موضوع هام قرأته في مجلة تايم الأمريكية في عددها ليوم 24 مارس 2014، وذلك على متن الطائرة وأنا في طريقي من القاهرة لإستانبول، حول تنظيف الأنهار بعنوان: (Sweep Our Dirty Rivers Clean)، أو ما يمكن ترجمته (اكنسوا أنهارنا المتسخة كي تنظف). حيث يتعرض تحقيق المجلة إلى ما يُرمى في الأنهار من مخلّفات وعلى رأسها المخلفات البلاستيكية التي تتسرَّب من الأنهار إلى البحار والمحيطات. إذ تضاعف ما يقذف في الأنهار والبحار والمحيطات مائة ضعف خلال فترة الأربعين سنة الماضية. *** وخطورة المخلفات البلاستيكية، كما يقول تحقيق مجلة التايم، أنها لا تفنى ولا تذوب في الماء ولا تتحلَّل، بل تطفو على السطح وتُشكِّل بقع ضخمة تُهدِّد الحياة والأحياء البحرية، كما تُهدِّد حياة الطيور التي تهبط لتقتات من الأحياء البحرية الطافية، حيث تقتل هذه المخلفات البلاستيكية ملايين الكائنات الحية في بحار العالم، وتقضي على ملايين الطيور التي تلتقط المخلفات البلاستيكية التي تتفتت إلى قطع صغيرة، اعتقادًا منها أنها طعام، ثم تقوم بإطعامها إلى صغارها فتقضي عليهم دون أن تعلم!! *** وتوصل أحد المهندسين ويدعى جيمس دايسون James Dyson إلى اختراع آلة ضخمة على هيئة سفينة صغيرة أو "بوت"، تعمل كمكنسة مائية لتنظيف سطح الأنهار من المخلفات الطافية، خاصة المخلفات البلاستيكية عن طريق فلترة filtering out هذه المخلفات بشفطها بمكنسة ضخمة إلى براميل مخصصة فوق البوت تقوم بتفتيتها وسحقها مع المخلفات الأخرى والدفع بها إلى عربات تقف على ضفة الشاطئ لنقل هذه المخلفات، وبذلك يتم التخلص منها وتنظيف الأنهار، وبالتالي تنظيف البحار والمحيطات التي تصب فيها تلك المخلفات. *** وتتم عملية تنظيف البحار وفق هذه الفكرة أو المفهوم concept على القيام بالعمليات التالية: 1) يقوم قارب التنظيف بجمع المخلفات البلاستيكية من على سطح الماء عن طريق استخدام شبكة كبيرة يقذفها القارب على جانبي ضفتي النهر حيث يقوم أنبوب أو مجرى عادم آلة الطحن بسحب المخلفات من خلالها. 2) تواجه الشباك المياه المتجهة نحو أعلى النهر (ضد التيار)، وتقوم بالتقاط المخلفات الطافية على سطح البحر. 3) المخلفات التي يتم التقاطها بالشبك سيتم تقطيعها وتفتيتها على سطح القارب (البوت) بمكائن مخصصة لذلك والقذف بها إلى فرامة تصفية cyclonic filtration تقوم بفصل المخلفات عن بعضها حسب حجمها، وإرسالها إلى محطة إعادة تدوير المخلفات recycling stations. *** مثل هذه التقنية قد تكون ضرورية للتعامل مع المشاكل التي نعاني منها في بحارنا حيث حذّر مختصون وباحثون في شؤون البيئة البحرية من تفاقم الخطر الذي يهدد البحار وتحول أزمة تلوث مياه بحر الخليج العربي والبحر الأحمر، اللذين يحدان المملكة ويشكلان نسبة كبيرة من اعتمادها على ثرواتهما ومجالهما البحري بنسبة تُقدَّر ب70 في المائة، ومن فقدان الموارد البحرية خلال الأعوام العشرة المقبلة. في كورنيش جدة، كمثال على مدى التلوث البيئي، يقذف المتنزهون بالمخلفات، وتصب المباني والمنتزهات والفنادق المقامة على الكورنيش كل مخلفاتها في البحر مباشرة. وأتوجه إلى الصديق البروفيسور علي عشقي لإعطائنا رأيه العلمي كخبير متخصص في الشؤون البيئية.. فقد يكون عنده اطلاع على مثل هذه التقنية التي ربما تساعد في كنس وتنظيف بحارنا. نافذة صغيرة: (بدلًا من الاستثمار في البحر بات يستخدم لتصريف مياه الصرف الصحي.. فهناك ما يقرب من نصف مليون متر مربع من الصرف الصحي يفرغ في البحر الأحمر يوميا، إلى جانب عمليات الحفر والردم والصرف الصناعي، ما جعل نسب التلوث تُسجّل كل ساعة بعد أن كانت تسجل سنويا) علي عشقي. [email protected]