دمشق، نيقوسيا، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - وسعت قوات الجيش السوري عملياتها في سورية أمس، وشنت هجمات واسعة على حماة ودرعا، وذلك وسط استمرار عملياتها الأمنية في حمص وريف دمشق وحلب. وقال ناشطون إن قوات الأمن داهمت حي القابون قرب دمشق، بعد يوم من مداهمات في حي البرزة قرب العاصمة أيضاً، كما نفذ الجيش حملة مداهمات واعتقالات في قرية بزاعة في ريف حلب واعتقل 14 شخصاً. وقال ناشطون ولجان التنسيق المحلية إن ما لا يقل عن 40 شخصاً قتلوا أمس، إضافة على مئات الجرحى. ففي حماة، قتل أكثر من 20 شخصاً بينهم عشرة منشقين في قصف للقوات السورية في ريف المدينة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أمس: «استشهد عشرة منشقين على الأقل بينهم ضباط وصف ضباط ومجندين وذلك اثر استهداف القوات النظامية لهم خلال القصف الذي تعرضت له بلدة كفرنبودة الواقعة في ريف حماة». وأضاف أنه «استشهد أربعة مدنيين أيضاً خلال القصف العشوائي للبلدة». وأظهرت لقطات بثت بموقع يوتيوب على الإنترنت ثماني جثث على الأقل وأغلبها من دون سيقان ممددة على أرضية ما بدا أنه مستشفى. وبدأت قوات الجيش هجوماً على مدينة حماة والمناطق المحيطة قبل ثلاثة أيام في إطار حملتها لإنهاء كل أشكال الاحتجاجات في سورية. من جهته، أكد المرصد مقتل أربعة عناصر من القوات الحكومية اثر استهداف مجموعة منشقة لحاجز أمني عسكري مشترك على الطريق الواصل بين بلدتي طيبة الإمام وصوران. كما اقتحمت قوات عسكرية أمنية مشتركة حي الأربعين الذي سمعت فيه يوم أمس أصوات الانفجارات ونفذت حملة مداهمات واعتقالات، بحسب المرصد الذي أشار إلى مقتل مدني في الحي ليل الأربعاء خلال العمليات العسكرية. فيما ذكرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) أن قوات الأمن طاردت واشتبكت مع «مجموعة إرهابية مسلحة» في حي الحميدية بحماة كانت تروع السكان وألقت القبض على بعض من أفرادها الذين كانوا يحملون بنادق وقذائف صاروخية. أما في درعا، فهاجمت قوات الجيش معاقل لقوات المعارضة في المحافظة التي تقع على الحدود الأردنية والتي اندلعت منها الانتفاضة ضد النظام قبل نحو عام. وقال سكان إن أصوات الانفجارات ونيران المدافع الآلية دوت في أنحاء المناطق التي تهاجمها القوات الحكومية. وقال حسام عز الدين وهو عضو في المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية) متحدثاً لرويترز من درعا إن قصف الجيش بدأ وقت الفجر تقريباً وبعد ذلك حدث تبادل لإطلاق النار. وأضاف أن «الجيش السوري الحر» يوفر الأمن للاحتجاجات في بعض مناطق المدينة. فيما قال المرصد السوري إن ثلاثة من أفراد قوات الأمن قتلوا في اشتباكات مع منشقين عن الجيش. وأفاد المرصد أن مواطناً «استشهد داخل منزله اثر إطلاق رصاص عشوائي من القوات السورية التي انتشرت في شكل كثيف في شوارع المدينة». كما أسفرت حملة مداهمات واعتقالات في بلدة جاسم، ريف درعا، عن اعتقال ستة مواطنين من عائلة الحلقي. وقال أحد سكان مدينة درعا ويدعى محمد إن القوات السورية «تهاجم محافظة درعا قرية قرية وفي شكل منهجي»، مضيفاً إن «عناصر الجيش الحر تحاول ردهم، لكنهم يضطرون إلى الانسحاب بسبب ضعف عتادهم، فترد القوات عليهم بالاقتصاص من المواطنين». واعتبر محمد أن الوضع في سورية يشبه إلى حد بعيد الأوضاع في لبنان خلال الحرب (1975-1990) من حيث تواصل القصف وإطلاق النار وانقطاع الكهرباء. إلى ذلك، أبدى المرصد السوري تخوفه من أن تكون القوات النظامية قد ارتكبت»مجزرة لم تتضح معالمها» في بلدة سحم الجولان في محافظة درعا، مطالباً «بالكشف