تدرس الحكومة المغربية خيارات جديدة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أضرّت بالإيرادات من العملات الصعبة نتيجة تدني مداخيل الصادرات وانخفاض حجم التحويلات والتدفقات المالية الخارجية والسياحة الدولية، التي تعتمد عليها لتمويل التجارة الخارجية والوفاء بالتزامات اتفاقات المناطق الحرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا والمنطقة العربية. وأفادت إحصاءات بأن الرباط خسرت نحو 20 في المئة من مجموع العائدات بالعملات الصعبة في الربع الأول من هذه السنة، بسبب انكماش الاقتصاد الأوروبي الذي تراجع الى 4 في المئة من الناتج الإجمالي، وهو يشكل أهم مصادر المغرب من التدفقات المالية والتجارة الخارجية. وأشارت إلى تراجع حجم الصادرات 30 في المئة بخسارة 1.3 بليون دولار، وتقلص عائدات السياحة 21 في المئة لتصل الى 1.1 بليون دولار، وتحويلات المغتربين 15 في المئة الى 1.2 بليون دولار. وخسر الاقتصاد المغربي نتيجة ذلك ما يزيد على 40 ألف وظيفة في الثلث الأول من هذه السنة، بمعدل 10 آلاف وظيفة شهرياً، خصوصاً في قطاعات النسيج والملابس الجاهزة وصناعة السيارات والسياحة والبناء والعقار. وسُجلت في آذار (مارس) الماضي، أكبر نسبة خسارة بمجموع 17 ألف وظيفة، وفق إحصاءات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وسُرّح بعض العاملين في القطاع الفندقي بسبب تراجع النشاط السياحي خصوصاً في مراكش اكبر مدينة سياحية في شمال إفريقيا، التي تشهد انخفاضاً في عدد الليالي السياحية وفي الطلب على العقارات الموجهة للسياح الأجانب. وكشفت مصادر في وزارة المال والاقتصاد أن الحكومة في صدد «وضع خطة جديدة لمواجهة آثار الأزمة العالمية على القطاعات المتضررة، من خلال تشجيع المغتربين على تحويل مدخراتهم الى البلد، وزيادة دعم الشركات المتعثرة في مجال التصدير، إذ تراجعت تغطية الواردات (الميزان التجاري) الى 44 في المئة مقارنة ب 52 في المئة في الفترة ذاتها من العام الماضي. وتستند الخطة إلى تشجيع استثمارات المهاجرين بنسبة 10 في المئة من حجم المشروع، وضمان تمويل يصل الى 60 في المئة يشمل اقتناء منازل وشقق في البلد من خلال قروض يمكن أن تصل الى 100 الف دولار، وخفض كلفة تحويل الأموال 50 في المئة، وإدخال تعديلات على قانون الصرف لحضّ المهاجرين على نقل أموالهم الى المغرب. وتغطي تحويلات المهاجرين في أوروبا ( 3 ملايين شخص) 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويعتمد عليها 10 في المئة من السكان. وتشمل الخطة إجراءات اجتماعية تفيد المغتربين الذين فقدوا وظائفهم في بلاد المهجر خصوصاً في إيطاليا وإسبانيا. وتتباين مؤشرات تداعيات الأزمة على الاقتصاد المغربي من مصدر الى آخر وفق قراءة المعطيات، لكن تُجمع على أن الأزمة «كبّدت الاقتصاد خسائر لا تقل عن 2 في المئة من الناتج الإجمالي، ما ينعكس سلباً على احتياط البلد من العملات الصعبة وفرص العمل، وتأجيل استكمال بعض المشاريع الاستثمارية الكبيرة التي وعدت مجموعات عربية ودولية بتنفيذها في بعض مدن المغرب، منها مشروع ابي رقرار والكورنيش في العاصمة الرباط، ومارينا الدارالبيضاء ووحدات سياحية وعقارية في مراكش وطنجة وأغادير. وفي المقابل ستحافظ الرباط على مستوى متقدم من النمو الاقتصادي هذه السنة يقدر ب 5 في المئة، يدعمها القطاع الزراعي الذي حقق أكبر محصول في تاريخه تجاوز 10 ملايين طن من الحبوب الرئيسة، تكفي لتغطية 80 في المئة من الاستهلاك الغذائي المحلي. ويحول ذلك دون هجرة قروية الى المدن كما كان يحدث في الأعوام السابقة، وتساهم الزراعة في 17 في المئة من الناتج و33 في المئة من فرص العمل. الى ذلك انُتخب المغرب للمرة الثانية عضواً في اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة خلال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في نيويورك. واللجنة هي مؤسسة دولية مكلفة بلورة النظام الإحصائي العالمي ووضع المعايير والمقاييس الإحصائية على المستويين المحلي والدولي.