أكد مدير المركز الإعلامي لدار الإفتاء السورية السابق (المنشق) الشيخ عبدالجليل السعيد، أن للنظام السوري عبر المكتب الإعلامي في دار الإفتاء دور في إذكاء الفتنة بين رجال الدين في السعودية وهيئة كبار العلماء ، مشيراً إلى أن حلب ليست محيدة عن الأحداث ولكنها تنتظر فرصة الانطلاق، موضحاً أن من قتل سارية ابن المفتي أحمد حسون هو أحد أفرع القطاعات الأمنية في سورية. وقال السعيد الذي كان يتحدث ل «الحياة» من مقر إقامته في إسطنبول، وعن دور المكتب الإعلامي للمفتي إنه «متابعة العمل الإعلامي للمفتي، مضافاً إليها عمل استخباراتي إعلامي، وعمل استقصائي عن بعض الرموز والمؤسسات الإسلامية، مثاله دراسة عن مؤسسة الفتيا في مصر والسعودية، ومحاولة زرع الفتنة فيهما، ففي السعودية مثلاً كان يحاول المفتي أن يوصل رسائل معينة عبر نشر صور معينة لبعض المشايخ السعوديين معه، ليوقعهم في أزمة مع هيئة كبار العلماء عن طريق علاقاته، وكذا بمصر من خلال زيادة علاقته مع المفتي في مقابل تقليلها مع شيخ الأزهر»، مضيفاً: «في المكتب الإعلامي يصلنا يومياً ما يقارب 15 ألف اعتراض على مواقف المفتي مع التفنيد الديني لهذه المواقف، فيحاول المفتي أن نمسحها ونلغي ذكرها، وأيضاً يحاول أن يسفه هذا العمل، وعدم نشر الانتقاد على صفحته على الفيسبوك، فقط المدح هو الذي يبقى، ناهيك عن علاقته بالتلفزيون السوري وقناة دنيا، وكان يطلب منا إجبار العلماء على التصوير في دار الإفتاء بعد جلبهم بالقوة». ورأى أن جزءاً مما يقوم به النظام هو تضعيف الحركات الدينية، ودعم الحركات الصوفية لأنها بنظرها تحمد النظام، وقال: «هي لم تستطع ضرب كل التيارات الإسلامية، فهي لم تتلق الضربات من بعد، وهناك فجوة بين الأجيال في الحركات الإسلامية، فاستطاعت الدولة النفاذ إلى الأجيال الثالثة من الحركات الإسلامية، ودائماً في كل تاريخ الثورات أن الفقراء والبسطاء هم الذين يحركون الثورات». وعن الشيخ البوطي، أكد أنه عالم دين وليس سياسياً، «والنظام استطاع أن يختطف البوطي من قوميته الكردية، وألقت في روعه انه إذا تركته سيقومون الأكراد باغتياله بعد خطفه، لأنه لم يساعدهم في حقوقهم، وهذا الخطأ السياسي الذي ارتكبه البوطي طوال حياته، فهو حارب الأكراد وحقوقهم وتماهى مع النظام بحسن نيته وتمت استمالته بالعمل والمراتب والمناصب، وأولاده يعملون في الأجهزة الحكومية، ولديهم دعم كبير من النظام، وهو متفق دائماً مع السلطان». فيما قال إن من قتل ابن المفتي حسون هو جهاز أمني خاص، والذي أشرف عليه أحد لواءاته، من خلال غرفة عمليات بطائرة عسكرية قابعة في مطار يبعد 12 كيلاً من الجامعة التي يدرس بها ابن المفتي (سارية)، واستطاع النظام أن يقنع السوريين بعد هذه العملية بأن الثورة مسلحة، مضيفاً أن «النظام هو المستفيد الوحيد من هذه العملية، ولجر أكبر تعاطف دولي، والمعلومات هذه موجودة في عقل المفتي بعد الاغتيال، ولكنه بلع الموس على الحدين، فلا يستطيع التراجع، وكثيرون أبلغوه بما تم، لكنه لو أيّد الثورة، فهو يناقض حتى مفهومه الأخلاقي، فهو حتى في قيمه الأخلاقية يكره المدن الثائرة ويسبها، ويقول عنها كلاماً ثائراً، ربما يصفها بأنها عنصرية لا تليق بالمواطن، فكيف برجل الدين». وعن مصدر معلوماته، قال السعيد: «لدي معلومات مؤكدة من شهادة حية من داخل المخابرات الجوية، فقط سأخرجها في حال التأمين على حياة الشخص الذي كانت لديه هذه الشهادة الحية أو إذا خرج من الداخل، والأمر الثاني ما تداوله بعض المقربين من مكتب وزير الأوقاف، الذي أتته أيضاً هذه المعلومات بدقة». وأضاف السعيد أنه تعرض للاعتقال قبل الخدمة