يخشى سكان حي الشميسي وسط العاصمة الرياض من تكرار مشهد الجريمة البشعة التي ارتكبها «أبوملعقة» في حي السويدي، نهاية آذار (مارس) الماضي وراح ضحيتها مقيم آسيوي، بعد ظهور شخص يصفه الأهالي ب«مشرد الشميسي» لكثرة تردده على شوارع هذا الحي، لاسيما بعد اتهامه من السكان بإحراق وتهشيم مركباتهم أخيراً. ويقول أحد سكان حي الشميسي صهيب النهاري، وهو مالك إحدى المركبات المهشمة، إن المتضررين من الحادثة اتصلوا على الفور بدورية الشرطة، فحضرت إلى المكان ووثقت الحادثة والاعتداء على مركبات عدة، مضيفاً: «توجهنا إلى مركز الشرطة لعمل محاضر الشكوى للحادثة، وفوجئنا بخيبة أمل في تعويضنا عن الخسائر، بحجة أن الجاني مجنون». فيما عبر أحد المتضررين (فضل عدم ذكر اسمه) عن استغرابه من رد فعل مركز الشرطة، وتأكيدهم أن مرتكب الحادثة شخص مختل عقلياً، وهو الآن يقبع في حجز الشرطة، في تلميح أن المطالب التعويضية تتلاشى تجاه ذلك المختل. من جهته، يؤكد القاطن في حي الشميسي محمد سامي أن «مشرد الشميسي» له سنوات عدة وهو يمارس هوايته في التهشيم والإحراق للمركبات من دون محاسبة أو عقاب رادع، معبراً عن تخوفه من تكرار حادثة الجريمة البشعة التي وقعت في حي السويدي قبل خمسة أشهر، وراح ضحيتها مقيم آسيوي على يد المعتل عقلياً «أبوملعقة». وتساءل سامي عن مدى إمكانية حصوله على حقه وغيره من المتضررين في التعويض عن الخسائر التي لحقت بمركباتهم، مضيفاً: «يترك المجانين طلقاء، إذ يؤذون أنفسهم ويؤذون غيرهم، في حين تسمح أجهزة الأمن لهؤلاء المعتوهين بالتنقل فيما بين المنازل من دون محاسبة أو مراقبة حتى تقع الكارثة». وطالب المواطن سامي الأجهزة الأمنية بحماية المواطنين والمقيمين من خطر «مشرد الشميسي» قبل أن تقع ضحية أخرى، في إشارة إلى ضحية حي السويدي التي وقعت في عرض الشارع وعلى مرأى من المارة، في منظر بشع أثر في نفوس من كان يشاهد الحادثة المؤلمة. بدوره، أكد المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة الرياض الرائد فواز الميمان أن مسؤولية الرعاية والحفاظ على هؤلاء المرضى النفسيين تقع على وزارة الصحة، فهي من يتولى إحضارهم للتأهيل بمشاركة ذويهم، ومن مسؤولياتها الحفاظ عليهم ودرء خطرهم عن الآخرين. وقال الرائد الميمان في حديثه إلى «الحياة»: «وحالات الجنون لا يمكن شفاؤها للأسف، ومن لم يصل لمرحلة الجنون بعد ربما ينجح تأهيلهم». ورفض المتحدث الإعلامي لشرطة الرياض إمكانية الربط بين حادثة أبو ملعقة في حي السويدي أخيراً وقضية المشرد في حي الشميسي. من جهته، أوضح رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أن الدولة حددت أخيراً وزارة الصحة كي تكون جهة الاختصاص الحكومي، إذ أوكلت لها مهمة متابعة حالات المرضى النفسيين كافة وإيوائهم وعلاجهم، مبيناً أنه سينشأ ما يكفي من المستشفيات النفسية في جهات المملكة الأربع من أجل استقبال الحالات الواردة إليهم أو المبلغ عنها وعلاجها، وعليها بذل كل ما تستطيعه لحماية هؤلاء وعلاجهم وتأهيلهم بقدر الإمكان، ومساعدتهم على كف أذاهم عن أنفسهم وعن غيرهم». وأشار القحطاني إلى أن حالات المرض النفسي شائعة ومنتشرة حتى في أرقى دول العالم، بل إن نسبتهم بالدول المتقدمة ضمن الأعلى في العالم، ورفض رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تحميل ذوي المريض النفسي كل جرائم أبنائهم المرضى النفسيين، مضيفاً: «أهاليهم غالباً هم أول الضحايا، وهم الأكثر تضرراً من غيرهم». وفيما يتعلق بتعويض المتضررين في «حادثة الشميسي» الأخيرة، أكد القحطاني أن من حقهم التقدم بشكوى إلى الأجهزة الأمنية أو القضائية، وهي بدورها ستحيل أمرهم إلى الجهة الحكومية المختصة، وهي وزارة الصحة، مضيفاً: «سينظر في الأمر، إن كان له مال فسيؤخذ من ماله، أو إن كان له ولي أمر مهمل في حق رعايته بشكل متعمد فسيتحمل التعويض عمن يكفله شرعاً».