في ما يبدو أن أهالي منطقة الباحة والذين يسكنون بالتحديد محافظات وقرى «السراة» (المندق وبلجرشي والعقيق والقرى) أصبح لزاماً عليهم في كل عام وفي هذا التوقيت نفسه ما يمكن أن يسمى رحلة الهرب إلى صيفٍ باكر من المحافظات التي تقع في جبال السروات إلى قرى تهامة، وذلك بسبب الأجواء الشتوية الباردة التي تعم أرجاء منطقة السراة. ويفضل أهالي السراة التوافد على تهامة لأكثر من سبب، يأتي في مقدمها البحث عن «الدفء»، حيث تنخفض درجة الحرارة في مناطق السراة إلى أقل من ثماني درجات مئوية هذه الأيام، إضافةً إلى أن غالبية سكان السراة يمتلكون منازل في تهامة، والبعض الآخر له صلة قرابة، ما يسهل عليه الحصول على مسكن خلال فترة ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر وهي فترة «الصقيع». ويعد قرب المسافة من العوامل التي تسهل عملية الانتقال من السراة إلى تهامة، حيث يربط بينهما طريق «عقبة» لا تتجاوز فترة الانتقال بينهما 30 دقيقة. ويعتقد عددٌ من سكان تهامة أن هذه الفترة تمثل لهم فترة انتعاش اقتصادي وسياحي، في وقت يعتبر من الباكر أن تتكون مثل هذه الحالة الفريدة من نوعها في مناطق أخرى من المملكة. وتعتبر محافظة المخواة والتي يتجاوز عدد قراها (310) قرى وكذلك محافظة قلوة وتتبع لها 135قرية وهجرة هي المناطق التي تقع في تهامة الباحة، وتمتاز بالأجواء الدافئة في هذه الأيام. ويتسابق الأهالي في حجز أماكنهم في الاستراحات والمتنزهات والمقاهي والمطاعم بحثاً عن مأكولات اشتهرت بها تهامة مثل (المندي والعصيدة والمرقة والمضغوط والحنيذ التهامي الذي يطهى مع شجر المرخ وهو نوع من الشجر يعطي نكهة مميزة للطعام ويتواجد بكثرة في تهامة)، فيما يفضل الشبان قضاء أوقاتهم في ممارسة رياضة كرة القدم في الملاعب المزروعة. وقال غرم الله عتيق: «اعتدنا الهرب إلى تهامة في مثل هذه الأيام من كل عام بحثاً عن الأجواء الدافئة، حيث تمتاز تهامة بالأجواء المعتدلة وهي فرصة للخروج من المنزل، خصوصاً أنه أثناء البرد لا يبقى لأحدنا من خيار سوى الذهاب إلى العمل في الصباح ومن ثم العودة إلى المنزل والبقاء بجوار «جهاز التدفئة» حتى بداية يوم عمل جديد، وهو ما يصيبنا بنوع من الملل والسبب في ذلك أجواء البرد». وأشار عتيق إلى أنه يستغل وجوده في تهامة للتمتع بالأجواء الدافئة، إضافة إلى القيام بالرحلات إلى البر وممارسة الشواء والطبخ في المساء، منبهاً إلى ضرورة وجود الجهات ذات الاختصاص للحد من رفع الأسعار في المطاعم والاستراحات والأغنام، والمواد الغذائية خلال هذه الفترة. ويلفت محمد الشرقي إلى أن هناك خمس طرق توصل إلى تهامة هي «عقبة الباحة» و«عقبة الأبناء» و«عقبة الملك خالد» و«عقبة حزنه» و«عقبة ذي منعا»، وجميعها تؤدي إلى محافظتي المخواة وقلوة في تهامة، مؤكداً أن هناك من يقوم بالنزول إلى تهامة يومياً، والبعض الآخر في نهاية كل أسبوع، فيما يفضل «المتقاعدون» والذين ليست لديهم ارتباطات عملية البقاء طوال فترة «البرد القارس» في تهامة لقضاء أوقات دافئة بصحبة العائلة والتنقل بين الأودية مثل «الأحسبة»، «ناوان» والقرى الأثرية مثل «قرية ذي عين»، و«قرية الخلف والخليف».