العسكرية، وبعدها شارك في الحوار الوطني باسم الإفتاء، لتعتقله بعدها المخابرات الجوية التابع فرعها في مدينة حلب فعلياً للمفتي حسون، وقال: «وكان هذا رد فعل سيئ لي من المفتي، بغرض تربيتي وإبعادي عن الخط الذي أسير عليه، وبعد اعتقالي بعد الحوار الوطني عدت إلى المكتب، وهناك بدأت علي الضغوطات، وطلب مني حسون أن أمكث في بيتي، واستدعاني بعد فترة وطلب مني أن أراجع فرعاً أمنياً، وعلمت من بعض الشخصيات أنه تُحضر لي مسرحية، لأظهر وكأنني رئيس مجموعة سلفية، فاستطعت الهروب إلى لبنان، ومن هناك الخروج إلى تركيا». وزاد السعيد: «المشكلة عندنا أن هناك تداخلاً بين العملين الديني والأمني، فالمفتي هو المستشار الديني للرئيس، والغرفة الأمنية الضيقة التي حول الرئيس فيها مستشارون دينيون كصمام أمان، ورأس هذا الصمام هو أحمد حسون، فكل أمر يوجهه للفروع الأمنية مهم جداً، ورجال الدين الكبار تحرسهم المخابرات الجوية، وإذا دخل المال تصبح العملية أمراً ونهياً من المفتي لقادة هذه الفروع، كونه يرتبط معهم بعلاقات مهنية ككل رجال الدولة». ويحلل السعيد شخصية المفتي بأنه «هو من بداية عمله ترك السلطة الدينية، واتجه إلى مجلس الشعب، وقد خُيّر بين أن يكون مفتياً في مقابل أن يكون عضو مجلس الشعب، فاختار العضوية، وهو يجلس في هذا المنصب (الإفتاء) كواجهة وليس عن قناعة، فهو لا يؤمن بأي عمل ديني مؤسسي، فهو لا يشغل أي منصب في الجامعات السورية أو المعاهد الدينية». وعن طريقة تمكين المفتي، أكد السعيد أن حسون حاول منذ أن كان في حلب أن يستميل بعض العلماء مادياً أو معنوياً، وكان يسحب سيارات من القصر الرئاسي، ليوزعها على أهل الدين، أو يوزع عليهم بيوتاً، ويتركهم فترة بعد الاعتناء، ومن ثم يرميهم ويأتي بهم، وهكذا حتى يجعلهم أداة مطيعة في يدهم». ورأى السعيد أن المكتب الإعلامي هو من الناحية الرسمية شبيه بفرع الاستخبارات ومثاله «أرسل مصوراً خاصاً من المكتب، لتصوير كل المشايخ الذين زاروا الشيخ أسامة الرفاعي، ومن ثم رفع صورهم للقصر الرئاسي، وطلب من القصر متابعتهم وإيقاف مدخراتهم، بل كان يسطو على أموال المشايخ الذين تكون عليهم ملاحظات أمنية». وعن خروج مدينة حلب مع المتظاهرين، شدد السعيد على أن مدينته ليست محيدة عن الحراك، «مشكلتها أنها ضعيفة لسبب أنها لا تتحرك إلا على أيدي أهل الدين ولا تتحرك إلا بتوجيهات أهل الدين، وتم رفد العمل الديني في حلب بدعاة مؤيدين للنظام، ودورهم فقط أن يقوموا بالتحذير مما يرون، وحمد دور المفتي ومورس هذا الدور على أهل حلب، فالنظام درس ماهية حلب من 1980 بشكل دقيق، فوزع الجميع بين المناصب والسجون، والنكتة المعروفة عن حافظ الأسد الأب حين قال إن الطبقة السياسية لها طريقان المؤيد للحزب القطري والمعارض إلى سجن صيدناية، مطبق إلى الآن». لكنه عاد وقال إن «الثورة قائمة بحلب بقوة وهناك أكثر من سبعة آلاف معتقل في حلب، وهذه تقارير وصلت إلى مفتي سورية، وسأكشف عنها في وقت لاحق وهناك تحضير على مستوى اكبر في حلب بشكل لا استطيع الكشف عنه، وهناك ترتيب قادم لحل يختلف عن أسلوب الثورات، ويكون مَفرقاً للعملية الثورية في سورية، وهذا ما تم بالتنسيق مع الثورة، فيكون هناك توجه بالسيطرة على قطاع آخر، تثور بسببه حلب ولن يسكت عنه أهل حلب». وعن سبب عدم خروج حلب حتى الآن، رأى السعيد أن المشكلة أن حلب غير محتكة مع الطائفة الحاكمة وهي الطائفة العلوية، مضيفاً: «لا نقصد الشرفاء من العلويين، وهذا ما يقصده الناس عندما يكون المواطن من الدرجة الثانية، وحتى المفتي لا يستطيع أن يدعو المفتي العلوي فضلاً عن أن يأمره، هذا وهو مفتي سورية».