ساد هدوء مدة خمس ساعات في قطاع غزة أمس بعد موافقة إسرائيل والفصائل على مبادرة «تهدئة إنسانية» قدمتها الأممالمتحدة من العاشرة صباحاً إلى الثالثة بعد الظهر بتوقيت القدسالمحتلة، قبل أن تستأنف إسرائيل قصف أراض زراعية في مدينتي غزة وبيت لاهيا، ومواصلة الفصائل الرد على العدوان. وتدفق «الغزيون» إلى الشوارع والأسواق والبنوك والمخابز والمحال التجارية ومحطات الوقود، فيما تمكن عشرات آلاف المواطنين من تسلم رواتبهم من البنوك التي فتحت أبوابها بناء على اتفاق مع «حماس» ووزارة الداخلية في غزة على عدم عرقلتهم، على رغم أن موظفي حكومتها السابقة لم يتسلموا رواتبهم للشهر الثاني على التوالي. وقالت مصادر أممية ل»الحياة» إن منسق عملية السلام، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة روبرت سيري تقدم أول من أمس باقتراح «التهدئة الإنسانية» لإسرائيل والفصائل الفلسطينية، فوافق الطرفان عليها. وأضافت أن «سيري زار القطاع أثناء ساعات التهدئة أمس للاطلاع على الأوضاع الإنسانية وأوضاع الفلسطينيين، وعمل المنظمات الأممية» في ظل العدوان الإسرائيلي. لكن إسرائيل رفضت طلباً جديداً له أمس بتمديد فترة التهدئة ساعات أخرى. في هذه الأثناء، انتقدت عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» خالدة جرار بشدة موقف الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية من العدوان على القطاع. واعتبرت في تصريح لموقع «فلسطين اليوم» المحلي أن «القيادة تعيش اليوم حال انفصال عن الحال الشعبية في الشارع، وإذا لم يستجب الرئيس لشعبه، فكيف يواجه الاستهداف الإسرائيلي للقطاع». وشددت على أن «على القيادة إطلاق يد الشعب والمقاومة في الضفة للتعبير عن غضبهم، وعلى الأجهزة الأمنية وقف اعتراض الشبان ومنعهم من الاشتباك مع الاحتلال»، مطالبة «بتشكيل قيادة شعبية ميدانية لقيادة الشعب الفلسطيني». ولاقت تصريحات عباس وعدد من أركان السلطة والناطقين باسم حركة «فتح» في الضفة والخارج، انتقادات لاذعة من كثير من الفلسطينيين في القطاع، ووصل بالبعض اتهامهم بالتواطؤ على غزة، وعدم الاكتراث لمصيرها. تقرير دولي، لا ماء وأفاد تقرير مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة «أوتشا» إن «900 ألف فلسطيني في قطاع غزة (نصف السكان) يعيشون بلا إمدادات للمياه بسبب عدم القدرة علي إصلاح مرافق المياه أو تشغيلها» نتيجة العدوان. وأضاف: «تم تدمير 1660 منزلاً، ولقي 214 فلسطينياً حتفهم، وأصيب 1585 آخرين بجروح منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع». وأوضح التقرير أن «22 ألف وستمئة فلسطيني نزحوا عن منازلهم، ويتخذون من مدارس أونروا مأوى لهم»، مشيراً إلى أن «نحو 1660 أسرة (9900 شخص)، التي دمرت منازلها كلياً، بحاجة إلى مساعدات عاجلة من بينها، فرشات وبطاطين وأدوات المطبخ، كما أن منازل 2170 أسرة (13000 شخص) المدمرة لا تزال صالحة للسكن، وهناك 72 ألف أسرة أخرى تعيش في منازل أقل تدميراً وتحتاج إلي مساعدات لإصلاحها». وأشار إلى أن «81 مدرسة دمرت منذ بداية العملية الإسرائيلية نظراً لقربها من المواقع المستهدفة من الغارات وتحتاج إلي إصلاحات»، لافتاً إلى أن «برنامج الغذاء العالمي وزع الخبز والمعلبات الجاهزة علي الفلسطينيين، الذين يعيشون في مدارس أونروا ومساعدات