حض الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مواطنيه على المشاركة بقوة في الانتخابات المقبلة، وشدد على إلزام الوزراء والمديرين المرشحين بالامتناع عن استعمال وسائل الدولة أثناء حملاتهم الانتخابية وعدم القيام ب «زيارة عمل» للولاية التي يترشحون فيها. وجاء ذلك في وقت أطلق زعيم إسلامي بارز حزبه الجديد الذي يأمل بتحقيق نتائج جيّدة في الاقتراع المقبل. وأعلن بوتفليقة في خطاب مفاجئ للأمة خُصص لاستدعاء الهيئة الناخبة، مساء أول من أمس، أن الانتخابات التشريعية ستُجرى في 10 أيار (مايو) المقبل. وأخذت دعوته الجزائريين للمشاركة بقوة في الانتخابات الحصة الأكبر من الدقائق العشر التي استغرقها خطابه. ووصف الرئيس الجزائري الانتخابات بأنها «استحقاق مصيري يفتح لنا الباب لاستكمال بناء الدولة الجزائرية بعد مرور خمسين سنة على استرجاع سيادتها بحيث تصبح دولة تسودها الحكامة الفضلى والمواطنة الواعية في كنف العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني». وتتوجس الحكومة الجزائرية من مقاطعة تاريخية في التشريعيات المقبلة، الأمر الذي يمكن أن يشكّل صدمة سلبية في وجه الإصلاحات التي أطلقها بوتفليقة. ولم يسبق لأي رئيس جزائري أن تولى دعوة الناخبين إلى المشاركة بقوة في الاقتراع، لكن بوتفليقة دعا الأحزاب السياسية والنقابات وتنظيمات المجتمع المدني إلى العمل «سوياً» على «تعبئة» الجزائريين للمشاركة في الانتخابات. وقال: «انتظر من الأحزاب السياسية والنقابات وتنظيمات المجتمع المدني أن تعمل سوياً لتعبئة الناخبين والناخبات ولا سيما الشباب منهم من أجل القيام بما توجبه المواطنة النصوحة الصادقة من إقبال على الوفاء بالواجب المدني والسياسي واختيار للبرامج والرجال والنساء والإدلاء بحكمهم في صلاحهم وأهليتهم». كما أكد أن «دور الأحزاب السياسية في تحقيق صدقية الانتخابات التشريعية المقبلة وجدواها واحترام ضوابطها بلا استثناء دور لا بديل عنه». وأضاف أن هذا الدور «يتمثل في إعداد برامج جادة مجدية تلبي حقاً انشغالات المواطنين وفي انتقاء وتزكية المرشحين والمرشحات القادرين على أداء المهمة النيابية حق أدائها وفسح المجال رحباً أمام المرأة والشباب بما يمكن من إثراء التركيبة البشرية لمؤسساتنا الدستورية بالكفاءات النسوية والشبابية». وفي معرض حديثه عن أهمية المشاركة الشعبية في هذا الموعد، قال بوتفليقة «إننا ننتظر إذن من الناخبين والناخبات هبّة صريحة إلى الإدلاء بكل سيادة بصوتهم الحر في التعبير عن الإرادة الشعبية»، موضحاً أنه «لا يجب أن يغيب عنهم أنهم يتحملون مسؤولية تفويض النيابة عنهم في التصرف بمقدرات البلاد وممارسة سلطة الشعب للمرشحين والمرشحات الذين سيرسو عليهم اختيارهم». وقال إن «الديموقراطية التي نروم بناءها تمر عبر المشاركة الحرة للمواطن في الحياة السياسية التعددية من خلال مساهمته في الأنشطة الحزبية وممارسته لحرية التعبير واحتكامه إلى صندوق الاقتراع وعبر تجنيب مقدسات الشعب وثوابت هويته المزايدة والمتاجرة بها». وأوضح أن «كل الترتيبات قد اتخذت لضمان شفافية الانتخابات»، مشيراً إلى أن «عملية الاقتراع والفرز» ستجري «تحت المراقبة المباشرة لممثلي المرشحين في كل مكاتب التصويت. وستتكفل الهيئات الوطنية للمراقبة والمتابعة على التأكد من مراعاة قانون الانتخابات». وفي السياق ذاته، أكد بوتفليقة أن «للأحزاب وللقوائم المستقلة المشاركة حق ممارسة التقصي والمراقبة في كل مرحلة من مراحل الاقتراع». وفي شق الضمانات المعلنة، أشار الرئيس الجزائري إلى أن بلاده وجّهت دعوة إلى ملاحظين دوليين من أجل متابعة الانتخابات. وأعلن أيضاً وجوب «التزام» كل مسؤول أو عضو في الحكومة أو موظف رفيع المستوى أو إطار مسيّر في مؤسسة عمومية مرشح للانتخابات التشريعية ب «الامتناع» عن استعمال وسائل الدولة أثناء حملته الانتخابية. وأضاف أن الهيئات الإدارية في الوطن «تتحمل (...) مسؤولية ضمان حياد أعوانها حياداً تاماً في كل ما يتعلق بالانتخابات». وفي سياق آخر، يتوجه مؤتمر حزب «جبهة العدالة والتنمية» (قيد التأسيس) إلى انتخاب عبدالله جاب الله رئيساً له. وانطلقت، أمس، أشغال المؤتمر التأسيسي بمشاركة نحو 5000 مندوب. وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أكد جاب الله أن تشكيلته السياسية تُعد «إضافة إيجابية» بإمكانها «تقديم الكثير» للجزائر سواء ما تعلّق ب «حمايتها» أو «تنميتها». و«جبهة العدالة والتنمية» واحدة من 17 منظمة سياسية سُمح لها بعقد مؤتمرها التأسيسي. وحضر افتتاح مؤتمر الجبهة الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عبدالعزيز بلخادم وزعيم حركة مجتمع السلم (إسلامي) أبو جرة سلطاني الذي يشارك أربعة من أعضائه في الحكومة، إلى جانب ناشطين جاؤوا من كل أنحاء البلاد. وذكرت «فرانس برس» أن الحاضرين رددوا هتافات «جاب الله الشجاع ... المبادئ لا تباع». وحضرت النساء اللواتي بلغ عددهن نحو 500 في القاعة لكن في قسم منفصل. وقد دخلن من مدخل خاص بهن. وكان جاب الله أسس من قبل حركتي النهضة والإصلاح قبل أن ينسحب منهما نظراً إلى انشقاقات ضده في أوساط قيادات الحركتين.