يعود تاريخ الإذاعة إلى أوائل الأربعينيات من القرن الميلادي الماضي، إذ كان الهدف من إنشائها خدمة الجيوش أثناء القيام بحروبها، لكن مع مرور الزمن تغيرت أهداف الإذاعة، وتغيرت أولوياتها، وامتدت مجالات ما يطرح من خلالها. في السعودية، تعتبر إذاعة «طامي» التي تبث من الرياض أولى الإذاعات المحلية الخاصة، سميت على اسم مؤسسها عبدالله بن سليمان الطامي، وكان أول بث لها سنة 1380ه. وعلى رغم أنها كانت التجربة الأولى إلا أنها تميزت بالتنوع، بدءاً من عرض الأخبار، والأحاديث الشريفة، والفنون الشعبية، إضافة إلى الإعلان عن المفقودات والبضائع وكل ما هو جديد في المحيط المحلي. مر أكثر من نصف قرن على انطلاق إذاعة طامي، لتشهد المملكة قبل نحو عامين الانفجار الأول من نوعه في المجال الإذاعي، عندما منحت أربع تراخيص لإذاعات خاصة. الآن وفي عام 2012، تشهد الإذاعات المحلية التي لا تتجاوز 10 إذاعات تنافساً كبيراً لجذب أكبر شريحة من المستمعين، يصعب مهمتها نفوذ القنوات الفضائية التي استطاعت خلال العقدين الماضيين سرقة الآذان والعيون من الراديو. وعند النظر إلى الجهة الأخرى نلحظ تغيراً في المحتوى، بغض النظر عن كونه تغييراً إلى الأفضل أو الأسوأ، إذ تفرد الإذاعات الجديدة مساحات من أثيرها إلى الموضوعات التي تمس فئات مجتمعية معينة، إضافة إلى الجانب الترفيهي. وعلى رغم مرور كل هذه الفترة منذ التجربة الأولى، لا يزال النقاد والمراقبون يرون أن تلك الإذاعات لم تصل إلى مستوى الاحترافية المقنع، وهو ما يعزى بحسب بعض النقاد إلى تجاهل التوصيات والدراسات العلمية في مجال الإعلام، بحثاً عن الربح السريع وتقليل الكلفة المادية التشغيلية لها. التوجه إلى الشباب فقط إحدى السلبيات الأخرى للإذاعات الجديدة، فالمستمع الكلاسيكي المتمثل ب«الجيل الأول»، وربما «الثاني» لم يعد له حصة في هذا الأثير المحلي، ليتغير «مفهوم الإذاعة مع مرور السنون من ملجأ للمعلومة والثقافة إلى أدوات لترفيه المراهقين ومن هم أكبر قليلاً. تجربة «طامي» لم تتطور كثيراً، وربما اتجه اللاحقون إلى الأسفل، بدلاً من البدء من حيث انتهى «طامي»!.