تجنب وزيرا خارجية الجزائر والمغرب الخوض في ملف الصحراء الغربية الذي يشكل العائق الأول في وجه تقارب الدولتين، فيما اقترحت الجزائر معالجة مسألة الحدود البرية المغلقة مع المغرب ضمن ما سمته «النظرة الشاملة» داخل لجنة مشتركة تتولى متابعة عدة ملفات بينها محاربة التهريب والمخدرات ومكافحة الإرهاب. وبدت زيارة وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني للجزائر التي اختتمت أمس، كأنها عملية «جس نبض» من الطرفين حول مدى استعداد كل منهما للتعاطي مع مشروع «تطبيع» ثنائي، وآخر متعدد الأطراف تحت مظلة اتحاد المغرب العربي، إذ تجنب الطرفان الخوض في الملفات الخلافية المباشرة بينهما، مثل ملفي الحدود البرية المغلقة والصحراء الغربية، واكتفى الوزيران بالترويج لفكرة «التعاون الموسع» الذي يشمل الطاقة والزراعة والشباب والتكوين المهني. وأجرى العثماني، في أول زيارة لوزير خارجية مغربي للجزائر منذ تسع سنوات، مباحثات مكثفة مع مسؤولين جزائريين، واستقبله أمس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كما أجرى مباحثات على انفراد مع عبد العزيز بلخادم بصفته وزير دولة ممثل شخصي لرئيس الجمهورية، وزار العثماني مقر حركة مجتمع السلم واجتمع مع رئيسها أبو جرة سلطاني. وأفيد أن العثماني نقل الى الرئيس الجزائري ضرورة إنشاء لجنة مشتركة تعالج الملفات العالقة ب «أسرع وقت»، وأن بوتفليقة وافق على «عمل متدرج» تطرح خلاله 5 ملفات للنقاش معاً، وأصرت الجزائر على تضمنها الملف الأمني. وسئل وزير الخارجية مراد مدلسي في مؤتمر صحافي مع الوزير المغربي مساء أول من أمس، حول امكان فتح الحدود بين البلدين، فأجاب أن «الحكومة الجزائرية تعتقد ان تطوير العلاقات مع المغرب من الاولويات التي تعالج بصفة منسجمة وكاملة»، مشيراً إلى أن الجزائر تفضل معالجة الاولويات، بما فيها الحدود، في اطار «نظرة شاملة». أما العثماني، فأوضح أن «إستراتيجيتنا اليوم في هذه الانطلاقة الجديدة للتعاون تبدأ في المجالات والأمور المتفق عليها من اجل تطوير التعاون فيها». واضاف انه بالنسبة للأمور المختلف فيها، «فسيتم فتح قنوات حوار شفافة بيننا»، مبرزاً أن هذا «لقاء أول، لكن مع الوقت سنصل إلى أجوبة لكل الاسئلة المطروحة». ورفض وزير الخارجية الجزائري وصف العلاقات الجزائرية المغربية ب «الجامدة»، لأن المغرب الشريك الاقتصادي الأول للجزائر مغاربياً وأفريقياً من حيث التبادل التجاري، والثاني عربياً بحجم يتجاوز بليون دولار في السنة. وكشف أنه درس مع نظيره المغربي كيفية العمل على المشاركة ب «صفة فعالة» في إنعاش الاتحاد المغاربي، موضحاً ان اجتماع وزراء خارجية الاتحاد المقرر في 17 و 18 شباط (فبراير) بالرباط، سيعطي فرصة ليس فقط لتبادل الآراء، ولكن أيضاً لتحضير برامج ملموسة تكون متلائمة مع توجيهات مسؤولي دول الاتحاد. وخرجت الزيارة باتفاق للتعاون و «تنظيم لقاء دوري بين وزيري خارجية البلدين كل ستة أشهر، من أجل تقويم ما تم إنجازه ووضع برامج جديدة، إضافة الى وضع آلية ثابتة داخل كل حكومة لمتابعة تطبيق المتفق عليه في كل دولة». كما اقترح البلدان «برمجة انعقاد اللجنة المشتركة العليا للبلدين خلال هذه السنة (2012)»، مشيراً إلى أن هذا «يبقى اقتراحاً، وسيُرفع الى رئيسي الحكومتين، اللذين لن يمانعا في ذلك بالنظر الى وجود إرادة مشتركة في دفع عجلة التعاون»، مذكراً بان هذه اللجنة «لم تلتئم منذ سنة 1994». في سياق آخر، أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أمس، أنها منحت الترخيص لعشرة أحزاب سياسية جديدة بعقد مؤتمراتها التأسيسية. وجاء في بيان انه «سيتم التعجيل في معالجة ملفات تأسيس أحزاب جديدة بمجرد استكمالها من طرف الاعضاء المؤسسين، الذين تعكف مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية على الاتصال بهم». على صعيد آخر، ذكرت وكالة «فرانس برس» أن محكمة الجنايات بالجزائر قررت إرجاء محاكمة كمال جرمان احد المتهمين الرئيسيين في قضية خطف 32 سائحاً أوروبياً في الصحراء الجزائرية سنة 2003 باعتباره كان الساعد الأيمن لعبد الرزاق البارا المتهم الاول بتنفيذ عمليات الاختطاف. وأوضحت القاضية مريم جباري، أن «المحكمة قررت إرجاء قضية كمال جرمان الى الدورة الجنائية القادمة، بسبب غياب الدفاع». كما قررت المحكمة «تعيين محام تلقائي للدفاع عن المتهم».