لم ينجح إعفاء المدعي العام صدر الدين صاري قايا من مهمته، في وقف حملة اعتقال عشرات من الأكراد واليساريين والمتعاونين معهم، في ما يُعرف بقضية التنظيم السري ل «حزب العمال الكردستاني» المحظور. ودهمت أجهزة الأمن عشرات المنازل والجمعيات والأوقاف، في 30 محافظة، معتقلةً 109 أشخاص يُشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، وذلك وفق تعليمات كان صاري قايا أمر بها قبل إعفائه من منصبه، والتزم بها الأمن على رغم انتهاء صلاحيات صاري قايا، بحجة أن العملية تستهدف إحباط هجمات خطط لها التنظيم، في ذكرى اعتقال زعيم الحزب عبدالله أوجلان، في 15 من الشهر الجاري. ودافع فكرت ساجان، نائب رئيس مدعي محكمة اسطنبول، عن صاري قايا، مؤكداً أن التحقيقات في القضية أُجريت بعد امتلاك أدلة تثبت أن عناصر في الاستخبارات التركية وبعض أجهزة الدولة، ساعدت التنظيم السري في «الكردستاني» على تنفيذ هجمات ضد أجهزة الأمن والجيش، أو على الأقل كان لديها معلومات مسبقة عن هذه الهجمات، من خلال عملاء زرعتهم داخل التنظيم، لكنها لم تحرك ساكناً لوقفها. وأكد ساجان الذي عمل مع صاري قايا في القضية، أن ما يحدث ليس صراعاً على السلطة أو الحكم، أو تحدياً لقوة الحكومة، بل تحقيق مشروع في سياسات أجهزة الحكومة التي أدت إلى مقتل مواطنين. لكن تصريحات ساجان زادت من حدة التوتر وتعقيد المسألة، خصوصاً أن الحكومة تعمل على وضع قانون يعفي العاملين في الاستخبارات، من أي ملاحقة قضائية نتيجة عملهم والخطط التي نفذوها، على اعتبار أن الجهاز ينفذ خطة وافقت عليها الحكومة ومجلس الأمن القومي. في المقابل، تعتبر المعارضة أن الحكومة تسعى إلى إنقاذ سياساتها ورجالها من المساءلة، مؤكدة أنه لا يمكن السماح للحكومة بوضع خطط غير قانونية، أو تنفيذ ممارسات غير قانونية، عبر جهاز الاستخبارات، وسنّ قانون يمنع مساءلة من وضع تلك الخطط أو من نفذها. كما تؤكد المعارضة أن المسألة ما زالت صراعاً على السلطة بين سياسات «حزب العدالة والتنمية» الحاكم إزاء الملف الكردي، وسياسات جماعة فتح الله غولان التي تعتبر أن أعضاءها متغلغلون في القضاء وأجهزة الأمن، وأن لهم رأياً مختلفاً عن الحكومة في كيفية معالجة الملف الكردي. وترى أن الصراع بين سياستي الجانبين، ينعكس الآن حرباً بين الأمن والقضاء التابعين للجماعة من ناحية، والاستخبارات التي تتبع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من ناحية أخرى.