قد يغيب عن بعض وسائل إعلامنا العربي أهمية التخصصات الفرعية داخل التخصص الواحد، على سبيل المثال ما يتعلق بالتقديم نجد أن هناك المذيع الإخباري، وهناك التقديم الحواري أو إدارة الحوار، وكذلك فن التعليق الرياضي وغيره، وليس بالضرورة أن يكون المقدم الإخباري بارعا في البرامج الحوارية والعكس كذلك، إلا أن القاسم المشترك الذي يجب أن يوجد لدى أي شخص خصوصا في هذا المجال كونه مبحث حديثنا، توفر الثقافة العامة كوقود مساعد على الاستمرار بحرفية، لا أقصد أن تكون كاملة ولكن مقبولة إلى حد لا بأس به، ما دعاني إلى كتابة هذه المقدمة برنامج إذاعي توقفت عنده أثناء البحث في عدد من المحطات الإذاعية لمجرد توقفي عند إشارة مرور مزدحمة في عز الظهيرة. ولفت انتباهي تلك الفقرة من البرنامج التي سلطت الضوء على برنامج صحي أقامته جمعية طبية أو مستشفى من خلال تنظيمه مخيما تعريفيا للأطفال المصابين بالسكري بكيفية التعامل مع وضعهم الصحي _ لم أقل مرضهم _ بل وضعهم الصحي، وربما آتى ثماره كما يبدو، حيث نلحظ ذلك على ثقافة تلك الطفلة من حديثها الواضح بكل ثقة لتنقل للمستمعين ما تعلمته في ذلك النشاط التثقيفي الصحي، وتعدد الجوانب الإيجابية في حياتها من خلال تعايشها مع السكري، وكأنها أدركت جيدا معنى النظر لنصف الكأس الممتلئ، واستطردت في الحديث بكل براءة وعقلانية تجاوزت محاورتها المذيعة بقولها الطب يتطور وربما خلال سنة يتم اكتشاف علاج للسكري، لنقف كمستمعين عند روحها المعنوية المرتفعة وتفاؤلها الذي إن خاب أمام ثقافة البعض المتواضعة فلن يخيب أمام قدرة الله على أي حال، والمذيعة بتعجب تجيب بقولها: يمكن!. وبلكنة أحبطت المستمعين قبل المعنيين بالأمر دون شك، والملاحظ أن الطفلة لم تتلق جرعات تعليمية تدل على أنه مرض يوجب الاستسلام له، حتى أتت الطامة الكبرى ربما محاولة من المذيعة تقليص الفارق الملحوظ في عقلانية وعمق الطرح الذي لم يكن لصالحها حين قالت: معليش أنا لا أعلم شيئا عن مرض السكري لأني غير مصابة به والحمد لله!! (هل هذا وقت شكر النعم أمام فاقدها)؟! حقا ما فائدة هذه العبارة لتقولها أمام مريض مهما كان سنه، ويزداد الأمر سوءا لو كان طفلا، وكأني أقول يا مسكين أنا معافى وأنت مريض هاهاها لم يتبق سوى أن أخرج لساني زيادة في إغاظته! شعبيا نسمي هذه الحركة نذالة.