تكثفت الاتصالات السياسية لتهيئة الأجواء لانعقاد الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني على قاعدة إيجاد مخارج للنقاط العالقة التي ما زالت تؤخر انعقادها، وكان أبرزها اللقاء الذي عقد ليل أمس بين وزيري المال علي حسن خليل والصحة وائل أبو فاعور ومدير مكتب زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، نادر الحريري. وجاء هذا الاجتماع في سياق اللقاءات المفتوحة بين «المستقبل» و «جبهة النضال الوطني» وحركة «أمل» والرامية إلى تضييق رقعة الخلاف على سلسلة الرتب والرواتب والآلية الواجب اعتمادها لصرف رواتب الموظفين العاملين في القطاع العام للشهر الجاري، إضافة إلى الإجازة للحكومة الاكتتاب في سندات الخزينة لخدمة الدين العام وتسديد ما هو متوجب على لبنان من استحقاقات مالية، علماً أن هذا البند هو موضع إجماع بين الكتل النيابية ولا اعتراض على إدراجه على جدول أعمال الجلسة التشريعية. وكان سبق الاجتماع لقاء عقد أول من أمس بين وفد من «جبهة النضال» ضم، إضافة الى أبو فاعور، النائب هنري حلو وأمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، وبين رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة في حضور النائبين جمال الجراح وغازي يوسف ونادر الحريري. وعلمت «الحياة» من مصادر مقربة من المجتمعين، أن لا اعتراض على الإجازة للحكومة الاكتتاب في سندات الخزينة وأن البحث دار حول بندين أساسيين، الأول يتعلق بتضييق رقعة الاختلاف بين الواردات المالية التي يقترحها خليل لتمويل سلسلة الرتب وبين النفقات المترتبة على صرفها. وأكدت المصادر أن خليل يقدر الواردات المالية في حدود 2150 بليون ليرة فيما تقدرها كتلة «المستقبل» ب 1700 بليون ليرة، انطلاقاً من أن الأرقام التي يقترحها الأول عبر إدخال زيادة على شطور فواتير الكهرباء تبقى أقل من التوقعات التي تمكن جبايتها، إضافة إلى الفوارق في الأرقام المالية المتأتية من زيادة الرسوم على تسوية مخالفات البناء والأملاك البحرية. ولفتت إلى صعوبة مطابقة الجدول الذي أعده خليل بشأن الواردات المالية مع الآخر الذي أعدته كتلة «المستقبل»، وقالت إن الجهود منصبة في الوقت الحاضر على تأمين الحد الأدنى من التطابق بين الجدولين، وكذلك على صعوبة تحقيقه ما لم يتم التوافق على زيادة 1 في المئة على القيمة المضافة. وأكدت أن رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط كان أبلغ وفد هيئة التنسيق النقابية أنه يقف إلى جانب مطالبها المحقة والعادلة لكن يجب الحذر من الوقوع في لعبة الأرقام غير الدقيقة لتأمين الموارد المالية لتغطية النفقات المترتبة على إقرار السلسلة، لأن لا مصلحة في دفع البلد في اتجاه المزيد من المشكلات الاقتصادية التي لا يستطيع أن يتحمل ارتداداتها السلبية على الاستقرار النقدي. وأشارت المصادر إلى أن جنبلاط يركز على تحقيق التوازن الدقيق بين الواردات المالية لتمويل السلسلة ونفقاتها، وقالت إن لا مانع لديه من زيادة 1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة مع توسيع لائحة الإعفاءات لئلا يتضرر منها ذوو الدخل المحدود. واعتبرت أن اجتماع أمس يشكل محاولة جدية لمطابقة جدول الواردات مع النفقات، وقالت إن خليل، وإن كان يصر على أن يصدر قانون من البرلمان لتغطية صرفه الرواتب لهذا الشهر، فإنه يتفهم مطلب «المستقبل» بأن تأتي التغطية شاملة وبقانون مماثل للسلف التي لجأت إليها الحكومات السابقة لصرف رواتب الموظفين، لاسيما بالنسبة إلى ال11 بليون دولار التي أنفق معظمها إبان تولي السنيورة رئاسة الحكومة، لقطع الطريق على من يحاول استغلال هذه السلف وتقديمها الى الرأي العام على أنها جزء من الهدر. وقالت مصادر في «المستقبل» إنها مع عقد جلسات تشريعية لأمور طارئة وضرورية، وإن لا صحة لما يشيعه البعض من أنها ضد عقدها بذريعة رفض إقرار السلسلة، وأكدت أنها مع المطالب العادلة للموظفين لكن شرط تحقيق التوازن بين النفقات والواردات لتمويلها، وأنه لا بد من التوصل إلى تفاهم يشمل كل النقاط العالقة لا سيما أن الأطراف الثلاثة مجتمعة هي على تواصل مفتوح لإنقاذ الجلسة التشريعية. وكانت هيئة التنسيق النقابية أكدت أن «هاجسها هو متابعة درس السلسلة وإقرارها في المجلس النيابي، في أول اجتماع للهيئة العامة للمجلس، على أن تبقى السلسلة البند الأول على جدول أعمال هذه الجلسة التشريعية». وشددت بعد لقائها وزير التربية الياس بو صعب على «عدم الانتقال إلى مناقشة أي بند آخر قبل إقرار مشروع السلسلة، كي يصل الحق إلى أصحابه وينصرف الأساتذة إلى تصحيح مسابقات الامتحانات الرسمية».