حصل المجلس العسكري الحاكم في مصر على دعم من جماعة «الإخوان المسلمين» لرفضه تبكير موعد الانتخابات الرئاسية، فيما عزز تراجع الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في محيط وزارة الداخلية فرصه في تجاوز الأزمة الحالية التي تفاعلت على خلفية «مجزرة بورسعيد» التي أسقطت 74 قتيلاً. لكن في مقابل تهدئة جبهة الداخل، بدا أن العلاقات المصرية - الأميركية تتجه نحو تدهور أكبر، على خلفية إحالة 40 حقوقياً، بينهم 19 أميركياً، على محاكمة جنائية في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية، بعد ساعات من تحذير وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المجلس العسكري من «مشاكل» في العلاقات. وفي محاولة لتهدئة الغضب، تعهد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لعدد من نواب البرلمان والشخصيات العامة تجديد مستشفى سجن مزرعة طرة في وقت قياسي، في إشارة إلى قرب نقل الرئيس المخلوع حسني مبارك إليها، كما قرر توزيع جميع رموز النظام السابق المحبوسين في سجن مزرعة طرة على خمسة سجون مختلفة. وخففت حواجز صخرية نصبها الجيش أمس في محيط وزارة الداخلية من حدة الاشتباكات التي تواصلت بين الشرطة ومتظاهرين لليوم الرابع على التوالي. وطاردت الشرطة المتظاهرين الذين كانوا على مقربة من مقر الوزارة في شارعي منصور ومحمد محمود وأرغمتهم على التراجع إلى محيط ميدان التحرير من خلال إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع. ورغم إجماع غالبية القوى السياسية على مطلب التعجيل بانتخابات الرئاسة ودعوة بعضها إلى عصيان مدني السبت المقبل للدفع بهذا الاتجاه، أبدى رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، الدكتور محمد مرسي دعماً قوياً للمجلس العسكري، مؤكداً تمسك حزبه بخريطة الطريق التي وضعها المجلس لنقل السلطة، ما يعني رفضه الدعوات إلى تبكير موعد انتخابات الرئاسة. وقال مرسي إن «مجلسي الشعب والشورى سيعقدان اجتماعاً مشتركاً في الرابع من الشهر المقبل لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور التي سيستغرق عملها ما بين شهرين أو ثلاثة رغم صعوبة ذلك، ثم يطرح الدستور على الشعب للاستفتاء، وتتم بالتوازي مع ذلك إجراءات انتخابات الرئاسة، ليكون هناك رئيس للبلاد في 30 حزيران (يونيو) المقبل». ورأى أن «المجلس العسكري اكتسب شرعيته من الشعب يوم 11 شباط (فبراير) الماضي، وسقط الدستور والنظام والبرلمان القديم، والحزب ضد من يحاول هز هذه الشرعية لأن ذلك سيؤدى إلى الفوضى». وتساءل: «ما الفارق بين أن تبدأ إجراءات انتخابات الرئاسة يوم 23 شباط (فبراير) أو 15 نيسان (أبريل)؟ الحرية والعدالة يرفض صدور إعلان دستوري جديد حتى ولو كان فيه بعض المصلحة، لأنه سيفتح الباب للفوضى، وكذلك لأي نوع من أنواع الوصاية على الشعب بوضع شروط أو معايير لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية». واعتبر أن «الجميع يقدر الدور الإيجابي الذي قامت به القوات المسلحة في حماية ثورة الشعب، وهو دور غير مسبوق في تاريخ الشعوب جميعاً، وعلامة مضيئة في تاريخ مصر والمصريين، وحتى بعد تسليم السلطة لحكم مدني منتخب، فسيكون للجيش دور كبير في حماية هذه السلطة لأنه لا دولة من دون قوات مسلحة وجهاز شرطة وطنيين». وقبل أن ينتهي العسكر من حل التناقضات الداخلية، ظهر أن علاقاتهم مع واشنطن تتجه نحو تدهور أكبر في ظل تصعيد متبادل، إذ أحالت السلطات القضائية 43 شخصاً بينهم 19 أميركيا يتقدمهم سام لحود نجل وزير النقل الأميركي راي لحود على المحاكمة الجنائية بتهم «تأسيس وإدارة فروع لمنظمات حقوقية دولية من دون ترخيص من الحكومة المصرية، وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج، بما يخل بسيادة الدولة». وبين المحالين مصريون وألمان وصرب ونرويجيون وفلسطينيون وأردنيون. واعتبر مراقبون أن الخطوة رد على تلويح واشنطن المستمر بمراجعة المساعدات العسكرية لمصر. وذكرت التحقيقات أن الحقوقيين المتهمين «مسؤولون عن تأسيس وإدارة خمس منظمات أجنبية (أربع أميركية ومنظمة ألمانية) حصلت على أموال من الخارج بالمخالفة للقانون».