تراهن الحكومة المغربية على زيادة حجم النمو الاقتصادي إلى 5,5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي، في مقابل 4,8 في المئة العام الماضي، إذ تأثر النمو بتداعيات الأزمات الإقليمية العربية والأوروبية، التي أفقدته نصف نقطة مئوية. وجاء في البرنامج الذي عرضته الحكومة أمام البرلمان، أن السياحة والزراعة والفوسفات والصناعات اليدوية، إضافة إلى التكنولوجيات الحديثة وتحويلات المغتربين، ستظل أهم رهانات الاقتصاد المغربي في السنوات الخمس المقبلة، يُضاف إليها تحسّن في مناخ الأعمال وجودة في الحوكمة الرشيدة، لجذب مزيد من الاستثمارات والتدفقات المالية الأجنبية، بهدف تحقيق معدلات نمو أسرع وتنمية مستدامة توفر مزيداً من فرص العمل للشباب، وتُساهم في تقليص عجز الميزان التجاري وحسابات الخزانة إلى 3 في المئة، مع استقرار التضخم على 2 في المئة، ما سيؤدي إلى تحسن معيشة السكان واتساع حجم الطبقة الوسطى وارتفاع الدخل الفردي. وأوضح رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران الذي تلا البرنامج الحكومي، أن النمو المرتقب خارج قطاع الزراعة سيكون 6 في المئة في المتوسط خلال السنوات المقبلة، وأن الحكومة ستعمل على بناء اقتصاد قوي وتنافسي منفتح على العالم، يجعل من المغرب أحد من أكبر الأسواق الناشئة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط عبر المركز المالي الدولي في الدارالبيضاء (كازابلانكا فينانس سيتي) لاستدراج الاستثمارات الدولية نحو المنطقة العربية والقارة الأفريقية. العائدات إلى ذلك، أعلن وزير السياحة الجديد لحسن حداد في تصريح إلى «الحياة»، أن المغرب يسعى إلى رفع عائدات السياحة إلى ما بين 15 و16 بليون دولار سنوياً، من خلال تنفيذ خطة «مغرب 2020» التي ستعمل على مضاعفة عدد السياح الأجانب وحركة السفر، وتأمين 470 ألف فرصة عمل جديدة في قطاع السياحة، الذي اعتبره «أول مصدر للعملة الصعبة في البلاد، قبل الفوسفات» وثاني مساهم في الناتج المحلي الإجمالي بعد الزراعة، وثالث مشغّل لليد العاملة، بعد البناء والأشغال الكبرى. وأقر الوزير بتراجع السياحة الأوروبية تحت تأثير الأزمة هناك، لكنه أشار إلى زيادة عدد السياح الآسيويين والروس والعرب والصينيين، ما يجعل السياحة تساهم سنوياً بنسبة 2 في المئة من الناتج الإجمالي عبر تنفيذ 1400 مشروع سياحي على امتداد جهات المغرب بغية تأمين 250 ألف غرفة فندقية جديدة قبل عام 2016. وأكد أن الحكومة قررت إنشاء هيئة سياحية مستقلة يشارك فيها القطاع الخاص للتغلب على التحديات التي تواجه القطاع نتيجة الأزمات الإقليمية المختلفة. وتساهم السياحة في المتوسط بنحو 9 في المئة من الناتج المحلي، وتدرّ على خزانة الدولة بين 6 و7 بلايين دولار، وهي مصدر مهم للاستثمارات الأجنبية، بخاصة العربية. ويدير صندوق استثمار سيادي مغربي - خليجي (وصال كابتال)، استثمارات تبلغ خمسة بلايين دولار، تساهم فيها صناديق سيادية من قطر والكويت والإمارات. واعتبر محللون أن رهان الحكومة المغربية على قطاعات مثل السياحة والاستثمارات الخارجية والانفتاح على الأسواق الدولية، وتطوير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والسوق الأميركية، قد تكون له فوائد جيّدة على الاقتصاد. إلى ذلك، أفادت مؤسسة «ليكونميست» الاقتصادية في الدارالبيضاء، بأن حكومة عبد الإله بن كيران تحظى بثقة 88 في المئة من مجموع المغاربة، منهم كبار رجال الأعمال والفاعلون الاقتصاديون والمستثمرون. وأشارت المؤسسة الإعلامية القريبة من التيار الفرنكفوني إلى أنها المرة الأولى التي تستند حكومة مغربية بهذا الكمّ الهائل من الدعم والثقة المسبقة. وينتظر أن يواصل البرلمان المغربي مناقشة برنامج الحكومة طيلة الأسبوع المقبل، على أن يصوت على الثقة الخميس أو الجمعة، ليُفتح الباب أمام تعديل مشروع موازنة العام الحالي، التي كانت أعدتها الحكومة السابقة وتقدر نفقاتها بنحو 300 بليون درهم مغربي (38 بليون دولار).