكل ديموقراطي كما فعلنا نحن قبل صدور نتائج الانتخابات حين طلبنا من هذا الفريق تشكيل الحكومة في حال فاز في هذا الاستحقاق باعتبار ان اللبنانيين يجب ان يعرفوا من المسؤول في البلد»، مضيفاً: «فإذا بقي الحال كما هو اليوم، الحكومة كناية عن صورة عن المجلس النيابي وهذا الأخير كناية عن الشارع فلن نصل الى أي نتيجة». ورد على تمسك عون بالنسبية بالقول: «لا أعرف عملياً ماذا تعني، المهم ألا يكون هناك تعطيل في الحكومة التي ستتألف من جديد وأن تتمتع بحرية التصرّف واتخاذ القرارات ولا سيما العادية منها».وأوضح «ان إمكان عدم مشاركة أي حزب في الحكومة غير مطروح وأنا لا أعني بكلامي عدم تأييدي لمشاركة كل الأفرقاء والأحزاب في الحكومة ولكن في حال لم تعجب التركيبة الحكومية فريقاً من الأفرقاء فما عليه إلا الانتماء الى فريق المعارضة»، لافتاً الى انه «لا يوجد معارضة في لبنان حتى الآن باعتبار انه لا أحد يقبل القيام بدور المعارضة». حوري: الطبخة لم تنضج بعد ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية عمار حوري «ان الطبخة الحكومية لم تنضج بعد»، وان موضوع الثلث المعطل «اصبح من الماضي وألغي من الأدبيات السياسية وربما بإجماع الغالبية الساحقة في الأكثرية والأقلية». وقال في حديث الى إذاعة «صوت لبنان»: «لا خطوط حمراً في وجه المشاورات الداخلية، وهي تتقدم على كل الصعد، وقنوات الاتصال مفتوحة، المعلن منها وغير المعلن، لكن هناك تفاصيل تحتاج الى متابعة لم تصل بعد الى خواتيمها السعيدة». وأشار الى ان «موضوع تمثيل كل القوى السياسية أمر مرحب به وسيتم تمثيلها وإيجاد صيغة معينة تمارس فيها الأكثرية أكثريتها ويتمثل فيها خصيصاً فريق الأقلية مع حفظ القدرة الترجيحية لرئيس الجمهورية وهي القدرة الضامنة للفريقين، والتي لو أضيفت الى الأقلية ستشكل ثلثاً معطلاً والتي لو أضيفت الى الأكثرية ستشكل أغلبية الثلثين». الخازن: الرئيس هو من يعين الوزراء واعتبر الوزير السابق فريد الخازن بعد زيارته وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال غازي العريضي أن «الأجواء بالنسبة الى تشكيل الحكومة إيجابية على رغم بعض التعثرات وهذا أمر طبيعي». وقال: «ربما يحصل تأخير، إنما لا يعني ذلك أن هناك أزمة, المسألة مسألة أسابيع وليست أشهر، لأن كل فريق يريد التشاور مع حلفائه وهذا في حاجة إلى وقت». واعتبر ان «رئاسة الجمهورية سيكون لها الموقع الوازن في الحكومة لكي يتمكن الرئيس من لعب دور الحكم، اما ما يقال عن ان حصة الرئيس لن تكون موجودة او شبه معدومة لعدم وجود تمثيل للرئاسة في المجلس النيابي فأود ان اشير الى ان رئيس الجمهورية هو الذي يعين كل الوزراء وليس فقط حصته، هو يعين ويقيل». «زحلة بالقلب» ودعت كتلة «زحلة بالقلب» النيابية برئاسة نقولا فتوش الى «الإسراع في تأليف حكومة تتمتع بثقة اللبنانيين، وتمثل كل لبنان وطموحاته، مع تسهيل مهمة الرئيس المكلف لكي يبدأ البحث الفعلي والجدي بشؤون الناس ومطالبهم الحياتية الملحة». وطالبت بأن «تشارك منطقة زحلة والبقاع الأوسط بحقائب أساسية وحيوية تمكنها من المشاركة الفعلية في عملية النهوض الشاملة، وبما ينعش آمال اللبنانيين في حلم الحرية والديموقراطية والسيادة والإستقرار». ورأى حزب «الكتلة الوطنية» اللبنانية، برئاسة كارلوس اده، إنه « قبل ان تجف وعودهم في الانتخابات، بدأت بعض الكتل النيابية تفصل بالممارسة بين مواقفها السابقة وإرادة ناخبيها من جهة وبين واقع تقاسم السلطة من جهة أخرى». وحيا في بيان «السياديين الثابتين بمواقفهم وخطاباتهم». وأكد «لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية»، في بيان «ان حديث قوى الأكثرية عن الاستقلال ومشروع الدولة الديموقراطية سرعان ما يهوي أمام عدم قدرتها على اتخاذ القرار المستقل في تأليف حكومة بعيدة عن التدخل الأجنبي وعلى وجه الخصوص التدخل الأميركي». ورأى «ان العزف على وتر الاستقلال والوحدة الوطنية التي طالعتنا به قوى 14 آذار في بيانها لم يعد ينطلي على احد، فمن يحرص على هذه الشعارات المهمة، لا يعلن انقلابه على صيغة الشراكة ويرفض تشكيل حكومة تقوم على المشاركة الفعلية وليس المشاركة الشكلية واعتبر «لقاء الانتماء اللبناني» أن «نية التعطيل لا تزال قائمة لدى المعارضة، والدليل أن مطلب الحصول على الثلث المعطل عاد الى الظهور بقوة، مباشرة أو بشكل مموّه»، مبدياً «قلقه من بوادر تأخير عملية تأليف الحكومة».