فوجئت أوساط سياسية وإعلامية في تركيا بإعفاء المدعي العام صدر الدين صاري قايا من متابعة ملف قضية التنظيم السري المدني ل «حزب العمال الكردستاني» المحظور، «عقاباً» على استدعائه رئيس الاستخبارات هاكان فيدان وأربعة آخرين من الجهاز، للإدلاء بإفاداتهم في القضية بصفتهم مشتبهين. وأشاع النبأ انطباعاً بأن الحكومة تسيطر على الموقف، وأنها أوقفت المحقق عند حده، بعد «تطاوله»، وفق نواب «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، على أحد أقرب المقربين من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وانتقدت المعارضة البرلمانية هذا التدبير، إذ اعتبر رئيس «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي كمال كيليجدار أوغلو أن «ما حدث يثبت مجدداً هيمنة الحكومة على القضاء، وأن الحكومة تتدخل عندما يطاول القضاء أحد رجالها، لكنها لا تحرك ساكناً عندما يتجاوز المحققون صلاحياتهم مع شخصيات معارضة، بحجة استقلال القضاء». وجدّد مطالبته بإلغاء صلاحيات المحاكم الخاصة، معتبراً أنها «مسيّسة وخارجة على القانون». في المقابل، انتقد بكير بوزداغ، نائب رئيس الوزراء، المحقق صاري قايا، قائلاً: «تجاوزه خطوطاً حمراً في التحقيق بالقضية، كشف جواسيس زرعتهم الاستخبارات داخل حزب العمال الكردستاني، في جناحيه العسكري والمدني، وحياة هؤلاء باتت في خطر الآن». واعتبر أن «ليس من حق القضاء مساءلة رجال الاستخبارات، أو الاعتراض على خططهم وأعمالهم، ومن الغباء اتهام رئيس الاستخبارات بالعمالة لتنظيم محظور، لمجرد اعتقال أفراد من الاستخبارات داخل ذاك التنظيم، لأن مهمة الاستخبارات تتمثّل في اختراق تنظيمات مشابهة وزرع عملاء فيها». ويُتوقع أن يشهد البرلمان هذا الأسبوع سجالاً حاداً بين الحكومة والمعارضة في شأن وضع المحاكم الخاصة التي أدت إلى سجن معارضين وأتاتوركيين وعسكريين، على ذمة قضايا عدة، خصوصاً أن الحكومة تصرّ على بقاء هذه المحاكم وتعمل على تسوية مشكلة استدعاء قادة الاستخبارات للتحقيق، من خلال سنّ قانون جديد يمنع المحاكم والمحققين من استدعاء أفراد الاستخبارات للاستماع إليهم، إلا بإذن خاص من رئيس الوزراء شخصياً، وهذا ما تعتبره المعارضة محاولة للالتفاف على القضية الأساسية وأن ليس من حق الحكومة أن تجعل جزءاً من موظفي الدولة، خارج المساءلة القضائية.