دعا ناشطون سوريون الشعب السوري إلى مقاطعة الإستفتاء على مشروع الدستور الجديد في البلاد الذي حدد موعده في 26 شباط (فبراير). وحضت لجان التنسيق المحلية المشرفة على الحركة الاحتجاجية في سورية، في بيان «ابناء شعبنا إلى رفض ومقاطعة الاستفتاء المزعوم»، وذلك غداة إصدار الرئيس السوري بشار الاسد مرسوماً يقضي بإجراء استفتاء على مشروع دستور جديد في البلاد ينهي الدور القيادي لحزب البعث ويحدد الولاية الرئاسية بسبع سنوات تجدد لمرة واحدة. لكن جاء الاعلان فيما تواصل السلطات عملياتها العسكرية والامنية. وقالت لجان التنسيق إنها تهدف من وراء دعوة المقاطعة إلى «التأكيد على هزال التأييد الشعبي للنظام المجرم»، مؤكدة ان «النظام الحالي فاقد منذ نشأته، للشرعية الدستورية والاجتماعية». وأكدت ضرورة «اسقاطه برموزه ومرتكزاته كافة». واعلنت «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي» المعارضة في سورية التي تضم عدة احزاب يسارية وكردية معارضة بالاضافة الى معارضين مستقلين، مقاطعتها للاستفتاء. وقال المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم «لا يمكن ان نشارك في الاستفتاء قبل توقف العنف والقتل والقنص اطلاقا» في سورية. واشار عبد العظيم الى «ان المشكلة تكمن في ان عمليات القصف والتدمير والاقتحامات ما تزال مستمرة في ريف دمشق وحماة وحمص وادلب ومن غير الممكن وجود حل سياسي في ظل متابعة الحل الامني». وأضف «ان «الدستور هو عقد اجتماعي يأتي نتيجة توافق بين كل اطراف المجتمع بما فيهم ممثلي الثورة السلمية والانتفاضة في المحافظات وقوى المعارضة الوطنية». كما رفض رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية المحامي أنور البني من جهته «بشكل قاطع» الاستفتاء على مشروع الدستور. واعتبر ان «تحديد الموعد مع استمرار القتل والاعتقال وحصار المدن هو رسالة صريحة بأن الرأي سيكون تحت سبطانة المدفع وطلقة البندقية وتعذيب الاعتقال والحاجات الأساسية للانسان». وأضاف ان مشروع الدستور «لم يأت بأي شيء جديد سوى محاولة تغيير تعبيرات الاستئثار والسيطرة والتفرد بالحكم بمفردات ملتبسة»، مشيراً الى انه «أبقى على السلطات الكاملة لرئيس الجمهورية بالسيطرة على كل السلطات التنفيذية». وأكد ان «أساس المشكلة هو نظرة السلطة للشعب بأنه درجة دنيا لا يحق له أبداً المشاركة بصنع مستقبله» لافتاً الى ان على رغم ان «الدستور يقر باستفتاء شعبي فإنه أعطى مجلس الشعب صلاحيات تعديله باستهتار واضح للارادة الشعبية». كما اعتبرت اللجان ان مشروع الدستور الجديد يكشف عن «استخفاف واضح بمطالب السوريين المزمنة في دستور عصري يساوي بين المواطنين ويفصل بين السلطات». وأشار بيان اللجان، من جهة ثانية، الى ان «ما قدمه (النظام) منذ بدء الثورة السورية المتقدة منذ منتصف آذار (مارس) من اصلاحات مزعومة لا تعدو كونها محاولات يائسة لتجميل وجهه القبيح واللعب بعامل الزمن». واتخذت الحكومة السورية في نيسان (ابريل) 2011 قراراً بالغاء حالة الطوارئ وتبنت في تموز (يوليو) الماضي قانوناً يسمح بالتعددية في اطار الاصلاحات السياسية التي اعلنت لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد. وأضافت اللجان ان «استهتار النظام» بإرادة السوريين يصل الى حد «تحويل حاجة وطنية إلى ورقة سياسية بيد دول نافذة وداعمه لوحشيته لا تزال تسوقه نظاماً مبادراً للاصلاح». وكان «المجلس الوطني السوري»، أكبر تكتلات المعارضة السورية، قد أعلن رفضه للتعديلات الدستورية والاستفتاء عليها، واعتبر عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني أنس العبدة قرار إجراء إستفتاء على مسودة دستور جديد للبلاد «حيلة من النظام لتحويل الانتباه عن الجرائم ضد الانسانية التي ترتكب في حمص وإدلب وحماة وعدة مناطق اخرى». وقال العبدة في تصريح لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إنه يدعو إلى مقاطعة هذا الاستفتاء، مشيراً إلى أنه «بواقع خبرة المعارضة مع النظام الحالى فإن هذا النظام لا يفي أبداً بوعوده أو يلتزم بكلامه». وأعرب العبدة عن اقتناعه بأن «النظام الحالي في سورية ليس لديه القدرة الادبية أو السياسية على طرح دستور حقيقي على الشعب السوري»، مضيفاً أن «بنود الدستور المقترح تعزز من وضع النظام الحالي وتجعله يستأثر بكل موازين القوة في البلاد». وأوضح أن «المشكلة الرئيسية لا تتمثل في الدستور، وإنما في السيطرة الكاملة للجيش والقوات الأمنية على البلاد»، لافتاً إلى انه طالما «استمر الحال على هذه الشاكلة، فإن التغيير لن يعدو عن كونه مجرد كلمات ووعود فارغة». وكانت روسيا سارعت الى الترحيب بمشروع الدستور الجديد واعتبرته «خطوة الى الامام»، الا ان البيت الابيض وصف الاعلان بانه «مثير للسخرية».