تنذر الأنباء الإسرائيلية عن فشل الوساطة المصرية لدى حركة «حماس» لتحقيق وقف للنار على الحدود مع الدولة العبرية، وإعلان زعيم الحزب اليميني المتطرف «إسرائيل بيتنا»، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان فك الشراكة مع «ليكود» بزعامة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بداعي «خلافات جوهرية» في كل ما يتعلق بالسياسة المستوجبة تجاه «حماس»، بتصعيد عسكري أوسع على القطاع يطالب به أيضاً وزراء ونواب المعسكر المتشدد داخل «ليكود». وأفادت الإذاعة الإسرائيلية أمس أن القاهرة «تراجعت خطوات إلى الوراء» في وساطتها لدى «حماس» لقبول شروط التهدئة. وأضافت أن مصر باتت تشعر بأن «حماس» معنية بالتصعيد العسكري «من أجل تحسين وضعها واختراق العزلة الدولية والجدار القائم بينها وبين مصر، والاستفادة اقتصادياً من حرب إسرائيلية على القطاع كما حصل بعد عملية عمود السحاب قبل نحو 20 شهراً». وأشارت إلى أن رئيس الاستخبارات المصرية محمد تهامي قام الأسبوع الماضي بزيارة خاطفة لتل أبيب لبحث الوضع على الحدود مع القطاع ومسائل أمنية أخرى. ورأى مراقبون أن فشل الوساطة المصرية سيزيد من الضغوط الكبيرة على نتانياهو لتوجيه ضربة عسكرية للحركة في القطاع، بالذات تزامناً مع إعلان ليبرمان فض الشراكة مع «ليكود»، والتي كانت بمثابة «نقطة القوة» في الائتلاف الحكومي، مبرراً ذلك برفض نتانياهو نداءه شن عملية عسكرية على القطاع وضرب «حماس». وعلى رغم أن مراقبين أدرجوا الإعلان «الدراماتيكي» لليبرمان في إطار منافسته مع زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» نفتالي بينيت على تزعم معسكر اليمين المتطرف، إلا أنهم أشاروا إلى أن خطوة ليبرمان تدفع نواب المعسكر المتشدد في «ليكود» الذين لا يقلون تطرفاً عنه، إلى الضغط على نتانياهو للقيام بعمل عسكري واسع يؤمنون بجدواه ويرون انه يقطع الطريق على ليبرمان لتعزيز شعبيته على حساب «ليكود». وعزت أوساط في «ليكود» خطوة ليبرمان إلى تردي شعبيته في أوساط اليمين المتشدد، «ما يضطره إلى أن يلعب دور الشخصية المستقلة عن نتانياهو». لكن القطب البارز في تشدده نائب وزير الدفاع داني دانون قال إنه يؤيد الانتقاد الذي وجّهه ليبرمان لزعيم حزبه رئيس الحكومة «على عجزه وعجز الحكومة في مواجهة حماس»، مضيفاً أن نتانياهو يخطئ إذا ما واصل منح زعيمة الحزب الوسطي (الحركة) تسيبي ليفني «قيادة الحكومة الأمنية المصغرة نحو موقف متهادن». وأضاف إن سياسة نتانياهو تتسبَب في تآكل هيبة الردع الإسرائيلية، و «كلنا يعلم مفعول الردع في الشرق الأوسط». وأعرب عن يقينه بأن رئيس الحكومة سيضطر في نهاية المطاف إلى إقرار حملة عسكرية على القطاع. وكانت جلسة الحكومة أول من أمس شهدت نقاشاً حامياً بين نتانياهو وليبرمان بعد أن اتهم الأول وزير خارجيته بإطلاق تصريحات عنترية تؤجج المشاعر، وقال له: «كان الأجدر بك أن تشارك في جلسات الحكومة الأمنية قبل أن تتحدث إلى وسائل الإعلام عن السياسة المستوجبة وتوجه انتقاداتك لقراراتها». ورد ليبرمان على رئيس حكومته قائلاً: «أنت الذي أطلقتَ شعارات بلا رصيد، وعدتَ بإنزال ضربة قاسية على حماس، لكنك لم تفعل، وهم (الفلسطينيون) يواصلون إطلاق القذائف على سكان الجنوب». ليبرمان وأعلن ليبرمان في مؤتمر صحافي أمس أنه أبلغ نتانياهو قراره فك الشراكة بين حزبيهما التي تمت عشية الانتخابات البرلمانية الأخيرة قبل أقل من عامين. وعزا قراره إلى «خلافات مبدئية وجوهرية في الرأي لا تتيح استمرار الإطار المشترك بيننا»، لكنه أضاف أنه باقٍ في الائتلاف الحكومي «شريكاً وفياً لأنه لا بديل أفضل عن الحكومة الحالية، وحتى انتخابات مبكرة لن تغيّر توزيعة المقاعد البرلمانية الحالية». وكرر ليبرمان موقفه الداعي إلى وجوب شن حرب على القطاع لتدمير البنى التحتية لحركة «حماس»، وقال إنه منذ انتهاء عملية «عمود السحاب»، نجحت الحركة في إنتاج مئات القذائف الصاروخية التي يبلغ مداها 80 كيلومتراً قادرة على ضرب مدينة نتانيا. وأردف أنه في حال امتنعت إسرائيل عن توجيه ضربة عسكرية للبنى التحتية للحركة، فسيكون في حوزة الأخيرة مع انتهاء العام المقبل آلاف القذائف الصاروخية. وزاد: «الواقع الذي يمكّن منظمة إرهابية في كل لحظة أن تقرر متى تهاجمنا بمئات الصواريخ، لا يحتمل». احتجاجات عرب الداخل في غضون ذلك، تواصلت التظاهرات الاحتجاجية في البلدات العربية داخل إسرائيل لليوم الثالث على التوالي احتجاجاً على خطف الفتى المقدسي محمد أبو خضير وحرقه وهو حي. ونفذت الشرطة اعتقالات واسعة تكاد تكون غير مسبوقة بحجمها طاولت أكثر من مئتي شاب في محاولة منها لردع المتظاهرين عن مواصلة احتجاجاتهم. والتقى كل من ليفني وقائد الشرطة يوحنان دنينو رؤساء بلدات عربية لحضهم على تهدئة الأوضاع، فيما رفض الرئيس الجديد لبلدية الناصرة، كبرى المدن العربية في الداخل، علي سلاّم تنظيم تظاهرة احتجاجية كبيرة في المدينة، ما أثار غضب قادة الأحزاب الوطنية كلها.