الحروب الإعلامية على أشدها في المنطقة، والطبقة الرقيقة من الديبلوماسية في المبثوث تبخرت، أصبح الاستهداف للقيادات السياسية والشعوب حاضراً بقوة، ولا مجال هنا للحديث عن المهنية الإعلامية أو الصدقية و«ما دون الحلق إلا اليدين»، الاستهداف مركز على العقول والهدف الإقناع بصدق المواقف وحقيقة الأوضاع. وإذا أخذنا المشهد السوري نموذجاً سنجد أن نظام الأسد استفاد كثيراً من أخطاء القذافي، صحيح أنه تأخر كعادة الأنظمة الشمولية في بطء الاستجابة، إلا أنه يحاول تدارك ذلك في الإعلام والعلاقات الدولية، لكنه يبدو أسيراً لتلك العلاقات، فهو معلق بخيط روسي لا يعرف متى ينقطع. استطاع نظام بشار الأسد استغلال «نبض العروبة»، على رغم علاقة تؤأمة مع إيران المعروفة بعنصرية قياداتها تجاه الجار العربي، كما استثمر خط المقاومة والممانعة مع انه في خانة الأخير مستغلاً الأول، وفي معرض استحلاب العواطف العربية، جاء التدليس في كلمة مندوب سورية بجلسة مجلس الأمن، حينما ذكر انه كان «في الطفولة» يقتصد من مصروفه لدعم حركات التحرر العربي في الخليج من الاحتلال البريطاني، وهذا غير صحيح بل هو مثير للدهشة. إنما هذا لا يمنع من التحليل الموضوعي للمشهد السوري، لن يختلف اثنان على خطورة تدويل الأزمة السورية، والمشهد الليبي حاضر لا يمكن التغافل عنه مهما كانت الحجة، لكن قطع الطريق على التدويل لن يأتي إلا باعتراف دمشق بحجم الأزمة وتصاعدها وما يتوجب للخروج منها، بما يعني تقديم تنازلات معتبرة، وإذا أردت نموذجاً لحقيقة «مقاومة» النظام السوري ستجدها في تصريح عضو مجلس الشعب السوري خالد العبود. على احدى القنوات الفضائية قال إن الصواريخ السورية قادرة على ضرب مصانع في دولة قطر، كان الحديث يدور حول دور قطر في الأزمة او الثورة السورية، «تبرع» العضو في مجلس الشعب السوري بالمعلومة «عن تلك الإمكانات» وفيها إشارة ربما إلى تمركز جديد للصواريخ بعدما أخرجت من المخازن، أيضاً قال إن الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية رصدت تجربة صاروخية سورية، حين أطلق صاروخ من منطقة قرب دمشق وأصاب هدفه «مئة في المئة» في الصحراء الإيرانية، وان الرسالة السورية وصلت للمعنيين. ومن الموضوعي طرح أسئلة «مقاومة» ما دامت الترسانة السورية بهذه القوة والدقة واليد الطويلة، ابنها حينما دكت بيروت على رؤوس أهلها وهي على بعد كيلومترات قليلة، والحليف في لبنان في وضع حرج، فهل كان مداها أطول بما يعني سقوط الصواريخ في البحر وضياعها؟ ثم أين كانت والطائرات الإسرائيلية تسرح وتمرح في الأجواء السورية وتحطم موقعاً قيل انه لمشروع نووي، لم تبرز اليد الصاروخية إلا حين تهديد النظام، لا السيادة ولا الشعب ولا المقدرات. www.asuwayed.com twitter | @asuwayed