أفاد ثلاثة من أبرز شيوخ السلفية الجهادية في المغرب من عفو أصدره الملك محمد السادس ليل السبت في مناسبة ذكرى المولد النبوي. وغادر حسن الكتاني المُكنى «أبو حفص» وعبدالوهاب الرفيقي وعمر حدوشي المعتقل، بعد إدانتهم بالسجن فترات تراوحت بين 20 و30 سنة على خلفية الضلوع في الهجمات الإرهابية في الدارالبيضاء، وفق تحريات أمنية وقضائية رغم نفيهم أي علاقة مباشرة لهم بتلك الأحداث خلال المحاكمات. واعتبرت مصادر رسمية صدور العفو الأول من نوعه منذ تعيين حكومة عبدالإله بن كيران زعيم حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، مؤشراً للبدء في طي ملف «السلفية الجهادية»، خصوصاً في ضوء إقدام ناشطيها المعتقلين على تنفيذ إضرابات عن الطعام، إضافة إلى كونه الأول الذي يصدر بمبادرة من وزير العدل مصطفى الرميد الذي كان من أبرز محامي المعتقلين الإسلاميين وزعيم تنظيم حقوقي باسم «الكرامة» ظل يطالب بالإفراج عنهم. ويشكل صدور العفو عن شيوخ السلفية الجهادية تحولاً في مسار التعاطي وظاهرة العنف منطلقه تشجيع المراجعات الفكرية والحد من بعض مظاهر الغلو في مواجهة من كانوا يصنفون باعتبارهم «محرضين» عبر فتاوى ومواقف فكرية. وكثيراً ما اتهمت السلطات شيوخ السلفية الجهادية بأنهم كانوا وراء التحريض على استخدام العنف، فيما دانتهم محاكم بأقصى العقوبات التي فاقت 30 سنة سجناً رغم عدم ثبوت تورطهم المباشر في أعمال العنف، وتحديداً الهجمات الانتحارية في 16 أيار (مايو) 2003 في الدارالبيضاء. وشملت إجراءات العفو في وقت سابق الشيخ محمد الفيزازي الذي كان يعتبر الأكثر تشدداً، إضافة إلى متورطين آخرين. غير أن إعلان تفكيك خلايا وتنظيمات إرهابية تردد أن بعض ناشطيها كانوا معتقلين على خلفية أعمال إرهابية وأفادوا من عفو أثر في سياق توالي إجراءات العفو. غير أن ناشطين ذوي ميول يسارية وآخرين ينتسبون إلى «حركة 20 فبراير» الشبابية شملهم العفو إلى جانب أحد رجال الأعمال وبطل رياضي من بين 458 شخصاً. وغاب اسم الصحافي رشيد نيني المدير السابق لصحيفة «المساء» عن القائمة، وإن كانت نقابة الصحافيين و «فيديرالية الناشرين المغاربة» قدمتا التماساً بهذا الصدد. على صعيد آخر، انبرى نواب في البرلمان المغربي يمثلون مدينة تازة شمال شرقي فاس للمطالبة بفتح حوار صريح وشامل مع رئيس الحكومة للتخفيف من التوتر الذي تعيشه المنطقة في ضوء اندلاع أحداث عنف ومواجهات بين قوات الأمن ومحتجين شباب. وعرض النواب مشاكل اقتصادية واجتماعية عاجلة في مقدمها معاودة النظر في خدمات قطاعي الماء والكهرباء التي ساهم رفع فواتيرها في اندلاع الاحتجاجات، كما طلبوا من قوات الأمن تخفيف وجودها عند معابر أحياء شعبية كانت مسرحاً لتلك المواجهات. وتمنى النواب على حكومة بن كيران إيلاء عناية خاصة بالأوضاع الاجتماعية في الإقليم، كما ألحوا على معالجة ملف المعتقلين الشبان الذين انطلقت تظاهرات حاشدة تطالب بالإفراج عنهم. وأعلن ناشطون في حركات اجتماعية تشكيل قوافل تضامن مع سكان تازة الذين انتقدوا في شدة تدخل قوات الأمن التي قالوا إنها كانت تلاحق المتظاهرين في بيوتهم فيما تجرى تحقيقات لمعرفة الخلفيات الحقيقية لاندلاع الأحداث التي عرفتها المدينة على دفعتين أحدهما الشهر الماضي. ولا يزال الهدوء الحذر يسود الأوضاع، وإن كانت مصادر رسمية تحدثت عن عودة الحياة إلى طبيعتها. ويُنظر إلى انفجار الأحداث في تازة على أنها تشكل أبرز تحديات الحكومة الجديدة التي شرعت في مزاولة مهامها، فيما دعت بعض الكتل المعارضة في البرلمان إلى تسريع عقد اجتماع المؤسسة التشريعية للبحث في مخاطر تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية هناك. لكن مصادر حكومية جددت التزامها فتح الحوار مع كافة التنظيمات وضمنها «حركة 20 فبراير» وجمعيات حملة الشهادات الجامعية العاطلين من العمل.