الفوري» عن مصير عشرات المواطنين المحاصرين في هذه البلدة. وقال المرصد «إن القوات السورية لاحقت بعض الأهالي الذين فروا إلى وادي سحم الجولان (ريف درعا) خوفاًً من آليات عسكرية ثقيلة اقتحمت بلدة سحم الجولان ناشرة الرعب والذعر بين أهاليها». وأضاف «أن القوات حاصرتهم في تلك المنطقة حيث كانت تتوارى عشرات العناصر المنشقة قبل انسحابها خوفاً على حياة الأهالي «لتقوم (القوات النظامية) بارتكاب مجزرة بحقهم لم تتضح معالمها بعد». ونقل المرصد عن شهود من البلدة أن «القوات السورية قامت بإطلاق قنابل دخانية غير معروفة، يعتقد بأنها سامة، فقام السكان بخلع ملابسهم لحماية أنفسهم من الاختناق وأطلقت النار عليهم ورمتهم في سيارات تابعة لها». وأكد أن «مصيرهم لا يزال مجهولاً». كما لفت إلى أن «اثنين من عناصر الأمن اعدما ميدانياً لرفضهما إطلاق النار». وطالب المرصد السلطات السورية «بالكشف الفوري عن مصير العشرات من أبناء سحم الجولان الذين حوصروا في الوادي وأطلق عليهم النار بدم بارد» مورداً أسماء 14 من الأهالي في البيان. أما في العاصمة دمشق، فتمركزت ناقلات جند مدرعة صباح أمس على مداخل حي القابون الواقع على أطراف دمشق فيما بدأت قوات الأمن حملة مداهمات داخل الحي ترافقها سيارات رباعية الدفع، بحسب المرصد. وأفاد الناطق باسم اتحاد تنسيقيات دمشق وريفها محمد الشامي إن قوات الأمن أطلقت النار بكثافة أثناء تشييع في منطقة المزة وألقت القنابل المسيلة للدموع واعتقلت عدداً من المشيعين. وأضاف أن تظاهرات طالبية خرجت أمس من عدة مدارس في أحياء جوبر والقدم والميدان والحجر الأسود. كما تحدث ناشطون عن قتل ثلاثة أشخاص برصاص الجيش في مضايا بريف دمشق. من ناحيتها، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «مجموعة إرهابية مسلحة» اغتالت مساء أول من أمس الشيخ الدكتور محمد أحمد عوف صادق إمام جامع أنس بن مالك في حي الميدان في دمشق. وأوضحت الوكالة أن عناصر المجموعة ترصدوا الشيخ صادق (مواليد 1975) في منطقة قدم عسالي قرب دمشق، وأطلقوا نيران أسلحتها الرشاشة عليه خلال عودته بسيارته إلى منزله في البويضة في ريف دمشق. ونقلت «سانا» عن بيان باسم علماء في سورية إدانتهم اغتيال الشيخ صادق «من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة التي تقوم بقتل الأبرياء ورجال الدين والقائمين بالشعائر الدينية إضافة إلى ما حدث من تفجيرات آثمة استهدفت المدنيين والعسكريين من أبناء سورية». كما استنكروا «الجرائم التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة من أعمال القتل والتمثيل بالجثث إضافة إلى دعوات البعض من هذه المجموعات إلى الامتناع عن العمل وتعطيل مصالح الناس وتخريب الممتلكات العامة». وفي محافظة حلب (شمال)، قال المرصد: «نفذت قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات فجر أمس في قرية بزاعة واعتقلت 14 شخصاً، وخرجت تظاهرات طالبية في بلدات حيان ومارع ومنغ ودار عزة». وأضاف: «جرح مواطنان برصاص قناصة تابعين لقوات الأمن المنتشرة في بلدة الأتارب التي دارت فيها اشتباكات بين مجموعة منشقة والقوات النظامية اليومين الماضيين». كما جددت قوات الجيش قصفها على مدينة حمص أمس. وقال المرصد السوري إن القصف تجدد على حي بابا عمرو وطاول أجزاء من حي الإنشاءات بينما سقطت قذائف على حي الخالدية في مدينة حمص التي تتعرض لقصف متواصل منذ الرابع من شباط (فبراير) لإخضاع مناطق الاحتجاج فيها. في موازاة ذلك تحدث سكان عن سقوط قتلى وجرحى في اقتحام بلدة الحسرات في مدينة البوكمال وعند اقتحام بصر الحرير بدرعا وبلدة بلشون بإدلب.