ألقى الرئيس الاميركي باراك أوباما الليلة الماضية خطابه السنوي أمام مجلسي الشيوخ و النواب في الكونغرس، هذا الخطاب الذي يسمى "حال الاتحاد" يركز في العادة على الأوضاع في البلاد و على خطط الرئيس للعام المقبل. لكن هذا العام يعتبرُ الخطاب أيضا جزءاً من الحملة الانتخابية لأوباما الذي يسعى للفوز بولايةٍ ثانيةٍ في الانتخاباتِ الرئاسيةِ في الخريف. تناول أوباما في بداية خطابه انسحاب القوات الأمريكية من العراق ، وقال إنه للمرة الأولى منذ 9 سنوات لم يعد هناك جنود أمريكيون يقاتلون في العراق كما أشار لمقتل بن لادن، وقال إنه لم للمرة الأولى منذ عقدين لم يعد هناك بن لادن ليشكل خطرا علينا ، كما أن معظم قيادات القاعدة تم القضاء عليها. واعتبر أوباما أن تلك الانجازات مدخلا للحديث عن التحدي الذي تواجه أمريكا وهو التحدي الاقتصادي ، وقال إن علينا التفكير في أمريكا التي نريدها في قيادة العالم. وقال إنه في نهاية الحرب العالم الثانية بنى الأمريكيون العائدون من الحرب أكبر اقتصاد في العالم وأكبر طبقة متوسطة، وقال إن الولاياتالمتحدة لاتقبل بوجود فئة تعيش في رخاء وفئة تعاني، موضحا إن ما يتعرض للخطر هو القيم الأمريكية التي علينا استعادتها. وتحدث أوباما باسهاب عن إعادة انعاش الاقتصاد الأمريكي والاعتماد على القوى العاملة الأمريكية على الطاقة الأمريكية. وضرب أوباما مثلا بما تم تحقيقه في صناعة السيارات الأمريكية التي كانت على حافة الإفلاس عند توليه الحكم، وعادت الآن للانتاج. وأكد على أهمية عمل الشركات الأمريكية على الأراضي الأمريكية، وإعادة الصناعة الأمريكية للأراضي الأمريكية، متعهدا بتقديم كل المساعدة لرجال الصناعة والأعمال للعمل داخل الولاياتالمتحدة. وأضاف أوباما أنه يعمل على مضاعفة الصادرات الأمريكية خلال السنوات الخمس المقبلة، وتحدث عن اتفاقيات للتعاون مع العديد من الدول، وانه شخصيا سيذهب لأي مكان في العالم للترويج للسلع الأمريكية. وأشار إلى أنه تم ايقاف إغراق السلع الصينية للسوق الأمريكي، وتم توفير آلاف من فرص العمل للأمريكيين، وسيتم منع دخول السلع المقلدة للسوق الأمريكي خاصة من الصين. ودعا الأمريكيين للانضمام للجهد لتدريب وتوفير فرص العمل للأمريكين. وكان آخر آخر استطلاع يظهر أن شعبية أوباما تبلغ ثلاثة و خمسين بالمئة، اي ارتفعت خمس نقاط عن الشهر الماضي. وبعدَ أسابيعَ من تركيزِ الأميركيينَ على سباق ٍ للحصول على مرشح ِ الحزبِ الجمهوري لمنافسةِ أوباما في الانتخاباتِ الرئاسيةِ المقبلة، يريدُ الرئيسُ، والمرشح، باراك أوباما أن يوضحَ للأميركيين الفرقَ بينَهُ وبينَ الجمهوريين، يخلقَ تبايناً بينَ رؤيتِهِ لدورِ الحكومة و رؤيةِ الجمهوريين في وقت يسيطر مستقبل الاقتصادِ على اهتمام ِ الناخبين. كريس لاباتينا، و هو مستشار سياسي ديمقراطي يقول "الطريقة التي سيقوم فيها أوباما بادارة حملته هذه المره هو انه سيقول للاميركيين: "ربما لم أُحسن الاوضاع الاقتصادية تماما، لكن خطة الجمهوريين أسوأ." اذن بعكس الانتخابات السابقة التي كان فيها اوباما مرشحا يرفع المعنويات و يتحدث عن حسناته، هذه المرة سيعمل على اظهار سلبيات الجمهوريين." استطلاع ٌ للرأي أجرَتْه ُ مؤسسة ُ بيو للأبحاثِ هذا الأسبوع أشارَ إلى أن واحداً و ثمانين في المئة من الأميركيين يريدون أن يركزَ أوباما في خطابِه وفي السنة المتبقية من ولايتِهِ -على السياسةِ الداخليةِ وتسعة في المئة فقط من المستطلَعينَ يقولون إنهم يريدونَ أن يركّزَ الرئيسُ على السياسةِ الخارجية، وهذه أقل نسبة اهتمام بالسياسة الخارجية منذ أحداثِ الحادي عشر من سبتمبر.? أوباما قالَ في فيديو لمؤيّديهِ نُشر على صفحة حملته الانتخابية إنه سيركّزُ على مساعدةِ الطبقةِ الوسطى. والاستطلاعاتُ تشيرُ إلى أنّ َ القلقَ حيالَ عدم ِ المساواة في الدخل ِ يزدادُ ومعالجة َ الفجوةِ بين الفقراء والأغنياء أولوية ٌ.? ما يسهلُ مهمة َ أوباما هو الإحراج ُ الذي سببتْه ُ حساباتُ رومني الضريبية ُ والتي كشفَ عنها اليوم. الأوراقُ تظهرُ أن رومني يدفعُ اقل من أربعة عشر بالمئة من دخله في الضرائب، أي نسبة ضرائبَ أقلّ َ بكثير من المواطن العادي الذي يدفع حوالي ثلاثين بالمئة من دخله، والسببُ هو أن رومني- و الكثير من الأغنياءَ -يحصلون على دخلِهم من الاستثماراتِ وبالتالي يدفعونَ نسبة َ ضرائب اقل من الضرائب التي تفرض على الراتب العادي. قال اوباما في الفيديو " تركيزي كرئيس هو إعادة بناء اقتصاد ينجح فيه المجتهد و يكافئ فيه، ويعطى الجميع نفس الفرص والمكافئات ويلعبون بنفس القواعد." لكنّ َ الوعدَ باقتصادٍ أكثرَ عدلاً للطبقةِ الوسطى لن يحلَّ جميعَ تحدّياتِ أوباما. فتخفيضُ العجزِ هو أيضاً أولوية ٌ وهذا يشكل تناقض كما يقول كارول دوريتي وهو باحث استطلاعات رأي في معهد بيو للابحاث "معظم الاميركيين يريدون ان يدفع ذوو الدخل الاكبر نسبة أعلى من الضرائب. لكن بنفس الوقت الذي نرى فيه قلقا اكبر حول مشكلة عدم مساواة الدخل هناك انعدام ثقة بالحكومة كموزع لهذه الثروات . الاميركيون لا يريدون أن يكبر دور الحكومة، فهم لم يوفقوا بعد بين هذين المتناقضين." وبعدَ خطابِة سيزورُ أوباما خمسَ ولاياتٍ حاسمة ً في سبيلِ إقناع ِ الناخبين بأنَّ خطتَهُ الاقتصادية أفضلُ من خطة المرشح الجمهوري.