لحسن حظ الإماراتيين أن خط أنابيب النفط الذي تبنيه دولتهم سيمر في أراضيها هي وليس أي دولة أخرى، وإلا لأصبح ربما مجرد فكرة أو حبراً على ورق. ومن نافل القول، أن أهمية هذا الخط تتلخص في أنه سيمكّن من تلافي مرور صادرات نفط الإمارات عبر مضيق هرمز، الحيوي لمرور النفط الخليجي إلى الخارج، والذي أصبح حديث العالم الآن بعد تهديد إيران بإغلاقه في رد محتمل على عقوبات نفطية دولية قد تطاولها. ينطلق الخط من حبشان في إمارة أبو ظبي إلى ميناء الفجيرة المطل على خليج عُمان وسيمتد ل 370 كيلومتراً. ويقدَّر إجمالي طاقته في المرحلة الأولى ب 1.5 مليون برميل يومياً وب 1.7 مليون لاحقاً. ويمثّل هذا ما بين 58 و65 في المئة من إجمالي إنتاج أبو ظبي من النفط حالياً والذي هو في حدود 2.6 مليون برميل يومياً. كان يتوقَّع إتمام هذا الخط نهاية عام 2010 لكن الموعد تأخر إلى نهاية أيار (مايو) المقبل. ويعود سبب التأخير إلى مشكلات تقنية شارفت معالجتها على الانتهاء. وتبلغ كلفة بناء هذا الخط نحو ثلاثة بلايين دولار. مؤكد أن خط أنابيب النفط هذا سيمثل بادرة ممتازة لتصدير النفط الإماراتي من دون معوقات، ومع أن طاقته لا تمثل سوى 50 في المئة من إجمالي إنتاج أبو ظبي، فهو مشروع آمن ومنفذ سالم للنفط الإماراتي وسيشكل في كل تأكيد مشروعاً إستراتيجياً داخل أراضي الإمارات. يذكرنا هذا الخط «المحظوظ» بمشروع إستراتيجي حيوي بدأته الكويت بداية عام 2000 بشراء الغاز من قطر ووقِّعت مذكرة تفاهم في هذا الشأن، لكن منذ ذلك الحين لم ينفَّذ أي حرف من المذكرة. لا يسع المرء إلا الشعور بحزن من هذه النهاية المؤسفة للمشروع الكويتي-القطري الذي كان سينعكس إيجاباً على دول مجلس التعاون الخليجي كلها تقريباً، ويعزز شعار «خليجنا واحد وأرضنا واحدة». ويشعر الكويتيون بحسرة مضاعفة لعدم تنفيذ المشروع الإستراتيجي هذا، الذي كان سيفيدنا جميعاً، خصوصاً عندما ندفع فاتورة الاستيراد إلى شركات أجنبية بدلاً من دفعها مباشرة إلى قطر الشقيقة. وكان يقدَّر لهذا المشروع أن يفيد والبحرين والسعودية، إلى جانب قطر والكويت، فالخط المزمع لأنابيب الغاز الخاص بالمشروع كان سيمر عبر هذه الدول الأربع، وكانت قطر ستكسب أكثر من 10 بلايين دولار سنوياً من شراء الدول الأربع لغازها، وكانت الفرصة مميزة فعلاً للتعاون التجاري والاقتصادي ما بين دول الخليج. وفي الوقت ذاته كانت فرص عمل جديدة ستنشأ في الدول الأربع ببناء الخط وبناء مضخات ونقاط توزيع، كما كان المشروع سيفضي إلى صناعة مشتركة بكل معنى الكلمة. لكن الخلافات الخليجية-الخليجية أضاعت علينا جميعاً هذه الشراكة الاقتصادية وأضعفت السياسة الخليجية المشتركة. وكانت الاستفادة الكبرى ستتمثل في استخدام الغاز القطري، فمعظم الدول الخليجية لا يمتلك الكميات والاحتياطات الهائلة من الغاز الطبيعي التي في قطر، خصوصاً أن دول الخليج الأخرى تستورد الآن الغاز أو ستستورده خلال السنوات الثلاث المقبلة. فبدلاً من الاعتماد على الاستيراد الخارجي من خارج المنطقة، كانت في إمكاننا جميعاً الاستفادة باستيراد الغاز القطري. وثمة استفادة كبرى في الأجل البعيد، كانت لنا جميعاً وشاملة لدول مجلس التعاون الخليجي كلها، فثمن الغاز القطري سيصب في نهاية الأمر في جيوبنا حتى ولو بالغت قطر في تسعير الغاز المباع إلينا. من هنا يبرز نجاح بناء خط أنابيب النفط الإماراتي «المحظوظ»، فهو سيعبر إمارات الاتحاد من دون تدخلات أو خلافات أو عوائق سياسية ومالية أو ضريبية. ومع ذلك، لا بد من الوحدة الشاملة، ولن تتحقق الوحدة من دون مشاريع اقتصادية وتجارية مشتركة ما بين دول مجلس التعاون الخليجي. نجحت أبو ظبي في بناء خط أنابيب النفط هذا لأنه لا يمر خارج حدودها، في حين فشلت الكويت وغيرها في استيراد الغاز القطري لأنه يمر عبر أراضي أكثر من دولة. * كاتب متخصص في شؤون الطاقة - الكويت