الحكم الذي صدر بحقّ عادل إمام على خلفية أعمال فنّية قدّمها مثل «الزعيم» و«الإرهابي» و«مرجان أحمد مرجان» و«الإرهاب والكباب»، قيل ان فيها «ازدراء للدين واللحية والجلباب»، هو في الواقع حكم «مبكر» على الأسلوب الذي سيفرضه حزب «الحرية والعدالة» بعد وصوله الى السلطة، ليس فقط في التعاطي مع الأعمال الفنّية التي ستقدّم، بل مع كلّ ما قُدّم خلال مسيرة أكثر من مئة سنة من السينما المصرية. نبش في تاريخ هذه السينما، ل«تطهيره» من كلّ ما هو «مخالف»، وفي الوقت ذاته ترهيب يضع الخطوط العريضة لما هو مسموح وما هو ممنوع في الأعمال المقبلة. فهل نحن أمام ما سمّاه عادل إمام «هجمة شرسة وغير عقلانية على حرية الفنّ والإبداع، تهدّد مكانة مصر الفنّية في العالم العربي»؟ وهل المطلوب أن نرمي في البحر أفلاماً مثل «المصير» و«الآخر» و«دم الغزال» وغيرها؟ وهل يأتي الدور على نور الشريف ويسرا وخالد يوسف وآخرين من الكبار المبدعين؟ يدافع عادل إمام عن نفسه، فيقول انه كان يدافع عن وطنه في ظلّ الهجمة الشرسة التي تعرّض لها من الإرهاب، وهو كان «يدين العنف ولم يكن هدفه الإساءة الى الإسلام أو المتديّنين الحقيقيين». أن تحاكم فناناً بحجم عادل إمام وتاريخه، يعني أن تصدر حكماً بإعدام شعارات الحرية والديموقراطية التي حملتك الى السلطة. فهل المطلوب تضييق مساحة الحريات العامة أمام الفنانين والمخرجين والكتّاب، حتى القضاء على كلّ شعلة حالمة مبدعة؟ وهل المقصود إقفال الباب أمام كلّ انتقاد محتمل لمن هم في سدّة الحكم؟ أليس في ذلك ما يشبه الديكتاتورية التي كانت سائدة قبل الثورة وعارضها «الإخوان» بشدة وانتقدوا رموزها طويلاً؟ يستوقفنا في قضيّة عادل إمام، قول مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، «ان الإسلام يرفض تكميم أفواه المبدعين الحقيقيين». لذلك، الاستئناف الذي قبلته المحكمة فرصة ل «الإخوان»، قبل أن يكون فرصة لعادل إمام. فثلاثة أشهر من السجن لن تقتل عادل إمام، بل ستتوّجه بطل حريات، لكنها حتماً ستكون الضربة القاضية على صدقية الحزب وشعاراته الإنسانية والاجتماعية!... لم يفت الأوان بعد.