غذائية لحوالى 2040 مريضاً وموظفاً في المستشفيات». ميدانياً ميدانياً، سكتت الصواريخ والمدافع خمس ساعات أمس كانت كفيلة بعودة الروح إلى قطاع غزة، بعد ليلة شهدت قصفاً إسرائيلياً عنيفاً أسقط مزيداً من الشهداء والجرحى، ودمر عشرات المنازل، وكبد الفلسطينيين مزيداً من الخسائر، ما رفع عدد الشهداء بعد عشرة أيام من العدوان المتواصل، إلى نحو 233، والجرحى إلى أكثر من 1434، بحسب مركز «الميزان» لحقوق الإنسان. وقبل التهدئة بربع ساعة، قصفت طائرة من دون طيار بصاروخين عدداً من المواطنين على سطح منزل في قرية النصر شمال شرقي رفح، ما أسفر عن استشهاد محمد نبيل غانم (27 سنة)، وعبد الله سالم الأخرس (29 سنة)، وبشير محمد عبد العال (19 سنة). كما استأنفت طائرات حربية إسرائيلية قصف منازل المدنيين والمنشآت المدنية بعد دقائق من انتهائها، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة أطفال مساء أمس في قصف منزل من عائلة واحدة في حي الصبرة في مدينة غزة. وأعلنت مصادر طبية استشهاد الأطفال فلة طارق شحيبر، وجهاد عصام شحيبر، وشقيقه وسيم. وفي وقت لاحق، استشهد طفل آخر وثلاثة فلسطينيين، ما رفع عدد الشهداء أمس إلى سبعة. في الوقت نفسه، سقط صاروخ أطلق من قطاع غزة على مدينة عسقلان جنوب إسرائيل بعد انتهاء التهدئة. من جهتها، أعلنت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، مسؤوليتها عن عملية نوعية نفذها مقاتلوها فجر أمس في موقع «صوفا» العسكري الإسرائيلي شمال شرقي مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، مؤكدة أن عناصرها كافة عادوا بسلام. وقالت في بيان إن «مجموعة خاصة تسللت خلف خطوط العدو في منطقة صوفا في تمام الساعة الرابعة صباحاً، وخلال انسحابها بعد استكمال مهمتها، تعرضت إلى نيران طيران الاحتلال، وعاد كل عناصرها بسلام». ونسبت وسائل إعلام إسرائيلية إلى مصادر عسكرية إسرائيلية إحباط الجيش الإسرائيلي عملية تسلل كبيرة في منطقة قريبة من القطاع عبر أحد الأنفاق، مشيرة إلى أن الطائرات استهدفت المسلحين بالصواريخ عند مدخل النفق. وقال موقع «واللا» العبري إن نقاط المراقبة في المنطقة أشارت إلى خروج 13 مسلحاً من نفق قريب من كيبوتسات (قرى تعاونية) «كيرم شالوم» و»صوفا»، فاستُنفرت القوات التي أطلقت النار عليهم عبر طائرات مقاتلة وقوات برية. وأشارت القناة الأولى إلى أن كميات كبيرة جداً من الأسلحة كانت بحوزة المسلحين. كما تبنت «كتائب القسام» إطلاق عدد من الصواريخ قبل التهدئة على تل أبيب وغيرها من البلدات المحاذية للقطاع، فيما تبنت «سرايا» القدس إطلاق صواريخ «غراد» على بئر السبع واسدود. «أونروا» والصواريخ في غضون ذلك، أعلنت «أونروا» أنها عثرت للمرة الأولى على صواريخ في إحدى المدارس التابعة لها في قطاع غزة. وقالت في بيان: «أمس (الأربعاء) في سياق تفتيش اعتيادي لمبانيها، وجدت أونروا نحو 20 صاروخاً مخبأة في مدرسة فارغة في قطاع غزة». ودانت ما وصفته ب «الانتهاك الصارخ» للقانون الدولي ولمبانيها، والجماعة المسؤولة عنه، مشيرة إلى انه تمت إزالة الصواريخ وإبلاغ «الأطراف المعنيين». وأضاف البيان: «هذا انتهاك صارخ لحرمة مبانيها بموجب القانون الدولي». وأكدت أن هذا الحادث هو الأول من نوعه محذرة من أن الصواريخ «تعرض مهمة أونروا الحيوية للخطر».