واشنطن- أ ف ب - يأتي عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما لرؤيته الشعبوية لقيام مجتمع اميركي اكثر عدلاً، في وقت يبدو فيه ان تحقيق «الحلم الأميركي» أصبح أكثر صعوبة بعد ثلاثة عقود من انعدام المساواة المتزايد، كما قال خبراء. واستعداداً للانتخابات الرئاسية المقبلة، استخدم أوباما خطابه حول «حالة الاتحاد» لكي يدعو الى فرض ضرائب أعلى على الأثرياء، لا سيما ان منافسه المحتمل سيكون المليونير الجمهوري الرأسمالي، ميت رومني. لكن التنافس الاقتصادي بين الديموقراطيين والجمهوريين لم يتمكن من تبديد واقع ان الادارات المتتالية من الحزبين شهدت تعميقاً للهوّة الفاصلة بين الطبقات الاجتماعية، وفقاً لمحللين. وقال مدير مشروع العامل الاميركي في معهد «اميركان بروغرس» للبحوث ديفيد مادلاند، ان «الحلم الاميركي يواجه صعوبات»، مضيفاً: «لقد اصبح من الصعب تحقيقه مقارنة بالسابق». وأوضح: «هناك مفهوم سائد لدى العديد من الناس بحصول تلاعب، وبأن الذين وصلوا الى القمّة قاموا بذلك عبر وسائل يستفيدون منها هم حصرياً». فوارق في الرواتب وأظهر التقرير ان الارتفاع الكبير في رواتب المديرين مقارنة بالموظفين كان شاسعاً، فارتفعت رواتب رؤساء مجالس الادارات بمعدل 35 ضعفاً بين عامي 1978 و2005، الى 262 ضعف ما يتقاضاه العامل العادي. وهذا الخلل استند اليه مناهضو الراسمالية في اطار حركة «احتلوا وول ستريت» في تحرّكهم، حيث توسع نطاق التظاهرات التي بدأت في نيويورك الى مناطق اخرى، لكن الحركة فقدت زخمها منذ ذلك الحين بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة. وقالت مديرة المشروع في معهد «بيو» ارين كوريير، ان ظهور حركة المناهضين ل «وول ستريت»، تزامن مع تيقّظ متزايد من قبل الخبراء السياسيين العام الماضي للتأثير على دعوة اوباما من اجل اقتصاد اكثر عدلاً. واضافت ان «الاميركيين يمكنهم رؤية دور واضح للحكومة». وحول اذا كان «الحلم الاميركي» لا يزال حياً، اجابت: «نعم، ولا»، لافتة الى ان رواتب الاميركيين الأفقر (خمس الشعب) تجاوزت رواتب اهاليهم «في شكل كبير»، لكن المجموعة نفسها بقيت مصنّفة بين فئة العشرين في المئة الأدنى في السلم الاجتماعي. وأضافت كوريير: «ذلك يتعارض مع الفكرة الاساسية لأمتنا القائمة على العدالة والمساواة في الفرص»، مشيرة الى ان الحصول على اجازة جامعية وتأمين مدخرات وأملاك والإقامة في حيّ جيد، هي الأسس الثلاثة للارتقاء في المجتمع الأميركي. وفي حين ان السعي لخلق وظائف يبقى الموضوع الاساس في الحملة الانتخابية الاميركية، فإن قيمة الضرائب التي يدفعها المواطنون الاميركيون برزت في الحملة، منذ ان كشف المرشح الجمهوري مين رومني انه دفع حوالى 13.9 في المئة فقط من ضرائب الدخل السنوية عام 2010، اي اقل بكثير من معظم الاميركيين الذين يدفعون اكثر من 30 في المئة. الخلاف على الضرائب وقال أوباما في خطابه إن «اصحاب الملايين يجب ان يدفعوا 30 في المئة من الضرائب على الأقل». ويرى الخبير في الضرائب ومؤلف كتاب «غداء مجاني: كيف يتمكن الأثرياء الأميركيون من زيادة ثرواتهم على حساب الحكومة ويحيلون الفاتورة اليكم»، دفيد كاي-جونستون، أن السياسيين يتحملون مسؤولية في انعدام المساواة. ففي عام 1961، حين كان جون كينيدي رئيساً، كان اثرى الاميركيين يدفعون ما معدله 42 في المئة من الضرائب الفدرالية، وفقاً لبحوث جونستون، لكن بحلول عام 2008 تراجعت نسبة الضرائب على الأثرى في البلاد الى 18 في المئة، وفي الفترة نفسها سجل 90 في المئة من الاميركيين الاقل ثراء انخفاضاً طفيفاً في النسبة التي يدفعونها من 9.6 الى 7.2 في المئة. واوضح جونستون: «تراجعت نسبة الضرائب لدى احدى المجموعات 24 في المئة، في حين تراجعت لدى اخرى 2.4 في المئة فقط». وتابع: «هناك نظاما ضرائب في اميركا منفصلان وغير متساويين»، لافتاً الى انه تفرض ضرائب عالية على الموظفين ومعظم الاعمال، لكن مديري صناديق الاستثمار «يدفعون ضرائب اقل بكثير، وكل ذلك في شكل قانوني».