اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ان موافقة حكومته الأمنية المصغرة على الاقتراح المصري بوقف النار على قطاع غزة «جاءت لتتيح الفرصة لتجريد القطاع من الصواريخ والأنفاق بطرق سياسية» مهدداً بأنه في حال رفضت «حماس» المبادرة المصرية فإنه «ستكون لإسرائيل الشرعية الكاملة لتوسيع عمليتها العسكرية لتحقيق الهدوء المطلوب». وبينما تباهى «مسؤول عسكري كبير» بالضربات التي أنزلها الطيران الحربي الإسرائيلي على القطاع «التي حققت ردعاً لفترة طويلة» انتقدت أوساط واسعة في اليمين الإسرائيلي قرار الحكومة واعتبره بعضها انتصاراً ل»حماس» و»صفعة» لسكان الجنوب فيما وصفه وزير البناء والإسكان ب»وصمة عار». وكانت الحكومة الأمنية المصغرة اجتمعت صباح أمس وقررت قبول الاقتراح المصري لوقف النار وسط أنباء إسرائيلية بأن القاهرة تشاورت مسبقاً مع تل أبيب حول مسودته قبل طرحه على الملأ. وصوت ضد القرار زعيما الحزبين الأكثر تطرفاً «البيت اليهودي» و»إسرائيل بيتنا» نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان. وقال نتانياهو في مستهل لقائه وزير الخارجية الألماني إنه في حال لم توافق «حماس» على الاقتراح وواصلت قصف إسرائيل (كما حصل) فإنه ستكون لإسرائيل الشرعية الدولية لتتحرك ضد «حماس». من جهته ثمّن الضيف الألماني قرار نتانياهو وحكومته الأمنية قبول الاقتراح المصري، ودعا القيادة الفلسطينية في القطاع لاتخاذ قرار مماثل، وأضاف انه «تجب معالجة الصواريخ التي تمتلكها «حماس» وأن نمنع بأن يصبح قطاع غزة مخزناً لسلاح حماس. هذا سيىء لأمن إسرائيل وأيضاً لسكان القطاع». وزاد أنه «سيكون لإسرائيل كل الحق الأخلاقي والقانوني للرد على الهجمات عليها». وقالت وزيرة القضاء تسيبي ليفني التي التقت الوزير الألماني إن الحكومة الأمنية المصغرة اتخذت قرارها «من موقف قوة وبناءً لشروطنا، ومن يدّعي غير ذلك يضعف إسرائيل من الداخل ويسبب الارتياح لحماس». وأضافت أن إسرائيل تمنح حماس الفرصة لتقبل بالمبادرة المصرية ووقف النار لتحول دون رد إسرائيلي أشد ايلاماً في حال واصلت القصف. وسارعت الأوساط السياسية والعسكرية القريبة من نتانياهو ووزير الدفاع موشيه يعالون إلى وسائل الإعلام «للإشادة بقرار الحكومة» على خلفية انتقادات أقطاب في اليمين المتطرف التي سبقت اجتماع الحكومة وتلته فضلاً عن مقالات في الصحف مالت غالبيتها إلى الإشارة إلى أن العملية العسكرية لا تعتبر انتصاراً لإسرائيل وأن حركة «حماس» فاجأت الدولة العبرية في عدد من «العمليات النوعية». وقال موظف كبير للإذاعة العامة إنه «في السطر الأخير لم تسجل حماس أياً من الانجازات التي أرادتها، بل تلقت ضربة شديدة، ولم تنجح في إلحاق أذى في الجبهة الداخلية أو تنفيذ عمليات تفجيرية استراتيجية بعد أن أحبط الجيش كل محاولاتها». وأشار أيضاً إلى أن الحركة لم تنجح في حشد الدعم الدولي إلى جانبها أو إقحام الضفة الغربية في دائرة القتال. وقال رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع عاموس غلعاد ان اتفاق وقف النار يقضي بأن توقف حماس نشاطها العسكري «فوق وتحت ألأرض». ونقلت الإذاعة العامة عن مسؤول عسكري قوله إن «غزة لن تختفي وإن الإرهاب لن يدحر تماماً». وأردف أن إسرائيل تتوقع في أعقاب عمليتها