أفادت معلومات صحافية أن فتى هولندياً يُدعى بويان سلات (19 عاماً) راودته فكرة محاربة التلوث البيئي، بينما كان يغطس في اليونان، وشاهد في الأعماق "قطعاً بلاستيكية أكثر من السمك". واستطاع سلات تشكيل فريق من 100 شخص لتنفيذ فكرته الثورية في تنظيف المحيطات من آلاف الأطنان من المواد البلاستيكية التي تلوثها. فكرة الشاب مختلفة ومميزة، ولا تشبه غيرها من المشاريع التي تهدف إلى تحسين المحيطات، من خلال جمع النفايات بواسطة سفن تجوب المحيطات، لأنها فكرة تقوم على توظيف التيارات البحرية لهذه الغاية. ويقضي هذا المشروع بتصميم ذراعين عائمتين، طول كل منهما خمسون كيلومتراً، على شكل رقم سبعة، أوعلامة النصر، مع "ستائر" بعمق ثلاثة أمتار في المياه. ووظيفة هاتين الذراعين الإمساك بالنفايات البلاستيكية. وتُوجّه فتحة الذراعين وفقاً لاتجاه التيار البحري، بطريقة تُدخل بينهما المياه، وبين الذراعين العائمتين منصة أسطوانية الشكل، قطرها 11 متراً، تجمع النفايات، وسعتها ثلاثة آلاف متر مكعب، وتُفرّغ بين الحين والآخر على متن مركب. يقول سلات، الذي شرع بتصميم فكرته مذ كان لا يزال في المدرسة، ثم علّق دراسته في هندسة الطيران للتفرّغ لهذا المشروع: "لماذا نذهب نحن إلى هذه النفايات لجمعها؟ يمكن أن نحضرها إلينا". وفي العام 2012 طرح مشروعه، آملاً التعاطي معه بجدية. واليوم أصبح مسؤولاً عن فريق مكوّن من مائة شخص، يعملون على إنجازه. ويعتزم الفريق إطلاق نموذج اختباري في السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة، وذلك بعد سنة من العمل التجريبي، ودراسة جدوى المشروع، قبل أن يُوضع النموذج الأول من الذراعين العائمتين في شمال الأطلسي. وفي مدة تمتد على عشر سنين، يستطيع الجهاز الضخم أن يجمع نصف النفايات من المحيط الأطلسي، أي أنها طريقة أسرع بآلاف المرات، وأقل كلفة، من الطرق المعتادة. وشارك في دراسة جدوى هذا المشروع سبعون خبيراً من علماء محيطات ومهندسون وقانونيون. ويقول بويان: "لحسن الحظ أنا مُحاط بأشخاص يتمتعون بخبرات ومعارف أكثر مني، فأنا ما زلت في التاسعة عشرة من عمري فقط". لكن بعض العلماء يتخوّفون من أن يؤثر هذا الجهاز على الحياة البحرية، إذ إنه سيشكل حاجزاً كبيراً في وسط المحيط، كما أن بعضهم يشير إلى صعوبة استخراج الجزيئات البلاستيكية الصغيرة، التي لا تزيد أحجامها عن بضعة ميليمترات. يقول الناشط في مجال التلوث البحري، دانيال بولن، إن الأولى هو "الذهاب إلى الأصل، إلى مجاري الأنهار التي تحمل النفايات البلاستيكية إلى المحيطات"، إذ أن تنظيف المحيطات عبثي في الوقت الذي تواصل الأنهار إلقاء النفايات فيها. ويرى بويان أن تنفيذ المشروع لا يحل المشكلة نهائياً، فهو " لن يزيل كل النفايات من المحيطات، ولن يتغيّر الحال بين ليلة وضحاها، لذا فالأمر يحتاج إلى تغيير في العقلية، وهذا المشروع ما هو إلا حلقة في سلسلة لحل مشكلة تلوث المحيطات". وباتت قضية التلوث بالمواد البلاستيكية تشغل العالم، إذ بلغت مستويات عالية، باتت تهدد السلامة البيئية للبحار. كما أنها مسؤولة عن أمراض تصيب الإنسان، منها السرطان، جراء دخولها في السلسلة الغذائية. وتتراوح هذه النفايات بين جزيئات صغيرة ونفايات كبيرة، تجمعها التيارات البحرية في المحيطات الخمس، لتشكل مساحات ضخمة، على غرار "قارة" النفايات في شمال الأطلسي، التي توازي مساحتها مساحة الهند.