العسكرية في القطاع أن تكون خلقت ردعاً حقيقياً لفترة طويلة، فضلاً عن مراكمتها صعوبات على «حماس» لتعيد تأهيل بنيتها التحتية العملانية. وتباهى بأن الجيش دمر خلال أيام الحرب على القطاع 3 آلاف قذيفة صاروخية من مجموع 9 آلاف تملكها «حماس» وضرب نحو نصف مواقع إنتاج الصواريخ ودمر معظم المقار القيادية. وزاد مهدداً أنه ما زالت لدى الجيش أهداف كثيرة أخرى باستطاعته مهاجمتها. وتوقعت أن يبقى الجيش منتشراً في محيط القطاع لأيام أخرى تحسباً لأي تطور. وانتقد أقطاب اليمين المتطرف الشركاء في الحكومة بشدة قرار الحكومة المصغرة. وقال الوزير يئير شمير من حزب «إسرائيل بيتنا» إن الحكومة الأمنية «أهدرت الدعم الذي وفره الجمهور الإسرائيلي» وأن القرار بوقف النار يمس بالقدرات الردعية لإسرائيل. وهاجم عدد من رؤساء البلدات في الجنوب قرار الحكومة ودعوها إلى إعطاء الضوء الأخضر للجيش للقيام باجتياح بري «لاقتلاع حماس وبنيتها التحتية». وتوعد نواب في حزب «ليكود» الذي يتزعمه نتانياهو الأخير بالاقتصاص منه داخل الحزب. وقال أحدهم إن «إقرار الاتفاق مؤشر ضعف. رئيس الحكومة انكفأ ولن يكون في وسعنا النظر إلى عيون سكان الجنوب الذين عانوا كثيراً.. هذا الاتفاق يعطي الصورة بأن حكومة إسرائيل ضعيفة». وقال وزير النقل القطب البارز في «ليكود» يسرائيل كاتس إن الظروف أتاحت لإسرائيل تحقيق إنجازات أكثر بكثير مثل إزالة تهديدات الصواريخ والقضاء على قيادة حماس. وأضاف أنه لو انتصرت إسرائيل «لوقف العالم مصفقاً»، لكن انتهاء المعركة على هذا النحو يستدعي ضغوطاً سياسية دولية على إسرائيل. أما الوزير نفتالي بينيت فاعتبر وقف النار «هدية للفلسطينيين»، فيما وصفه زميله وزير الإسكان والبناء أوري أريئل «خطأ استراتيجياً بل وصمة عار»، مضيفاً أن العملية العسكرية لم تحقق الردع المطلوب. ورأى نائب وزير الدفاع داني دانون أن القرار «بائس يشكل صفعة للإسرائيليين بخاصة لسكان الجنوب الذين عانوا عبثاً». وأضاف أن القرار «يتعارض مع روح المعسكر القومي. لقد انبطحنا. وحماس خرجت من هذه المعركة قوية أكثر، على أن نلتقي بعد أشهر في الجولة المقبلة من المواجهات». واعتبر الزعيم السابق لحزب «شاس» الديني المعارض ايلي يشاي وقف النار «صفعة على خد مواطني إسرائيل»، وأنه يتعارض والتزام الحكومة حماية مواطني إسرائيل، داعياً إلى القضاء التام على البنى التحتية لحركة «حماس». في الطرف المقابل، اعتبر نائب وزير الخارجية تساحي هنغبي (ليكود) قرار الحكومة «ذكياً جداً» لأنه يتيح لإسرائيل توسيع العملية العسكرية ضد «حماس» في حال رفضت هذه الاتفاق. مضيفاً أن الخطوات التصعيدية المقبلة للحكومة ستحظى بدعم الجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي. وهنأ زعيم «العمل» المعارض اسحاق هرتسوغ الحكومة على قرارها، لكنه أضاف ان الحل الوحيد الذي يحافظ على أمن إسرائيل يتمثل في تسوية سياسية بعيدة المدى مع الفلسطينيين، مضيفاً أنه في حال لم تنجح الحكومة في ترجمة وقف النار إلى تغيير سياسي فإن «وقف النار سيكون بلا قيمة ولن يكون سوى استراحة حتى التصعيد المقبل». ودعت زعيمة حركة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون الحكومة إلى خلق محفزات اقتصادية وسياسية للجهات الفلسطينية المعتدلة.